بعد عام من الحرب على غزة: السلاح الاقتصادي مقدمة لأهداف أوسع ضد الضفة الغربية
أوراق اقتصادية 18 نوفمبر ، 2024

بعد عام من الحرب على غزة: السلاح الاقتصادي مقدمة لأهداف أوسع ضد الضفة الغربية

حازم رحاحلة

باحث ومدير وحدة الدراسات الاقتصادية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة دارمشتات للتكنولوجيا في ألمانيا (2005). عمل مديرًا عامًّا في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في الأردن ونائبًا لرئيس مجلس الإدارة (2018-2022)، ومديرًا للسياسات والدراسات في هيئة المدن الاقتصادية في السعودية، وخبيرًا في وزارة الاقتصاد والتجارة في قطر، ومستشارًا اقتصاديًّا في الأمانة العامة للمجلس الاقتصادي الأعلى في السعودية، ومستشارًا اقتصاديًّا لوزارة المالية ووزارة العمل في الأردن، وعمل أيضًا مستشارًا في مجال إصلاح أنظمة التأمينات الاجتماعية في البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية. له العديد من الدراسات الاقتصادية المتخصصة في مجال التأمينات والحماية الاجتماعية والسياسات العامة.

مريم هاني

مساعد باحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. حاصلة على الماجستير في اقتصاديات التنمية من معهد الدوحة للدراسات العليا، وبكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية. اشتغلت في مجال تحليل الأعمال والبيانات، وتركّز في بحوثها على قضايا الأمن الغذائي والتغيير المناخي في المنطقة العربية.

مقدمة

لعل أكثر الدلالات التي يمكن استنباطها من الموجة العدوانية الأكثر تطرفًا ووحشية في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي هي درجة التبعية الاقتصادية التي رسّخها اتفاق أوسلو، المعروف رسميًا بإعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، والاتفاقات والبرتوكولات المنبثقة منه، التي جعلت إسرائيل بمنزلة جهاز التنفس الاصطناعي للاقتصاد في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث إذا ما قررت نزعه، فإنه سيجد نفسه أمام حالة من الموت السريري. فهي لم تمنع فحسب هاتين المنطقتين من تطوير الصناعات والخدمات على النحو الذي يجعلهما قادرتَين على تلبية جانب من احتياجات السكان وتشغيل طاقاتهما البشرية، بل أيضًا قيّدتهما ورهنتهما بأجهزتها ومؤسساتها والترتيبات التي تفرضها عليهما. 

فعلى سبيل المثال، يفرض اتفاق الحوالات المالية أن تمرّ جميع التحويلات المالية، سواء كانت لتمويل الواردات أو تحصيل أثمان الصادرات أو حتى لتوريد أموال السلطة الفلسطينية التي تتولى السلطات الإسرائيلية تحصيلها، وغيرها، من خلال الجهاز المصرفي الإسرائيلي وبالعملة الإسرائيلية "الشيكل"؛ ومن ثم أصبح الاتفاق لا يُستخدم أداةً للتهديد والوعيد فحسب، بل إنه أيضًا سلاح للتضييق على سكان الضفة، تمهيدًا لشنّ عدوان أكثر فتكًا، وتهيئةً لسيناريو التهجير الذي يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، بتشكيلتها الأكثر تطرفًا، تسعى لتنفيذه على نحو مدروس وممنهج.