العنوان هنا
تحليل سياسات 06 يناير ، 2014

قضايا الطاقة والسياسة على محور أنقرة – أربيل - بغداد

الكلمات المفتاحية

عبد الحكيم خسرو جوزل


رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين. ويعمل باحثًا في مركز سرنج للبحوث واستطلاع الرأيSARENJ ، ومركز المعلومات والدراسات الإستراتيجية الكردستاني KISS. حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلّية القانون والسياسة 2011، جامعة صلاح الدين – أربيل.

مقدّمة

شهدت العلاقات بين تركيا وإقليم كردستان العراق تطورات مهمة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فالزيارة الأخيرة لمسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، إلى مدينة ديار بكر التركية في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 حملت معها دلالات واضحة على جدية الحكومة التركية في المضي قدمًا نحو بناء إستراتيجية للتعاون بين الإقليم وتركيا، وتجاوز الحالة الوظيفية الاقتصادية والأمنية إلى الصعيدين الثقافي والسياسي[1]. يأتي هذا التطور في العلاقات في ظل تحولات متسارعة في طبيعة التحالفات في الشرق الأوسط إثر ثورات الربيع العربي، والانقسام الطائفي الحاد في الملف السوريّ، والتراجع في المفاوضات بين تركيا وروسيا وأذربيجان وإيران حول خط أنابيب نابوكو، وإمكانية حلّ القضية الكردية بالطرق السلمية في تركيا، وتحسّن العلاقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية بما يشبه الهدنة قبل الانتخابات البرلمانية العراقية.

إنّ تطور الأحداث في العراق والتحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها الدولة العراقية، والحراك في المحافظات الغربية ذات الأغلبية السنية، زادت شكوك تركيا بشأن مستقبل أمن الطاقة فيها واعتمادها على بغداد في ذلك. من جهة أخرى، فإنّ استمرار النمو المتزايد للاقتصاد وصناعة الطاقة في إقليم كردستان، والاستقرار السياسي والأمني النسبي فيه مقارنة ببقية مناطق العراق، جعل الإقليم سوقًا مفتوحة للشركات التركية، بالإضافة إلى إمكانية ضمان أمن الطاقة بالاعتماد على الإقليم، بعد اقتناع أنقرة بحق الإقليم دستوريًا في إبرام العقود النفطية مع الشركات النفطية العالمية، مع إدراكها ضرورة إشراك الحكومة العراقية في العوائد النفطية وفقًا للدستور العراقي. لذلك، وجدت تركيا بأنها الأولى بالاستفادة من الاستثمارات في إقليم كردستان، ومن ثمّ، تأمين الطاقة في مجالي النفط والغاز الطبيعي.

هذا التعاون في المجالين التجاري والطاقة انعكس إيجابيًا على التعاون في العديد من الملفات التي وجدت أنقرة إمكانية لإشراك إقليم كردستان فيها، ومن أبرزها ملف حزب العمال الكردستاني وعملية السلام معه مع وجود إرادة لدى حزب العدالة والتنمية الحاكم في حل القضية الكردية في تركيا بالطرق السلمية، وكذلك ضرورة التعامل مع ملف أكراد سورية بعد الانقسام الحاد بين جناح مؤيد للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سورية وجناح مؤيد للنظام السوري.

تحاول هذه الورقة الإضاءة على تطور العلاقات بين إقليم كردستان وتركيا، وتلاحظ غلبة المصالح المشتركة على التناقضات فيها، على الرغم من أنّ هذا التعاون لا يخلو من الشك والمخاطرة من الجانبين. كما تحاول الورقة استكشاف تأثير العلاقات بين أنقرة وأربيل في الحكومة العراقية وقياس ردود أفعالها، وتسعى لتحديد موقف كل من إيران والولايات المتحدة لارتباط مصالحهما بمعظم ملفات التعاون التركي – الكردستاني.


[1] حول الزيارة انظر: "يجري مباحثات مع أردوغان بشأن الأكراد والعراق وسورية: احتفاء رسمي بالبارزاني في ديار بكر"، الجزيرة نت، 16/11/2013، في: