مقدمة
صدر التقرير عن صندوق النقد الدولي، وهو منظمة عالمية متخصصة في قضايا الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي، وأحد نشاطاتها هو تتبع تغيرّات الاقتصاد العالمي واتجاهاته، واستشراف مساراته المنظورة والبعيدة الأمد، من خلال ما يعدّه وينشره فريق من المتخصصين من دراسات معمّقة، تعتمد أحدث أساليب النمذجة والتنبؤ الاقتصادي.
وينظر صناع السياسات وقطاع الأعمال والمستثمرون وجمهور المهتمين والباحثين في العالم بعين الاهتمام إلى هذا التقرير الدوري، لأهمية ما يتضّمنه من تحليل لآخر متغيّرات الاقتصاد العالمي وتطّوراته، وحزمة السياسات والتوصيات التي يقترحها للتعامل مع الهواجس والمشكلات الاقتصادية.
وتزداد أهمية التطرق لهذا التقرير مع التغيّرات الأخيرة التي أصابت الاقتصاد العالمي في الأسابيع القليلة الماضية، والتي شهدت انخفاضًا مفاجئًا في أسعار النفط، شكًل صدمة لصانعي السياسات ومتّخذي القرارات والمحللين واللاعبين الأساسين في الاقتصاد العالمي من قطاع أعمال ومستثمرين، ولا سيما في الدول النفطية، نظرًا للانعكاسات السلبية المتوقّعة على اقتصاداتها في حال استمرار انخفاض أسعار النفط والغاز لفترة طويلة، إذ ستتهدد موازناتها المالية، وتتعرقل خططها الإنفاقية وبرامجها التنموّية. بالمقابل، تراجعت أسعار السلع الأساسية غير النفطية، وعلى رأسها الغذائية بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية، نتيجة أسباب وعوامل مختلفة. كلّ هذه التغيّرات مجتمعة إضافةً إلى مجموعة الاضطرابات الجيوسياسية التي يعيشها العالم بدءًا من الأزمة الأوكرانية، مرورًا بأزمات الشرق الأوسط المشتعلة منذ عام 2011، وبالتوجس من اندلاع نزاعات إقليمية في بحر الصين، انتهاءً بتفشي مرض إيبولا في أفريقيا، ستنعكس على نوعية الأداء الاقتصادي العالمي وكيفية وتغيّراته في المدى المنظور. انطلاقًا من هذا الباب ارتأينا أن نستعرض مفردات التقرير الرئيسة، محاولين إبراز أهم نقاطه ومناقشتها والتعقيب عليها.