العنوان هنا
دراسات 02 مايو ، 2013

إستراتيجيّات الحِجاج في المناظرة السياسيّة: مناظرة التنافس على الرّئاسة بين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند

أنور الجمعاوي

باحث تونسي، متحصّل على الجائزة العربيّة للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة لتشجيع البحث العلمي (فئة الشباب) من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة لعام 2011/2012. تحصّل على شهادة الدّراسات المعمّقة في اللّغة والآداب العربيّة من كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة بسوسة عام 2003، وذلك في اختصاص حضارة. درّس في عدد من المؤسّسات الجامعيّة التونسيّة اللّغة والحضارة والآداب العربيّة وعلم المصطلح والتّرجمة. وهو عضو في عدد من الجمعيّات والهيئات الوطنيّة والعالميّة المتخصصة في مجال المصطلحيّة والتّرجمة. نشر له العديد من المقالات والدراسات، منها: "حوسبة اللغة العربية"، مجلّة العربي (نيسان/ أبريل 2011)؛ و"العقل العربي في منعطف الألفية الثالثة"، المجلّة العربيّة (آب/ أغسطس 2011)؛ و"المدارس المختصة في علم المصطلح وحدود المقاربة العربية" في الندوة العالمية: تعلّمية لغات الاختصاص تنظيرًا وتطبيقًا(نابل: تشرين الثاني/ نوفمبر 2005).

تنطلق هذه الدراسة من فرضيّة اعتبار المناظرة السياسيّة واقعة تواصليّة، وفعلًا اجتماعيًّا حضاريًّا، وعملًا لغويًّا حِجاجيًّا تفاعليًّا بامتياز، يتأسّس على انفتاح الباثّ على المتقبّل في إطار تبادليّ للمواقف والانطباعات، وينبني على استحضار الطّرفين المتناظرين لأدوات بيانيّة، وتقنيات حِجاجيّة، ووسائل خِطابيّة توظّف لإقرار المتكلّم أو مناظره أطروحة أو فكرة أو مشروع تصوّر للإنسان والأشياء والظّواهر ونقض أطروحة أخرى. ويواكب ذلك وعي من الجانبين بمعطيات الواقع بتعقيداته المختلفة، واقتضاءات المقام بمكوّناته المتعدّدة، وعمل منه على إيقاع التأثير في المتلقّي/ الهدف قصد الخروج به من موقف تواصليّ إلى آخر؛ أي الخروج به من الحياد إلى الانحياز أو من المعارضة إلى المناصرة.

وحتّى لا يكون خطابنا موغلًا في التنظير، راسخًا في التجريد، فقد رأينا أن نصل المجرّد بالعينيّ، وذلك بأن نشتغل على إستراتيجيّات الحِجاج وآليّاته في المناظرة التاريخيّة التي وضعت نيكولا ساركوزي Nicolas Sarkozy وجهًا لوجه مع فرانسوا هولاند François Hollande، في إطار تنافس الرّجلين على الفوز برئاسة فرنسا لسنوات خمس؛ وذلك يوم الثاني من أيار / مايو 2012.

وقد حاولنا تبيّن كيفيّات انتظام الفعل الحِجاجي عند المتناظرين، ومهّدنا لذلك بضبط الإطار المفهومي للحِجاج والمناظرة السياسيّة، ثمّ تراقينا إلى إمعان النّظر في إستراتيجيّات إيراد الأفكار ودحض الآراء، وتقنيات البرهنة عند المتنافسين؛ ففصّلنا القول في أنواع الحُجج، وفي وظائف الحِجاج عند كلّ منهما، وتجاوزنا ذلك إلى توصيف خصائص اللّغة في المناظرة السياسيّة، وتحليل أبعادها الدلاليّة، والبحث في قصديّة العمل الحِجاجي والتناظر السياسي.

وقد استأنسنا في تجلية خصائص هذا الفنّ من فنون الكلام، وتبيّن آليّات اشتغاله، وفي الجمع بين مطلب التنظير ومطلب التطبيق بمبدأ تظافر المناهج، فأخذنا في مقاربة موضوع إستراتيجيّات الحِجاج في المناظرة السياسيّة، بآليّات تحليل الخطاب من ناحية، وبتقنيات القراءة المجهريّة الدّلاليّة للملفوظ من ناحية أخرى، وانتهجنا نهج الوصف والتّحليل قصد اجتناء النّتائج، وقصد تمثّل خطاب المناظرة وتفكيكه وتجلية خصائصه ودلالاته، باعتباره منجزًا لغويًّا دلاليًّا حمّالًا لخلفيّة أيديولوجيّة وقصديّة خطابيّة ومؤسّسًا على بناء حِجاجي مخصوص.

ولا ندّعي أنّنا قد استوفينا المسألة نظرًا، ولكنّها محاولة للفهم وللإفهام.