العنوان هنا
تقارير 16 مايو ، 2015

تقرير ندوة: "الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الإقليمية والدولية"

الكلمات المفتاحية


تقرير ندوة:
"الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الإقليمية والدولية"

 

مقدمة

يُعدّ الإعلان عن توصُّل إيران ومجموعة الدول الكبرى إلى اتفاق إطار، في لوزان، يمهّد الطريق لإبرام اتفاق نهائي، وينهي اثني عشر عامًا من الجدل بخصوص برنامج إيران النووي، تطورًا سياسيًّا مهمًّا ينطوي على تداعيات وتأثيرات كبيرة محتملة في قدرات إيران النووية، وموازين القوى في الداخل الإيراني، وعلاقات إيران الخارجية، وبخاصة مع الولايات المتحدة الأميركية، ستكون له - بطبيعة الحال - انعكاسات إقليمية لا تقلّ أهميةً عن ذلك الاتفاق المُعلن.

انتزعت إيران، بعد توقيع اتفاق الإطار، اعترافًا بحقّها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، لكنها تخلَّت عن 98% من مخزونها من اليورانيوم المخصّب، ووافقت على تفكيك أكثر من ثلثَي أجهزة الطرد المركزي لديها، وحصرت نشاط التخصيب في منشَأة نتانز، وقبلت بإعادة هيكلة المنشآت النووية الأخرى، وتحويل بعضها إلى مخابر بحثية.

وبعيدًا من تأثيرات الاتفاق في قدرات إيران النووية، فإنّ الاتفاق سيترك انعكاسات مهمّةً على موازين القوى في الداخل الإيراني. فمن المتوقع أن يؤدِّيَ الاتفاق إلى إضعاف الجناح الأكثر تشددًا في النظام الإيراني، ولا سيما أنّ جناح روحاني حظيَ بدعمٍ شعبيٍّ كبيرٍ من شرائح واسعة في المجتمع الإيراني، وبخاصة من الطبقة الوسطى المتحمسة للخروج من أوضاع العزلة، والحصار الاقتصادي، والعقوبات المفروضة؛ ما يعني احتدام الصراع بين أجنحة نظام، لها مواقف متباينة من الاتفاق، ومن الانفتاح على الغرب بوجه عامّ. وفي وقت تقترب فيه إيران من توقيع الاتفاق، تُسقط أربع حزمٍ من العقوبات الاقتصادية فُرضت عليها في مجلس الأمن بسبب الشكوك في سعيها لامتلاك سلاح نووي، وتُمهَّد سبيل تطبيع علاقاتها مع الغرب.

وتشهد علاقات طهران بالعالم العربي تأزمًا في كثير من الملفات والساحات الإقليمية، ويخشى كثيرون في المنطقة العربية أن يشجّع الاتفاق النووي إيران على سعيها لفرض هيمنتها الإقليمية وتوسيع نفوذها في العالم العربي. وقد فرض تغوّل إيران الإقليمي، وتوقيعها اتفاق الإطار في لوزان، وقائع جديدةً في الإقليم، لعل أبرزها بدْءُ عمليات عاصفة الحزم في اليمن بعد تشكيل تحالف عربي بقيادة المملكة العربية السعودية لمواجهة تمدّد جماعة أنصار الله (الحوثيين) المدعومة إيرانيًّا، ومنعها من السيطرة على اليمن. وأرست هذه الوقائع معطى جديدًا في التفكير الإستراتيجي الخليجي من جهة امتلاك زمام المبادرة، والبدء بمواجهة النفوذ الإيراني بالاعتماد على الذات، من دون الارتكاز على الاطمئنان بتدابير أمن الخليج الأميركية التقليدية، وبنسْج تحالفات أمنية وعسكرية مع قوًى ودول إقليمية مهمّة؛ مثل تركيا وباكستان.

من جهة أخرى، مثّل صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والتحالف الموضوعي الذي نشأ في إثره بين واشنطن وطهران لمحاربة هذا التنظيم في العراق، حافزًا إضافيًّا لإنهاء الخلاف بخصوص البرنامج النووي؛ لذلك يحتمل أن يؤدِّي الاتفاق إلى تعزيز التعاون العسكري الأميركي - الإيراني، من خلال الحرب ضدّ تنظيم الدولة، وسائر التنظيمات الجهادية السنّية، وهو أمرٌ بدأت مؤشراته تظهر ظهورًا جليًّا في عدّة مناطق عراقية، كان آخرها في مدينة تكريت.

وانطلاقًا من أهمية الحدث وتأثيراته المحتملة في مجمل الأوضاع والأزمات الإقليمية والمواقف العربية والدولية، عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ندوةً أكاديميةً بفندق الريتز كارلتون في الدوحة، في 11 نيسان/ أبريل 2015، شارك فيها باحثون وأكاديميون ومختصون، هم: عزمي بشارة، وعماد خدوري، وممدوح سلامة، وعبد الوهاب القصاب، وحميد دباشي، وخالد الدخيل، ومروان قبلان، وإبراهيم شرقية، وفاطمة الصمادي، وحيدر سعيد، ومحجوب الزويري، ومحمود محارب، وكاميليا انتخابي فرد، وبيرول باسكان. وقد توزّع المشاركون في أربع جلسات أكاديمية، إضافةً إلى جلسة افتتاحية في بداية المؤتمر. وناقشت الندوة اتفاق لوزان من جهة سياقه، ومضمونه التقني، وتداعياته على الداخل الإيراني وأزمات الإقليم، وانعكاساته على مستقبل العلاقات العربية الإيرانية.