عودة إلى الوطن: سيرة ذاتية ورؤية تاريخية

23 نوفمبر،2022
المؤلفون

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة ذاكرة فلسطين كتاب عودة إلى الوطن: سيرة ذاتية ورؤية تاريخية (1994–2001) للمؤلّف نبيل شعث. يقع الكتاب في 591 صفحة، ويشتمل على فهرس عام.

الكتاب سيرةٌ للسياسي الفلسطيني نبيل شعث، يغطّي فيها مراحل من مسيرته السياسية والدبلوماسية، بدءًا من العودة إلى فلسطين في أيار/ مايو 1994 بعد توقيع اتفاق غزة - أريحا في القاهرة. ويعرض فيها مرحلة نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية، فيسرد مسار عملها على الصعيدين المحلي والدولي، ومراحل بناء مؤسساتها السياسية والإدارية وتطويرها، وأجهزتها المختلفة؛ كتأسيس جهاز وزارة التخطيط وتطويره، وكذلك الجهاز الدبلوماسي الذي حقق حراكًا دوليًا، وتأسيس الصناعات المختلفة ومشاريع التنمية ومراحل تطوّرها. ويعرض الكتاب العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، ويتضمن تفاصيل لقاءات ومحادثات واتفاقات كان صاحب السيرة جزءًا منها، كما يذكر تقييمه عملية السلام ونتائجها.

يحاول شعث في مذكراته أن يجمع بين المذكرات الشخصية والرؤية التاريخية قدر المستطاع، واقتضى ذلك امتدادها على ثلاثة كتب؛ كان أولها: حياتي.. من النكبة إلى الثورة: سيرة ذاتية (2016)، وهو يغطي الفترة منذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين ونكبة شعبها في عام 1948، والحروب العربية - الإسرائيلية، مرورًا بنشأة منظمة التحرير وانطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومرحلتي الأردن ولبنان، وملحمة بيروت في عام 1982. والكتاب الثاني عنوانه: من بيروت إلى فلسطين: عملية السلام في الشرق الأوسط (2019)، وتناول ما واجهته الثورة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت؛ من مبادرة ريغان، ومذبحة صبرا وشاتيلا، والانقسام الفلسطيني، ثم استقرار القيادة الفلسطينية في تونس، والعمل على استعادة الوحدة الفلسطينية، وانطلاق الانتفاضة الأولى وآثارها، ومشروع السلام الفلسطيني، وإعلان قيام دولة فلسطين في عام 1988 .كما يُغطّي مرحلة المفاوضات والسعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بدءًا من اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، مرورًا بمؤتمر مدريد للسلام، ومفاوضات واشنطن، ومن ثم اتفاق أوسلو، انتهاءً باتفاق غزة – أريحا.

أما كتاب عودة إلى الوطن، فينطلق تحديدا من يوم عبر نبيل شعث ومن معه معبر رفح الحدودي من مصر متجها إلى غزة حيث قام بمتابعة ترتيبات تنفيذ اتفاق أوسلو. ويصف ذلك اليوم بكثير من الحماس والمشاعر "كان يوم دخولي إلى الوطن في 19 أيار/ مايو 1994 يومًا من أجمل أيام العُمر، كان ذلك عقب انسحاب القوات الإسرائيلية وإعادة انتشارها في قطاع غزة وأريحا بيوم واحد. تجسّدَتْ في يوم عودتي إلى الوطن رومانسية العودة التي بقيت في قلبي وفكري منذ غادرنا يافا إلى مصر عام 1947 وعليها ربّيت أولادي، كان ولداي، علي ورامي، يتصوّران أنّ برتقال غزة وثمار البوملي الخضراء الكبيرة من أريحا من ثمار الجنة، وكانت ابنتي رندا تتصوّر أنّ الزيتون وزيت الزيتون الذي كان يأتينا من الضفة أو من الجليل الأعلى من نتاج الجنة أيضًا".

يغطي كتاب عودة إلى الوطن مرحلة نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة وأريحا، ثم في الضفة الغربية وبناء مؤسساتها والاقتصاد الوطني الفلسطيني، والمواجهة المستمرة مع الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي، ويشرح كيف بُنيت السلطة الوطنية الفلسطينية والاقتصاد الوطني الفلسطيني، وبنيته التحتية ورموزه، وكيف بُني جهاز التخطيط الفلسطيني والجهاز الدبلوماسي. ويناقش الكتاب أخطاء السلطة الفلسطينية ولحظات فشلها ومحاولات التصحيح.

يتناول الكتاب تطبيق عملية السلام بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إسحاق رابين في غزة وأريحا، حتى اغتياله على يد متطرّف صهيوني وتولّي شمعون بيريز الحكم في إسرائيل، ثم بنيامين نتنياهو، مرورًا بعودة حزب العمل الإسرائيلي إلى الحكم بقيادة إيهود باراك، ومفاوضات كامب ديفيد عام 2000 التي أدّى فشلها إلى اندلاع انتفاضة الأقصى، وبداية مرحلة جديدة في مواجهتنا للاحتلال الصهيوني لبلادنا. مع إلقاء الضوء على التغيّرات الاستراتيجية في المنطقة والعالم وانعكاساتها على منطقتنا.

يتحدث نبيل شعث أيضا عن قناعته أن الحكم الأميركي الانفرادي الظالم لعالمنا مصيره إلى نهاية، وأننا سوف نشهد عالمًا متعدّد الأقطاب خلال الأعوام القادمة، هو بالضرورة أكثر عدالة وتوازنًا من عالم تحكمه أميركا.

على مسار الذاكرة والأحداث التي تحتفظ بها، يرسم نبيل شعث ملامح الشخصيات التي عاصرها وعايش الأحداث معها. وفي مقدمة هؤلاء القائد ياسر عرفات (أبو عمار) الذي عاش شعث الجزء الأكبر والأهم من حياته معه، وعاد معه إلى الوطن عام 1994. يقول عنه "أحببتُه وتعلّمت منه، وناضلت إلى جانبه واختلفت معه أحيانًا، إلى أن بكيته شهيدًا. ترك أبو عمار بصماته في حياتي إلى اليوم".

يلخص نبيل شعث مساره في النهاية قائلا: "عملت طوال عمري منذ سنّ العشرين، فأصبتُ أحيانًا، وأخطأتُ وفشلتُ أحيانًا أخرى، تعلّمت من أخطائي وحاولت جهدي ألا أكرّرها، لكني لم أيأس في يوم من الأيام؛ إذ عشتُ حياتي متفائلًا - وما زلت - أرى الضوء في آخر النفق، وأؤمن إيمانًا مطلقًا بعدالة قضيتنا وبإنسانية ثورتنا، وبحقّ شعبنا في أرضه وحريته ومستقبله الواعد، وبصمود شعبنا الأسطوري على أرضه المقدّسة، عاشقًا لبلادنا وكفاح شعبنا وتقديمه التضحيات من دون حساب، مدركًا أنّ أمّتنا العربية ستبقى معنا، وستشكّل في النهاية الرافعة الحقيقية لخلاصنا وانتصارنا، مثمّنًا دور كل من يقف إلى جانب قضيتنا من أنحاء العالم كلّها. لم أفقد هذا الأمل أبدًا، ولم تغبْ عني رؤية النصر القادم، ولم أشعر بالهمّ في حياتي السياسية إلا عندما كنا نخسر وحدتنا، وبقيتُ عاملًا دون كلل لتحقيق هذه الوحدة والحفاظ عليها وتنميتها في ساحة الحركة والوطن والأمة. أدرك أنّنا شعب يواجه عدوًا شرسًا يدعمه حلفاء أقوياء، وأنّ قضيتنا صعبة تتطلّب الصبر والشجاعة والحكمة، ولذلك فإنّني أطلب من الله - سبحانه وتعالى - أن يمنحني القوة والعزم لتغيير ما يمكن تغييره، والصبر على تحمّل ما لا يمكن تغييره في هذه المرحلة، والحكمة لأفرّق بينهما".

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات