مقدمة
يبدي العديد من الاقتصاديين والمتخصصين في حزم البرامج والسياسات كثيرًا من الهواجس والمحاذير بشأن ما يتوعّد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بتنفيذه ما إن يتولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية في 20 كانون الثاني/ يناير 2025. ويبدو أنه عازمٌ على المضيِّ في تنفيذ ذلك، بل ربما يكون عازمًا على توسيع حدّة ما يتوعّد به ونطاقه. وإضافةً إلى غياب مبررات موضوعية تستدعي منه تبنّي مثل هذه البرامج والسياسات بتلك الحدّية، يرى العديد من الاقتصاديين أنها لن تأتي بالرفاه للأميركيين والمنعة للاقتصاد الأميركي، بل إنها قد تفضي إلى نقيض ذلك، وأن هذه السياسات ما هي إلا ترسيخ لمنظومة الريعية المحسوبية Corny Rentierism.
وفي الوقت الذي لم يفصح فيه ترامب عن أيِّ سياسة مباشرة تجاه البلدان المصدرة للنفط، فإنّ غالبية الإجراءات والتدابير التي يعتزم إقرارها وتنفيذها قد تؤثر سلبيًّا في المصالح الاقتصادية لهذه البلدان، وخصوصًا من حيث عوائدها من القطاع الهيدروكربوني. وقد يبدو، في أوّل وهلة، أن مخططات ترامب لدفع القطاع الهيدروكربوني الأميركي للتوسع في أنشطة استخراج النفط والغاز الطبيعي المسال قد تشكّل الهاجس الأبرز لدى صناع القرار والمعنيين لدى البلدان المصدرة للنفط والغاز، ذلك أن التحديات المرتبطة بحزم الإجراءات غير النفطية، وفي مقدمتها الإمعان في السياسات التجارية الحمائية، وخفض الإنفاق العام، وترحيل المهاجرين غير القانونيين، وتقييد الهجرة، وغير ذلك من التدابير المزمع إقرارها وتنفيذها، قد تكون هي الأسرع تأثيرًا في اقتصادات هذه البلدان.
من هنا، تحاول هذه الورقة التحليلية البحث في دوافع تبنّي ترامب لنهجه الحالي الذي يبدو أكثر شراسة وحدّة من السياسات التي انتهجها خلال فترة حكمه الأولى، وتحاول أيضًا تحليل اتجاهات تأثيراتها الاقتصادية المحتملة، فضلًا عن تأثيراتها في اقتصادات البلدان العربية المصدرة للنفط.