تعاظمت الضغوط على جماعة الإخوان المسلمين منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013. وبلغت هذه الضغوط ذروتها مع إعلان الحكومة المصرية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الجماعة "تنظيمًا إرهابيًّا"، بعد أن اتهمتها بالوقوف وراء تفجيرٍ استهدف مركزَ أمنٍ في المنصورة، ما أسفر عن عدد من القتلى والجرحى. ومارست مصر بعد ذلك ضغوطًا كبيرةً على بعض الأطراف العربية والدولية لملاحقة الجماعة بوصفها "تنظيمًا إرهابيًّا".
وفي مطلع آذار/ مارس 2014، قامت المملكة العربية السعودية بتصنيف الجماعة أيضًا على أنها "تنظيم إرهابي"، وذلك ضمن مجموعات وتنظيمات أخرى. وتوعَّدت بمعاقبة جميع من ينتمي إليها أو يقدِّم لها يد العون المادي أو المعنوي أو يتعاطف معها[1]. وهو الأمر نفسه الذي تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة عمليًّا تجاه الجماعة منذ انطلاق ثورات "الربيع العربي".
ولكنّ اللافت للنظر هو إعلان بريطانيا في أواخر آذار/ مارس الماضي أنّ رئيس وزرائها ديفيد كاميرون أمر أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية بالتحقيق في نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، وكذلك في مدى تحوُّل لندن إلى مركزٍ لعمليات التنظيم الدولي للجماعة [2]. وبهذا، تعدُّ بريطانيا أول دولة غربية ديمقراطية تبدي استعدادًا للتجاوب مع تلك الضغوط [3]. وعلى الرغم من ذلك، استبعد كثير من المراقبين إمكانية إخراج الجماعة عن القانون، أو إعلانها "تنظيمًا إرهابيًّا" [4]؛ وذلك لسببين: الأول، أنّ بريطانيا خبرت الإخوان المسلمين منذ نشأتهم عام 1928، وكانت مصر حينئذٍ تقبع تحت سلطة انتدابها، من دون أن تعلن الجماعة "تنظيمًا إرهابيًّا" حتى في ظل وجود معلومات تؤكِّد أنّ الإخوان قاموا بعمليات عسكرية استهدفت قواتها في مصر في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين[5]. ولا يعني هذا أنها لم تستهدف الإخوان في مصر، أو أنَّها لم تحرِّض الحكومات المصرية المتعاقبة عليهم في ظلّ النظام الملكي [6] . والثاني، أنّها أتاحت لمؤسسات عديدة مرتبطة بالإخوان المسلمين العمل في أراضيها، على الرغم من مواقفهم المناهضة لسياستها الخارجية، كما هو الشأن تجاه غزو العراق عام 2003، ولم يدفعها ذلك إلى إجراء أيّ تحقيق بشأنهم.
وبعيدًا من السياق البريطاني، ترتبط هذه الخطوة – إن كانت مقدمةً لخطوات غربية أخرى - بحق الجماعة في حرية العمل، وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، والتي سيقتصر الحديث في هذه الورقة على مقاربتها الخاصة تجاه تيارات "الإسلام السياسي" في المنطقة العربية، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
[5] Richard P. Mitchell, The Society of the Muslim Brothers (Oxford: Oxford University Press, 1993), pp. 49-60.