العنوان هنا
تقييم حالة 08 فبراير ، 2023

مستقبل الآلية الأممية لإرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سورية

محمود الحسين

 باحث سوري، حاصل على شهادة الماجستير في إدارة النزاع والعمل الإنساني. عمل سنوات عديدة في مجال العمل الإنساني مع منظمات دولية عاملة في الشأن السوري. تتركز اهتماماته البحثية على دراسات ما بعد النزاع والتنمية وإعادة الإعمار.

مقدمة

في جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة بسورية في منتصف عام 2022، التي جرى فيها تجديد آلية إرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وُصفت سورية بأنها دولة في حالة "طوارئ إنسانية معقدة"؛ إذ تستمر المؤشرات الإنسانية والاقتصادية بالتدهور، حتى وصل معدل التضخم إلى 90 في المئة في ظل وجود أكثر من مليوني طفل سوري خارج المدارس، وأكثر من 12.1 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي. كما ينتشر وباء الكوليرا على نحو واسع، خاصةً في شمال غرب سورية؛ ما يزيد العبء على كاهل القطاع الصحي الهش أساسًا، في ظل ارتفاع عدد الوفيات بهذا الوباء إلى 17 حالة وفاة، حتى أواخر السنة الماضية، فضلًا عن تسجيل 512 إصابة جديدة، ليصل إجمالي عدد الحالات المُشتبه فيها في مناطق شمال غرب سورية إلى 27 ألفًا و275 حالة، وفقًا لبيان شبكة "الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة". يرافق ذلك انقطاع الدعم المالي عن مراكز طبية عدة في محافظة إدلب، حيث لم يجرِ تنفيذ سوى 43 في المئة فقط من تعهّدات المانحين، المُقدرة بـ 6.4 مليارات يورو، من مجمل التعهدات التي تمّت في مؤتمر بروكسل للمانحين في صيف 2022.

هذا الواقع أكّدته الإحصاءات الصادرة عن تقرير الاحتياجات الإنسانية للسوريين لعام 2023 Humanitarian Needs Overview الذي جاء في مقدمته: "إن الاستيقاظ من النوم بات اليوم في سورية يعني أن هناك مستقبلًا قاتمًا بانتظارك؛ إذ تواجه البلاد العديد من التحديات التي تجعلها واحدة من أكثر حالات الطوارئ الإنسانية تعقيدًا، ويتوجّب على المجتمع الدولي بأسره تقديم الحماية الفورية للمدنيين فيها". وبيّن التقرير أيضًا أن سورية خسرت 42 مرتبة على مؤشر التنمية البشرية خلال أكثر من عقد من الزمن، في حين أن عدد النازحين هو الأعلى عالميًا بسبب وجود 6.8 ملايين نازح داخليًا، فضلًا عن وجود 15.3 مليون سوري بحاجة ماسة إلى الحصول على المساعدات الإنسانية في عام 2023. ويعيش المدنيون في شمال غرب سورية، على وجه التحديد، أوضاعًا كارثية؛ إذ يبلغ عددهم 4.6 ملايين نسمة؛ منهم 4.1 ملايين محتاج، في حين يوجد 3.3 ملايين يعانون انعدام الأمن الغذائي، ووصل عدد النازحين إلى 2.9 مليون؛ منهم 1.8 مليون يعيشون في المخيمات، وسط أوضاع بائسة، تزداد قساوةً في فصل الشتاء. يترافق ذلك مع استهداف متكرر للطيران الروسي لتجمعات المدنيين في تلك المنطقة.

على الرغم من تجديد مجلس الأمن في كانون الثاني/ يناير 2023 قرار إرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال تلك المنطقة، فإن هذا القرار سينتهي بعد ستة شهور من تاريخ التجديد، وهذا يعني الحاجة مجددًا إلى استصدار قرار دولي لتجديد التفويض. لكن ثمة تهديد من مندوب روسيا في مجلس الأمن، الذي صرّح عقب تجديد القرار بالقول: "إن موسكو لن تناقش تمديد المساعدات عبر الحدود مجددًا، إذا لم يتغيّر موقف دول مجلس الأمن بشأن المساعدات عبر الحدود"، منتقدًا الآلية المتّبعة حاليًا، ومطالبًا بإرسال المساعدات عبر خطوط التماس. وهذا يعني إصرار روسيا المستمر على تسييس المساعدات والتهديد المتواصل باستخدام حق النقض "الفيتو" لتعطيل التفويض.