العنوان هنا
تقييم حالة 21 يناير ، 2016

الخلاف الأميركي - السعودي والعلاقة مع إيران

أسامة أبو ارشيد

يعمل أسامة أبو ارشيد باحثًا غير مقيم مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وهو حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسيّة والفلسفة من جامعة لفبرة / بريطانيا، ويقيم حاليا في واشنطن في الولايات المتحدة. نشر العشرات من المقالات والدارسات باللغتين العربية والإنكليزية، كما شارك في تأليف كتابين باللغة العربية عن حركة حماس والمعاهدة الأردنية الإسرائيلية. شارك في العديد من المؤتمرات الأكاديمية، وله كتاب باللغة الإنجليزية في مرحلة الإعداد للطباعة عنوانه: "جدلية الديني والسياسي في فكر وممارسة حركة حماس" وسيصدر عن Cambridge Scholars Publishing.

مقدمة

كشف إعدام المملكة العربية السعودية لسبعةٍ وأربعين شخصًا متهمين بـ "الإرهاب"، في 2 كانون الثاني/ يناير 2016، بينهم رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، حجم التوتر الكامن في العلاقات السعودية - الأميركية، وبخاصة في ما يتعلق بالمقاربة الأميركية الجديدة نحو إيران. فالسعودية مضت في تطبيق أحكام الإعدام متجاهلة تحذيرات أميركية سابقة بأنّ إعدام النمر قد يؤدي إلى تصعيد التوتر الطائفي في المنطقة بشكل قد يعقّد كثيرًا من الملفات الملتهبة في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وفرص إيجاد حلٍ سياسي في سورية واليمن. وفي اليوم التالي للإعدام، أقدمت جماهير إيرانية غاضبة على اقتحام سفارة المملكة في طهران، ومقر قنصليتها في مدينة مشهد؛ ما أدى إلى قطع السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتبعتها في ذلك البحرين والسودان، في حين خفضت الإمارات العربية المتحدة حجم تمثيلها الدبلوماسي.

ويبدو أنّ السعودية أرادت من إعدامها للنمر - الذي تتهمه بالتحريض على الفتنة الطائفية، والدعوة إلى انفصال المنطقة الشرقية بأغلبيتها الشيعية، ثمّ مقاومة رجال الأمن عندما حاولوا القبض عليه عام 2012 - إرسال رسالةٍ مزدوجة إلى إيران والولايات المتحدة معًا، بأنه قد "طفح الكيل"، على حد تعبير مسؤول سعودي، من سياسات إيران العابثة في أمن المنطقة واستقرارها، ومن صمت الولايات المتحدة المطبق حيال تلك السياسات، وبأن السعودية لن تتردد في أخذ زمام المبادرة للتصدي للعبث الإيراني في المنطقة ودولها، حتى إن كان ذلك بعيدًا عن المظلة الأميركية. وبالفعل، فإنّ رد الفعل الأميركي الناقد للخطوة السعودية، أكد هواجس المملكة بأنّ الاعتماد المطلق على الولايات المتحدة، قد لا يكون خيارًا عمليًا بعد اليوم.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد دفعت باتجاه إنجاح اتفاق القوى الدولية مع إيران حول ملفها النووي في صيف 2015، والذي يفترض أن يحدّ من برنامجها النووي مقابل إلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية عليها، ورفع الحظر عن أكثر من 100 مليار دولار من أموالها المجمّدة، وهو الأمر الذي أثار مخاوف دول الخليج العربي من احتمال أن توظف إيران تلك الأموال في زعزعة استقرار المنطقة، خصوصًا في اليمن وسورية والعراق.