العنوان هنا
تقارير 01 أبريل ، 2020

وباء فيروس كورونا المستجد: نماذج من استجابات الدول للوباء وتداعياته على الاقتصاد العالمي

وحدة الدراسات السياسية

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

مقدمة

تم تحديد فيروس كورونا المستجد، والمعروف أيضًا باسم كوفيد-19، للمرة الأولى في مدينة ووهان التابعة لإقليم خوبي في الصين أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2019. وعرّفت منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس بوصفه فصيلة كبيرة من الفيروسات التي قد تسبب المرض للإنسان، تشمل الفيروسات التي تتسبب في نزلة البرد العادية، والأخرى التي تتسبب في المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، سارس SARS-CoV الذي ظهر في عام 2002، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS-CoV التي ظهرت عام 2012. وقد تتسبب هذه الفصيلة من الفيروسات في عدد من الأمراض الحيوانية أيضًا[1].

وبداية من 11 شباط/ فبراير 2020، اصطلحت منظمة الصحة العالمية على تسمية النسخة الجديدة من هذا الفيروس باسم كوفيد-19[2]، وعرفته بوصفه مرضًا معديًا تدل عليه مجموعة من الأعراض تتمثل في الحمّى والسعال الجاف والإرهاق والصعوبة في التنفس والاحتقان في الأنف وألم في الحلق، وفي الحالات الأشد حدة، قد تتسبب العدوى في الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم، والفشل الكلوي، وحتى الوفاة. وعادةً ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتبدأ تدريجيًا، ويصاب بعض الناس بالعدوى دون أن تظهر عليهم أيّ أعراض ودون أن يشعروا بالمرض[3].

ومنذ ذلك الحين، بدأ المرض في التفشي بسرعة في العديد من دول العالم. وحتى نهاية آذار/ مارس 2020، أحصت منظمة الصحة العالمية إصابة أكثر من 800 ألف حالة؛ أغلبها في الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا والصين وإسبانيا وألمانيا وإيران وفرنسا والمملكة المتحدة وسويسرا وهولندا، فيما سجلت أكثر من 39 ألف وفاة حالة، غالبيتها الساحقة في إيطاليا وإسبانيا والصين وإيران وفرنسا[4]. وسجلت منظمة الصحة العالمية أيضًا، انتشار الفيروس في 199 دولة وإقليمًا؛ في آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، والأميركتين، إضافةً إلى دول المحيط الهادئ (أستراليا، ونيوزيلندا)[5].

وتكمن خطورة فيروس كورونا المستجد، المعروف باسم كوفيد-19 في عاملين رئيسين، هما:

أوّلًا، كونه وباءً انتقاليًا، ينتقل من شخص إلى آخر؛ إذ، يمكن أن يصاب الأشخاص بعدوى مرض كوفيد-19، بحسب منظمة الصحة العالمية، عن طريق الاحتكاك بالحاملين للفيروس[6]. ويستدعي كبح الطابع الانتقالي للفيروس، إجراءات احترازية تتعلق أساسًا بتقييد حركة الأشخاص المصابين وغير المصابين على حدّ سواء. فمن جهة، يخضع المصابون لحجر صحّي بيتي أو عيادي لمنع انتقال الفيروس؛ ومن جهة أخرى تقيّد حركة الأشخاص غير المصابين، بما في ذلك الحجر المنزلي الطوعي أو الإجباري.

ثانيًا: تحتاج الحالات المتقدّمة للإصابة بالفيروس، إلى عناية طبية خاصة، بحيث تخضع لعملية إنعاش بالاستعانة بعتادٍ طبّي متقدّم، وأجهزة تنفس اصطناعي خاصّةVentilators. وتتولى هذه الأجهزة عملية التنفس في الجسم عندما يتسبب المرض في فشل الرئتي، ما يعطي المريض الوقت لمحاربة العدوى والتعافي[7]. وتواجه الدول الأكثر تضررًا من هذا المرض كإيطاليا، ندرة في هذا النوع من الأجهزة، وسط تزايد الطلب الدولي عليها، الأمر الذي يدفع إلى المفاضلة بين حالات المرضى الأكثر قدرة على الصمود؛ كما يدفع إلى طلب المساعدة من دول مثل الصين وروسيا. وتفاديًا للوقوع في الأزمة ذاتها، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 27 آذار/ مارس، بعد أن تعرضت سياساته المتساهلة إلى نقدٍ شديد من الرأي العام والمؤسسات الصحية والخبراء، أنه سيستخدم قانون الإنتاج الدفاعي DPA لإجبار شركات كشركة جنرال موتورز على تصنيع أجهزة التنفس الاصطناعي وإعطاء هذه المهمة أولوية على أي عقود والتزامات أخرى[8].

وتحتاج مكافحة هذا الفيروس إلى جهود فوق وطنية وتعاون بين الدول وتنسيقٍ على مستوى عالٍ[9]. ويتعلّق هذا الأمر بإجراءات احترازية دولية، كغلق الحدود البرية، وتوقيف الطيران الدولي، وكذا وقف النقل البحري؛ عدا في حالات خاصّة تتعلق بإجلاء الرعايا من دول أخرى؛ والسماح بحركة السلع الاستراتيجية كالغذاء والدواء ومستلزمات الوقاية والمعدات الطبية وغيرها؛ يضاف إلى ذلك نقل المساعدات الطبية من عتاد طبّي ومستلزمات صحية. ويمكن إرجاع أسباب تفشّي المرض وانتقاله بهذه السرعة في العالم، إلى تقاعس بعض الدول في مباشرة هذه الإجراءات الاحترازية المتعلقة أساسًا بكبح حركة الأشخاص منها وإليها، وامتناع بعضها عن التعامل بشفافية مع العالم بشأن عدد الحالات وحركة الفيروس داخل إقليمها الجغرافي.



[1] "مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): أسئلة وأجوبة‏،" منظمة الصحة العالمية، شوهد في 28/3/2020، في: https://bit.ly/2w0LpP0

[2] Yan-Rong Guo et al., “The Origin, Transmission and Clinical Therapies on Coronavirus Disease 2019 (COVID-19) Outbreak – an Update on the Status,” Military Medical Research, vol. 7, no. 11 (2020), p. 2.

[3] "مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): أسئلة وأجوبة‏".

[4] “Coronavirus Disease (COVID-2019) Situation Reports,” World Health Organization, accessed on 31/3/2020, at: https://bit.ly/2WOYoOy

[5] Ibid.

[6] "مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): أسئلة وأجوبة‏".

[7] “Coronavirus: What are Ventilators and why are they Important?” BBC News, 27/3/2020, accessed on 28/3/2020, at: https://bbc.in/2xvHB8R

[8] Sara Morrison, “Trump is finally using the Defense Production Act to make ventilators. But that might not solve the problem,” VOX, 27/3/2020, accessed on 28/3/2020, at: https://bit.ly/2QRt11Y

[9] "بيان الدكتور أحمد بن سالم المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، بشأن مرض كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط"، منظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، 3/3/2020، شوهد في 28/3/ 2020، في: https://bit.ly/2JnZEQM