العنوان هنا
تقييم حالة 26 نوفمبر ، 2023

إسرائيل والقانون الدولي الإنساني: البحث عن إجابات في ظل حرب وحشية وقانونٍ مهمش

غسان الكحلوت

باحث حاصل على الدكتوراه في دراسات الإعمار والتنمية بعد الحرب من جامعة يورك في المملكة المتحدة، وهو رئيس برنامج الماجستير في إدارة النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا. تغطي خبرته المتخصصة عقدين من الزمن، وتشمل مجالات الاستجابة الإنسانية والتعافي المبكر بعد الحرب وبناء القدرات. عمل في مواقع مهنية مختلفة، في سويسرا والمملكة المتحدة، وفي بلاد مزقتها الحروب والكوارث مثل فلسطين والعراق واليمن. كما عمل في منظمات دولية كالأمم المتحدة، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والإغاثة الإسلامية عبر العالم، والمنتدى الإنساني في المملكة المتحدة. كان عضوًا في فرق استجابة إنسانية طارئة في العراق وفلسطين وباكستان وبنغلاديش وليبيا والأردن. كما قدم دورات تدريبية عدة في مجالات العمل الإغاثي والاستجابة الإنسانية وإدارة الكوارث والتعافي المبكر بعد الحرب وإعادة الإعمار.

منى هداية

باحثة في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، وهي حاصلة على درجة الماجستير مع مرتبة الشرف في إدارة النزاع والعمل الإنساني، من معهد الدوحة للدراسات العليا. قبل انضمامها إلى كلية العلوم الإنسانية، عملت في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بين عامي 2011 و2019. وتركز أبحاثها على النزوح القسري، والسياسات والممارسات الإنسانية، وبناء السلام، مع التركيز بشكل خاص على العالم العربي. نُشرت أعمالها في عدد من المجلات ومراكز الأبحاث الرائدة في المنطقة العربية والعالم، بما في ذلك المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد أبحاث السلام في أوسلو (PRIO). صدر عام 2019 كتاباً باللغة العربية بعنوان "لاجئات: عن تكيف اللاجئات السوريات المعيلات في إسطنبول (2011-2018)". وعلى نطاق أوسع، تمتد اهتماماتها البحثية إلى تحليل الصراع، والوساطة، وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع. وباعتبارها زميلة باحثة في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، فقد ساهمت في العديد من المبادرات والمشاريع البحثية وبناء السلام. إلى جانب ذلك، شاركت في مجموعة من المؤتمرات وورش العمل حول موضوعات النزاع والسياسة والحركات الاجتماعية والعمل الإنساني.

مقدمة

"نحن نقاتل حيوانات بشرية [...] ونتصرف على هذا الأساس"، بهذا التصريح العنصري الفج، وصف وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، أهالي غزة ومقاومتها، مُحاولًا نزع صفة البشر عن أكثر من مليونين ونصف المليون من مدنيي القطاع، لتبرير ما ارتُكِب وما سيُرتَكب من جرائم وانتهاكات ضدّهم. هذه المرة كانت الانتهاكات غير مسبوقة، مع ما يزيد على عشرة آلاف شهيد، بينهم أكثر من أربعة آلاف طفل، وأكثر من 26 ألف مُصاب حتى وقت إعداد الدراسة، حيث يشكل الأطفال والنساء والمُسنّون ما نسبته حوالى 70 في المئة من الضحايا، إلى جانب تدمير الآلاف من المباني السكنية، والبنية التحتية والمدنية، بأنواعها كلها، بما في ذلك - على سبيل المثال - المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، بقصفه المستشفى المعمداني (الأهلي).

وفي هذا السياق، يبقى السؤال: أين القانون الدولي الإنساني؟ وإلى أي مدى جرى تطبيقه؟ فقد بدا واضحًا ارتكاب إسرائيل، وفقًا لتقارير وشهادات عدة، انتهاكات فاضحة لطَيفٍ واسع من الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية المتعلقة بقواعد النزاعات المسلحة، في ظل تجاهل معظم دول المجتمع الدولي، التي عمدت مؤخرًا إلى التبرير والدفاع عن تلك الانتهاكات، في مقابل أصوات خجولة من منظمات دولية وصفت أعمال الاحتلال بأنها جرائم حرب، وانتهاك للقانون الدولي، مُطالبةً بمحاكمته، وهي أصواتٌ يبدو كأنها تستدعي قانونًا نائمًا.

لا تسعى هذه الدراسة لإثبات ما هو مُثبت، إنما تحاول مناقشة مجموعة من القضايا المحورية لفهم القانون الدولي الإنساني وتوصيف حالته في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة؛ حيث تبدأ ببيان ماهيته وغاية سنّه، ثم الإجابة عن موضع حالة غزة في إطاره، لتنتقل بعدها إلى بحث أبرز الانتهاكات الإسرائيلية له خلال فترة الحرب الآنية على القطاع، لتجيب بعدها عن التساؤلات المثارة بغرض نفي الانتهاكات وتسويغها، مثل حق الدفاع عن النفس ومسألة توجيه الإنذارات قبل القصف. عقب ذلك، تلقي الدراسة الضوء على المخالفات الدولية للقانون والتقاعس في اتخاذ التدابير الممكنة لتعزيز الامتثال له.