سؤال القيمة: مقاربة لرصد إشكالية القيمة في فلسفة لافيل

12 يوليو،2018
المؤلفون
الكلمات المفتاحية

في كتاب سؤال القيمة: مقاربة لرصد إشكالية القيمة في فلسفة لافيل، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يؤكد الباحث الجزائري هشام بن جدو الحاجة الماسة إلى التطلع عربيًا إلى مختلف المشروعات القيمية التي حددت وجهة العقل الغربي، معرفيًا ومنهجيًا. فمن شأن هذا الانفتاح المعرفي والمنهجي تعميق الوعي العربي، وتطليق النرجسية الثقافية وحالة الانكفاء على الذات التي تحول دون فاعلية العقل العربي واندماجه في الحراك الثقافي والحضاري العالمي.

يقع هذا الكتاب (368 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. في المقدمة، يلفت الباحث الانتباه إلى قيمة فلسفة لوي لافيل ونظريته في القيمة، وإلى قيمة البراديغم أو أنموذج لافيل القيمي بأبعاده الإبيستمولوجية.

في الفصل الأول، لافيل وسؤال القيمة، يقدم مؤلف الكتاب شخص الفيلسوف لوي لافيل إلى القارئ العربي، مركزًا على أهم المحطات الفكرية التي ساهمت في بلورة شخصيته الفلسفية، والتأصيل المنهجي لسؤال القيمة من خلال التفصيل في سؤال المنهج، ليسهل على القارئ تتبّع مشروعه في القيمة ومذهب فلسفة الحضور والمشاركة. كما يتطرق إلى سؤال القيمة عند لافيل بتسليط الضوء على أهم تطورات هذا المبحث والإشكاليات القيمية التي يعالجها.

نجد في الفصل الثاني، تاريخية سؤال القيمة، تركيزًا جينيالوجيًا مدفوعًا بتصور مفاده أن الفكرة الفلسفية، على أصالتها، لا تتأسس من الفراغ؛ ففعل التفلسف ينطلق من ترسبات فلسفية يجتهد الفكر المبدع في إعادة قراءتها ثم إعادة إنتاجها. وبعد التعريف بلافيل ومبحث القيمة، يسلط بن جدو الضوء على أهم المصادر التي ساعدت لافيل في استشكال مبحث القيمة، ويعرض موقف لافيل من الأنساق الفلسفية المختلفة التي كان لها أثر في بلورة مبحث فلسفة القيم، من حيث دورها في توجيه الدراسات والبحوث في مجال القيم عبر استشكالها للإشكاليات الكبرى وإجاباتها عن الانشغالات القيمية وآليات البحث التي اعتمدتها.

في الفصل الثالث، مبادئ حكم القيمة، يعرفنا بن جدو إلى كلٍّ من القيمة من خلال علاقة التضايف بين الذاتية والموضوعية، والحوار المتجدد الذي تعقده الأنا مع العالم، وعهد الرغبة وعهد المعقول، والقيمة بين الكم والكيف، والقيمة بين الوحدة والتعدد، ووضعيات التقويم. ويعرفنا أيضًا إلى الحرية في علاقتها بالقيمة وحدود ممارسة الحرية، والحرية المسؤولة الممجدة لروح الجد، والحرية في إطار تجربة وجودية روحية تنطلق من كوجيتو القلق؛ حرية تقتضي الفعل والمشاركة، حيث تُدرك الحرية في الفعل الذي به تمارَس، وحرية متعالية ترفض منطق التشيؤ التبريري.

في الفصل الرابع، فلسفة الحضور والمشاركة، يفصّل بن جدو فلسفة الحضور والمشاركة عند لافيل بإبراز مقومات تجربة الحضور والمشاركة، مشيرًا إلى تاريخيتها، ثم خصوصيتها عند لافيل. ويتطرق الباحث أيضًا إلى الحياة الروحية وتجلّي القيمة في الوجود، وتحديد ماهية سند القيمة، الذي هو الذات الإلهية، حيث يتخذ الله في نظرية القيمة عند لافيل صورة الذكاء المحض؛ إنه الذكاء في صورة ممارسة، ضمن إطار الإله الأقنومي.

في الخاتمة، يجمع الباحث أهم نتائج دراسته هذه، ويلخص أهم الإشكاليات وكيف تناولها لافيل، إضافة إلى جملة الانتقادات التي هي بمنزلة ملاحظات أفضت إليها عملية سبر المضامين القيمية والإبيستمولوجية في مشروع لافيل، محاولًا فتح الآفاق من خلال صوغ تساؤلات تحث على الاهتمام أكثر بفلسفة لافيل؛ فيمكن من خلال ذلك بلورة البدائل القيمية التي تساهم ربما في نقد الثقافة العلموية وما انجر عنها من مأزق قيمي، وفي إيجاد البدائل القيمية التي تكرس ثقافة التواصل وتمجيد القيم الإنسانية المشتركة.

اقــرأ أيضًــا

فعاليات