العنوان هنا
مراجعات 05 مايو ، 2019

نهاية التاريخ بطبعته الأميركية:

مراجعة في كتابي "نهاية النظام العالمي الأميركي" و"اللفياثان الليبرالي"

آمنة مصطفى دلة

​​أستاذة العلوم السياسية في جامعة حسيبة بن بوعلي – الشلف في الجزائر. حاصلة على شهادة الماجستير في الدراسات الإستراتيجية وتحضر لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة الجزائر. لديها عدد من الدراسات المنشورة في دوريات محكمة في قضايا الأمن والإستراتيجيا.

عنوان الكتاب الأول بلغته الأصلية: The End of American World Order.

عنوان الكتاب: نهاية النظام العالمي الأميركي.

المؤلف: أميتاف أشاريا Amitav Acharya.

دار النشر: Polity.

سنة النشر: 2018.

عدد الصفحات: 138.

عنوان الكتاب الثاني بلغته الأصلية: Liberal Leviathan: The Origins, Crisis, and Transformation of the American World Order.

عنوان الكتاب: اللفياثان الليبرالي: أصول وأزمة وتحول النظام العالمي الأميركي.

المؤلف: جون إكنبري Gilford John Ikenberry.

دار النشر: Princeton University Press.

سنة النشر: 2011.

عدد الصفحات: 372.

مقدمة

منذ أن انتُخب دونالد ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، لم يُخفِ الباحثون المهتمون بمسألة التوازنات الدولية، والسياسة الخارجية الأميركية، توجسَهم وتشاؤمهم المتزايد من حالة ومستقبل ما سمَّوه "النظام العالمي الليبرالي"؛ ذلك أن العودة الأميركية التدريجية إلى تبني الأيديولوجيا الانعزالية، وإن كانت تقليدًا تاريخيًا لطالما لجأت إليه كلما واجهت قيودًا دولية على مصالحها، يمكن أن تكون انعكاسًا لتغير عميق يشمل الفهم الدولي للقواعد والأسس الناظِمة لهذا النظام. ولعل الناظِر إلى عناوين أعمالهم الصادرة في العام نفسه، أو في العام الذي بعده، يتأكد من ذلك مرارًا، إذ اختارت مجلة فورين أفيرزForeign Affairs عنوانًا كبيرًا لعددها الخاص الصادر في شباط/ فبراير 2017، هو "خارج النظام: مستقبل النظام العالمي". ونشرت الباحثة آن ماري سلوتر مقالة بعنوان "عودة الفوضوية"، وأخيرًا كتابَي جحيم النيات الحسنة لستيفن وولت، والوهم العظيم: الأحلام الليبرالية والوقائع الدولية لجون ميرشايمر.

إن أزمة النظام العالمي الليبرالي، أو نهايته المفترضة التي تحدث عنها هؤلاء، هي في أصلها سردية أو أسطورة، بحسب تعبير جوزيف جوف، لطالما كانت حاضرة في كتابات منظري السياسة الدولية ومحلِّليها، بل ملازمة لسردية أخرى أكثر تعلقًا بالصعود والأفول الأميركيين على الساحة الدولية، ارتبطت ببعض الأحداث التي اعتبرت مفصلية بالنسبة إلى السياسة الأميركية تحديدًا، داخليًا وخارجيًا، كإطلاق السوفيات القمر الصناعي "سبوتنيك" عام 1957، والأزمة النفطية عام 1973 وفي الثمانينيات؛ مع تحول الاقتصاد الأميركي من اقتصاد صناعي إلى معلوماتي. وقد تزامنت الفترة اللاحقة لما اصطُلح عليه بـ "نهاية الحرب الباردة" مع نقاش حادٍّ آخر حول "الصعود الزئبقي للصين" ومدى انسجام ذلك، أو تعارضه، مع النظام العالمي الليبرالي، انخرط فيه - منهجيًا ومعرفيًا - مختلف منظري السياسة الدولية الذين راوحت وجهات نظرهم بين من نظر إليها بتشاؤمٍ متزايد، ومن اعتبرها فرصة لتأكيد أن حداثة واحدة لا تكفي جميع الشعوب، وأنها الفرصة السانحة لظهور نظام عالمي بديل أكثر تلبية واستجابة لمختلف الضرورات الإنسانية.

لذلك، فإن هذه السردية التي عادت للظهور مجددًا في أغلب النقاشات الدولية الحالية ستتعرض لها المقالة بالنقاش والتحليل؛ من خلال مراجعة نقدية لكتابين من أهم الكتب التي تقع على طرفي نقيض فيما يتعلق بصعود النظام العالمي وأفوله ومستقبله. فالكتاب الأول هو لجون إكنبري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة برنستون، وأحد أشد المدافعين عن الليبرالية الأممية كدعامة للنظام العالمي، أما الآخر فهو لأميتاف أشاريا، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بواشنطن، وهو من أفضل المتخصصين في شؤون جنوب شرق آسيا وآسيا، والمدافعين عن اللامركزية الغربية في التنظير الدولي، والداعين إلى أن تُؤخذ أهمية القوى الصاعدة في عملية الحوكمة العالمية في الاعتبار.

ستكون مراجعة الكتابين من خلال مقارنة واستخلاص لمقاربتَي الباحثين لثلاثة مواضيع رئيسة تقع في صلب التحليل النظمي؛ هي محددات تعريف النظام العالمي، والموقف من القوى الصاعدة (أو القوى غير التقليدية)، والتصور المقدم لمستقبل النظام العالمي الحالي. وفي الأخير ستحاول المراجعة، من خلال استعراضها لأدبيات من مختلف جغرافيات العالم وفلسفاته، الجدال بمدى إمكانية ظهور نظام عالمي بديل.


* هذه الدراسة منشورة في العدد 36 (كانون الثاني/ يناير 2019) من دورية "سياسات عربية" (الصفحات 131-138)وهي مجلة محكّمة للعلوم السياسية والعلاقات الدولية والسياسات العامة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.