العنوان هنا
دراسات 17 يناير ، 2011

علاقات ايران مع دول المشرق العربي ودول الخليج

الكلمات المفتاحية

طلال عتريسي

باحث لبناني في مجال علم الاجتماع حاصل على ليسانس في علم النفس من الجامعة اللبنانية ودكتوراه في علم الاجتماع التربوي من جامعة السوربون في باريس وهو منذ 1980 أستاذ علم الاجتماع التربوي وعلم النفس الاجتماعي في الجامعة اللبنانية. ترأس الدكتور طلال العديد من المؤسسات البحثية في بيروت، وهو رئيس تحرير مجلة الملف التربوي من 2000إلى 2009. للدكتور طلال عدد من المؤلفات في مجال الفكر السياسي، والمجال التربوي، كما نشرت له ثلاث قصص للأطفال، وهو مؤلف لعدد من الكتب في الشأن الإيراني.

 

من المهم الإشارة عند البحث في علاقات إيران مع الدول العربية إلى الأمور التالية:

- إن هذه العلاقات ليست واحدة. ولا يعود الأمر إلى غياب الموقف العربي الموحد فقط بل إلى المصالح المتباينة، وإلى التقدير المتفاوت لكل دولة من الدول العربية في حجم مصالحها مع إيران من جهة، وفي طبيعة مخاوفها منها من جهة ثانية.

- إننا لا يمكن أن نصف العلاقات العربية الإيرانية بالجيدة أو السيئة استنادا إلى علاقات إيران مع هذه الدولة العربية أو تلك. فهي علاقات شديدة التفاوت، من الإستراتيجية (مع سوريا)، إلى الطبيعية (مع لبنان، والأردن وسلطنة عمان والجزائر ودول أخرى)، إلى الباردة (مع السعودية)، إلى المتوترة (مع مصر). ويتغير توصيف هذه العلاقات بين مرحلة وأخرى. بحيث تتحول في فترة قصيرة البرودة إلى دفء، والتوتر إلى إشادة بأدوار إيران ومصر عندما يلتقي مسؤولو البلدين في القاهرة أو في أي مؤتمر دولي.

- لعبت عوامل داخلية إيرانية وعربية أدواراً مهمة في هذا الخط البياني من العلاقات. بالإضافة إلى تأثير لا يمكن تجاهله للعوامل الإقليمية والدولية على العلاقات بين إيران وبين الدول العربية.

- ملاحظة الفروقات بين مواقف المثقفين العرب في هذه الدولة أو تلك والتي قد تكون في كثير من الأحيان أشد قسوة تجاه إيران من مواقف وسياسات حكومات هؤلاء المثقفين. بحيث تعقد بعض الدول العربية اتقافيات أمنية او تجارية مع إيران في الوقت الذي يدعو فيه بعض المثقفين في هذه الدول إلى مواجهة إيران باعتبارها خطرا على "الأمة" أو عدوا لها.

1- بين إيران ولبنان:

مثل معظم العلاقات العربية الإيرانية لم تشهد العلاقات بين لبنان وإيران وتيرة واحدة. السمة الأبرز لهذه العلاقات أنها بدأت بعد انتصار الثورة بشكل رسمي مع لبنان. أي مع حكومته ومع المسؤولين كافة. وكانت استمرارا لتلك العلاقات قبل انتصار الثورة. أي أن الثورة لم تغير في علاقاتها الرسمية مع لبنان.

الحدثان الاستراتيجيان المهمان اللذان سيغيران في طبيعة العلاقات بين لبنان وإيران لنحو عقد من الزمن أي منذ بداية الثمانينات إلى بداية التسعينيات هما:

- الحرب العراقية-الإيرانية (1980- 1988)

- الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982

الحدث الأول: جعل أولويات إيران هي الصمود في هذه الحرب والدفاع عن نفسها. وتراجعت وساءت بسبب هذه الحرب علاقات إيران مع معظم الدول العربية، لوقوفها إلى جانب العراق ودعمها له بالوسائل كافة في هذه الحرب. وكان من الطبيعي ألا تهتم إيران كثيرا بتطوير علاقاتها الرسمية مع لبنان لغياب أي دور لها في هذه الحرب على أي مستوى من المستويات. كما كان لبنان في هذه المرحلة لا يزال يعيش مخاض الحرب الأهلية. وكانت مؤسساته الرسمية أصلا في حالة من الضعف والإنهاك.

الحدث الثاني: أي الاجتياح الإسرائيلي للبنان. قلب هذا الحدث المعادلات اللبنانية الداخلية رأسا على عقب. فقد خرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان واحتل الإسرائيليون العاصمة بيروت. لكن على مستوى آخر شجعت إيران وأفتى قائد الثورة الإمام الخميني بتشكيل مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. بعد هذا التاريخ 1982 ستتركز علاقات إيران مع القوى غير الرسمية في لبنان. أي القوى المناهضة للاحتلال. من حزب الله الذي تأسس حديثا كحركة مقاومة إلى الأحزاب اللبنانية الأخرى التي ستستقبلها طهران في زيارات عدة. كما سيستقبل مسؤولو هذه الأحزاب والمنظمات في لبنان المسؤولين الإيرانيين الذين سيأتون إلى لبنان. في هذه المرحلة كانت الدولة هي الطرف الأقل تأثيرا وفاعلية. ومع اتفاق 17 ايار ستقف ايران الى جانب القوى المناهضة لهذا الاتفاق. ما سيؤدي الى قطع العلاقات الرسمية معها.

تزامن اتفاق الطائف في لبنان مع توقف الحرب العراقية-الايرانية. وتوج هذا الاتفاق نهاية الحرب الأهلية، وبداية مسار جديد في العلاقات الايرانية-اللبنانية. فبعد هذا الاتفاق ستصبح علاقات ايران أكثر وضوحا و"ثباتا" مع لبنان الرسمي. وسيوقع لبنان عشرات الاتفاقيات مع طهران في المجالات كافة. لكن ايران ستحتفظ بعلاقاتها مع القوى والاحزاب اللبنانية، وفي مقدمتها حزب الله على مستوى الدعم بأشكاله كافة. خصوصا وان "الاحتلال الاسرائيلي كان لا يزال مستمرا" لجزء مهم من الاراضي اللبنانية. وستحافظ العلاقات اللبنانية الايرانية على المستوى نفسه من الاستقرار حتى اغتيال الرئيس الحريري عام 2005، لتتخذ السلطة في لبنان بعد الانقسام الذي حل بها مواقف متشددة من ايران تتهمها بالتدخل في شؤونه، وبالرغبة في الهيمنة على المنطقة. وما تنبغي الاشارة اليه هنا ان تلك المواقف كانت تنسجم في تلك الفترة مع مواقف "دولالاعتدال العربي" من ايران. وكانت تلك الدول تدعم فريق السلطة الحاكم (قوى الرابع عشر من آذار).

عادت العلاقات اللبنانية الايرانية الى الاستقرار مجدّداً بعد عودة التفاهم السوري اللبناني في عام 2010. وبعد تشكيل حكومة وحدة وطنية، ما سيسمح بزيارات متبادلة للمسؤلين في كلا البلدين وبتوقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة والنفط والسياحة والثقافة والتعليمو سواها. 

2- سوريا وايران:

تبدو العلاقات السورية الايرانية الأكثر ثباتا. فقد بدأت بعد انتصار الثورة مباشرة. وكان الأبرز فيها الانحياز الاستراتيجي السوري الى ايران في حربها مع العراق. وشكلت سوريا في هذه المرحلة بوابة ايران الى المنطقة العربية وخصوصا الى لبنان عبر الدعم المباشر لحزب الله. كما شكلت سوريا مع ايران نواة لما سيعرف لاحقا بمحور الممانعة الذي سيقف الى جانب حركات المقاومة في المنطقة خصوصا في لبنان وفلسطين.

ساهمت ايران في مرحلة الثمانينات في دعم سوريا خصوصا على المستويات النفطية. ويتبادل البلدان المصالح والعلاقات التجارية والاقتصادية. وهي علاقات مستقرة الى حد كبير. وقد باتت العلاقت السورية مع ايران اكثر رسوخا بعد غياب الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينات الذي كان حليفا لسوريا في مواجهة الضغوط الاميركية والاسرائيلية.

تتعاون سوريا وايران في مواجهة مشكلات وأزمات بلدان المنطقة وقضاياها. (المحكمة الدولية في لبنان، تشكيل الحكومة في العراق، المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، بالاضافة الى الدعم الثابت لحركات المقاومة). لم يبدل التباين في وجهات النظر بين البلدين تجه بعض القضايا من تحالفهم الاستراتيجي ومن ثبات هذا التحالف. وقد اصبح دور سوريا خصوصا بعد تراجع دور مصر اكثر محورية في الشرق الاوسط بفضل هذا التحالف مع ايران ومع حركات المقاومة. وقد تعرضت سوريا لمحاولات اضعاف نظامها ولمحاولات فك تحالفها مع ايران وللحصار. ولكن ذلك كله فشل في تغيير ثوابت التحالفات السورية. علما بأن سوريا لم تجعل علاقاتها مع ايران بديلا لعلاقاتها العربية. فقد حرصت دوما على دورها في جامعة الدول العربية. كما حرصت على استعادة علاقاتها مع المملكة السعودية. (مشروع التفاهم السوري-السعودي لحل أزمة القرار الظني ضد حزب الله) من دون ان يكون ذلك في الوقت نفسه على حساب علاقاتها مع ايران. على الرغم من كل المحاولات الغربية وحتى العربية للفصل بين سوريا وايران. 

3- العراق وايران:

تبدو العلاقات الايرانية- العراقية الأكثر عرضة للتساؤل والنقد بالنسبة الى الكثيرين في العالم العربي. لكن التحول الاستراتيجي الكبير الذي حصل بسقوط نظام صدام حسين عام 2003، نقل العلاقات الايرانية العراقية الى مرحلة جديدة لم تعرفها في تاريخ البلدين منذ أكثر من نصف قرن الى اليوم.

شكل العراق حاجزا استراتيجيا قويا في وجه ايران بعد انتصار الثورة، وقد اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية الاحتواء المزدوج للبلدين لمنع بروز أي قوة اقليمية في المنطقة. لكن الحرب التي استمرت ثماني سنوات، ثم الحصار الذي تعرض له العراق بعد احتلال الكويت، الى اطاحة النظام، سمح لايران بالتخلص من هذا العبء الاستراتيجي.

بحيث تحول العراق بعد سقوط نظامه الى ساحة لايران مارست من خلالها المواجهة مع الولايات المتحدة، وعملت بقوة على دعم قيام نظام موال لها، من خلال شبكة علاقات وتحالفات معقدة واسعة، بحيث لا تستعيد بأي شكل من الاشكال تجربة النظام السابق. ويكفي ان نذكر ان العراق وقع مع ايران اكثر من مئة وسبعين اتفاقية في المجالات كافة لندرك ما بلغته العلاقة بين البلدين.

 ناهيك عن التجارة على انواعها بين الشركات والمؤسسات الخاصة غير الحكومية من كلا البلدين، كما بلغ حجم التبادلات التجارية عام 2009 نحو 7 مليارات دولار. ويسعى البلدان إلى تنمية المبادلات التجارية مثل تسهيل منح تأشيرات للتجار والمستثمرين الإيرانيين.

ويتوقع أن يصبح العراق البلد الثانى الذى توقع معه طهران اتفاقية للتجار ةالحرة. كما وافق العراق على مد أنبوب لنقل الغاز الإيرانى عبر الأراضي العراقية إلى سوريا وصولاً إلى البحر الابيض المتوسط. وفى الوقت الذى تترقب فيه واشنطن تنفيذ العقوبات ضد ايران، تتوقع طهران أن تتجاوز قيمة صادراتها إلى العراق ثمانية مليارات دولار فى 2010. وتعتبر إيران الشريك التجارى الرئيسي للعراق وتعد من أكبر المستثمرين فى البلد منذ الغزو الذى قادته الولايات المتحدة وأطاح بنظام الرئيس السابق صدام حسين فى 2003.

هكذا استطاعت ايران ان تحقق نفوذا سيساسيا، واقتصاديا، وأمنيا، واسعا في العراق بحيث باتت هي الطرف الأقوى الذي ترغب الولايات المتحدة في الحوار معه بشأن مستقبل العراق، ومستقبل قواتها وجنودها فيه. كما ساهم الغياب العربي عن المعادلة العراقية والاعتماد الكلي على خطط واشنطن لمستقبل العراق ولمواجهة ايران، لمثل هذا التزايد في نفوذ ايران. بحيث باتت دول الجوار العربي الأكثر تأثيرا في ما يجري في العراق هي: ايران، وسوريا، وتركيا.

 وهذا يكشف على صعيد آخر أهمية ودور التعاون السوري-الايراني في إضعاف النفوذ الاميركي من جهة، وفي تعزيز نفوذ كلا البلدين بالتفاهم مع تركيا في كثير من قضايا المنطقة من لبنان الى فلسطين، والعراق، الى ملف ايران النووي، بعد توثيق العلاقات على معظم المستويات بين هذه البلدان الثلاثة. 

4- دول الخليج وايران:

ابرز هذه العلاقات هي بين المملكة السعودية ودولة الامارات من جهة وبين ايران من جهة ثانية. الأولى على المستوى السياسي، والثانية على المستوى الاقتصادي.

بالنسبة الى المملكة فقد تفاوتت علاقاتها مع ايران مثل معظم الدول العربية. ولا يزال الخلاف والتباين قائما في ظل "حرب باردة" بين البلدين حول الادوار ومواقع النفوذ لكل بلد. وحول ملفات المنطقة الساخنة من لبنان الى فلسطين والعراق وصولا الى اليمن. الطابع السياسي لهذا الخلاف يكمن في تعارض وجهات النظر حول هذه الملفات.

خصوصا حول المواقف مما يجري في فلسطين لجهة دعم المقاومة، او دعم التسوية والسلطة الفلسطينية. وفي العراق حول دعم الحكومة الحالية، وحول عودة المالكي او عودة علاوي. وبالاساس حول النفوذ الايراني عموما في العراق. وفي اليمن حول تأييد ايران الحوثيين، في مقابل دعم المملكة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. ولا يخفى الطابع المذهبي المباشر حينا وغير المباشر حينا آخر لهذا الخلاف. وكذلك طموحات كلا البلدين لزعامة العالم الاسلامي.

وما يزيد من المخاوف المتبادلة بين الطرفين التنامي المطرد لقدرات ايران العسكرية و برنامجها النووي من جهة، وصفقات الاسلحة السعودية مع الولايات المتحدة، وقواعد هذه الأخيرة في الخليج والتنسيق الاميركي مع المملكة من جهة ثانية. وما يختصر ذلك كله بالأمن في الخليج "ايران تريده امنا خليجيا مشتركا، ودول الخليج تريده أمنا تضمنه او تحميه الولايات المتحدة". وفي الوقت نفسه ثمة مسارات مفتوحة من البحث عن التفاهم ومن تجنب التصعيد ومن المخاوف من الفتنة المذهبية بين البلدين.

 من ذلك على سبيل المثال تأييد ايران المساعي السورية السعودية لحل الأزمة في لبنان (قرار المحكمة الظني). وامتناع ايران عن الهجوم على صفقات التسلح السعودية. واعتبار وثائق ويكيليكس "وثائق شيطانية"، بمعنى انها تهدف الى الايقاع بين الدول. وتجنب التصريحات الاستفزازية من مسؤولي البلدين،(دعوة دول مجلس التعاون في قمتهم الأخيرة في 7 كانون الأول (ديسمبر) 2010 الى حل أزمة البرنامج النووي بالطرق السلمية).

على صعيد دولة الامارات تبدو دبي العاصمة الاقتصادية، صاحبة الدور الأبرز في العلاقة مع ايران. وفي الوقت الذي يفترض فيه ان تنفذ هذه العاصمة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على ايران في حزيران 2010 ومارست الولايات المتحدة الضغوط المباشرة لتطبيق تلك العقوبات، فإن حجم التبادل التجارى بين إيران وبين دول الخليج، قد زاد مع بعض هذه الدول خلال السنوات القليلة الماضية: (الشرق الاوسط 20/2/2010).

ومرد ذلك إلى "القرب الجغرافى مع دول الخليج والأسعار المناسبة وسهولة الترخيص وقلة الضغوط بالمقارنة مع الغرب فيما يتعلق بالعملية المصرفية وسهولة التحويلات والتعاملات المالية". ويصل حجم المبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجى إلى أكثر من 12 مليار دولار فى العام، ويبلغ حجم التصدير وإعادة التصدير من دول الخليج إلى إيران حوالى 5ر8 مليار دولار، فيما تصل قيمة الصادرات الإيرانية لدول الخليج إلى مليارى دولار. (الشرق الأوسط 20/2/2010).

 حتى ان بنك الكويت المركزي دعا في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 المصارف والمؤسسات المالية الى تطبيق العقوبات على ايران. اي بعد مضي نحو أربعة اشهر على فرض مجلس الأمن لتلك العقوبات، لكن قطر دعت في الوقت نفسه "الى توثيق العلاقات مع طهران".

أصبحت دبي منذ سنوات أهم مركز للنشاطات التجارية خارج إيران. وعلاوة على موقعها الجغرافى القريب من الجمهورية الإسلامية، فإن الاقتصاد الإيراني يستفيد كثيراً من النشاط الذى تقوم به الشركات الإيرانية فى المهجر القريب. وبحسب معظم التقارير والدراسات يعيش فى دولة الامارات العربية المتحدة نحو أربعمائة ألف إيراني. ومعنى ذلك أن كل عاشر مواطن فى دولة الإمارات العربية المتحدة هو من أصل إيراني.

 وفى دبي على سبيل المثال كل رابع أو خامس شخص ينحدر من إيران. وإذا احتسبنا الجنسيات الاجنبية الأخرى من الفيليبين وباكستان والهند وسواها، لأصبح عدد الايرانيين أكبر بكثير قياساً إلى السكان الاصليين، وهذه معضلة ديمغرافية استراتيجية تعانى منها دول الخليج عموماً وتشكل أحد مصادر قلقها المستقبلى.

تأسست الشركات الايرانية في دبي قبل الثورة بسنوات طويلة. وثمة من يتحدث عن أكثر من 8000 شركة فى دولة الإمارات العربية المتحدة معظمها في دبي، التى تعتبر أفضل مكان للإيرانيين حيث يستقر فيها رجال الأعمال ويوفرون لأولادهم فرص الالتحاق بجامعات أمريكية واسترالية لها فروع فى الإمارة.

 وينفق الإيرانيون فى دبي مبالغ كبيرة، ويقدر حجم الاستثمارات الإيرانية فى الشركات والعقارات بنحو 300 مليار دولار، ما يعنى أن نسبة 15 بالمئة من العقارات فى دبي مملوكة لإيرانيين. وتسهم كل أزمة داخل إيران فى زيادة حجم الاستثمارات الإيرانية فى دبي، إذ بعد أيام قليلة على فوز محمود أحمدى نجاد بمنصب رئيس الجمهورية فى يونيو عام 2005 وصل إلى دبي 200 مليون دولار من إيران.

اذا تبدو العلاقات الاقتصادية الايرانية مع دبي قوية وراسخة على الرغم من الخلافات السياسية والأمنية الايرانية-الخليجية عموما، وعلى الرغم من الضغوط الاميركية للتقيد بالعقوبات المفروضة على ايران. ولعل هذه العلاقة الاقتصادية وهذا الحجم الكبير والمؤثر للشركات الايرانية في دبي هو الذي يمنع أي توتر بين البلدين ان يدوم طويلا.

ينبغي اذا ان نقرأ العلاقات الايرانية العربية من ابعاد عدة: اقتصادية وسياسية وامنية، ومن المواقع والمصالح المختلفة لهذا البلد او ذاك في علاقته مع ايران. فما يصح على دبي، قد لا يصح على الكويت، او على المملكة السعودية، أو على البحرين. ومخاوف هذه الأخيرة قد تكون على العكس من ذلك محل اطمئنان بالنسبة الى الكويت الذي ربما لن يسمع بعد اليوم من حكام العراق الجدد (حلفاء ايران) من يطالب بالمحافظة السابعة عشر لضمها الى العراق.

كما ينبغي ان نقرأ تطور العلاقات العربية -الايرانية في اطار التحولات التي شهدتها ايران خصوصا بعد الحرب مع العراق وبداية مرحلة اعادة الاعمار وصولا الى مرحلة احمدي نجاد التي ترافقت مع مشروع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة. ولعل احتلال العراق عام 2003 كان المتغير الاستراتيجي الأبرز بالاضافة الى نتائج الحروب الاسرائيلية على لبنان وفلسطين في 2006، و2008، و2009..التي ستبدل مشهد صعود القوى وتراجعها ومشهد المخاوف والمصالح ومستقبل العلاقات بين دول المنطقة.