(انقر على عنوان الجلسة للانتقال إلى ملخصها)
رئيس الجلسة: مروان قبلان
رئيس الجلسة: فالح الهاجري
رئيس الجلسة: حسن علي
رئيس الجلسة: خالد الجابر
رئيس الجلسة: محمد المسفر
رئيس الجلسة: برهان غليون
رئيس الجلسة: أيمن الحماد
رئيس الجلسة: عبد الوهاب الافندي
رئيس الجلسة: عماد منصور ومحمد السديري
اليوم الأول
استهلت الجلسة بمداخلة الدكتور ووبنغ بنغ بعنوان "أسس سياسة الصين وعناصرها نحو العالم العربي"، تحدّث فيها عن سياسة الصين في تحقيق الاستقرار والازدهار في العالم العربي. وهما هدفان رئيسان في المنطقة؛ فسياسة الصين، في رأيه، في العالم العربي تقوم على المصالح والمبادئ في الآن عينه. وتشمل مصالح الصين في العالم العربي ما يلي: أولًا: المصلحة الإستراتيجية الهادفة إلى تعزيز التعاون مع دول رئيسة وتنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"؛ وثانيًا: المصلحة السياسية التي تقضي بالاضطلاع بدورٍ مسؤولٍ بوصفها قوّة رئيسة وتقديم الدعم المتبادل للدول العربية بشأن قضايا جوهرية؛ وثالثًا: المصلحة المتعلّقة بموضوع الطاقة، بهدف ضمان التعاون في مجال مصادر الطاقة التقليدية والطاقة الجديدة؛ ورابعًا: المصلحة الاقتصادية التي تسعى لتسهيل التبادل التجاري والاستثمار؛ وخامسًا: المصلحة الأمنية وتهدف إلى التعاون لمواجهة التطرّف والقضاء عليه؛ وأخيرًا المصلحة الثقافية التي تكمن في تعزيز الحوار بين الحضارات والجمع بين التقاليد والحداثة. وتؤمن الصين أيضًا بالمبادئ الأساسية مثل احترام السيادة وسلامة الأراضي وعدم التدخّل والسعي إلى إيجاد حلّ سياسي وسلمي للنزاعات. ومن شأن هذه المبادئ أن تضمن الاحترام والتعاون من أجل التوصّل إلى حالة مربحة لكلٍ من الصين والعالم العربي والمساهمة في تعزيز المصالح المشتركة.
أمّا المداخلة الثانية التي قدّمها كاظم نعمة، والموسومة بـ "الوطن العربي في الإستراتيجية الصينية العليا"، فتقوم على افتراض أساسي مُقتضاه أنّ الصين لم تُطوّر إستراتيجية عليا تجاه الوطن العربي إلّا بعد أن شرعت بالظهور قوة كبرى، فبعد التغييرات الجوهرية في البيئة الدولية والإقليمية، نشرت "ورقة السياسة الصينية تجاه الوطن العربي عام 2016"، وبذلك وضعت نهايةً لهذا الجدل، وفي الآن عينه فتحت أبوابًا مشرعةً لجدل مقبل بشأن مضامين هذه العقيدة الإستراتيجية الجديدة. وذهب كاظم نعمة إلى أنّ عدم إعطاء الصين أولوية في إستراتيجيتها العليا للوطن العربي حتى وقت قريب؛ ترتّب عليه أنها جاءت غير واضحة وغير متماسكة، تغلب عليها الشمولية وعناوين طروحات صينية خالصة.
المداخلة الثالثة قدّمها ديجانج صن وكانت بعنوان "التواجد العسكري والإستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط"، وقد استهل الباحث مداخلته بالحديث عن رؤية الصين لمنطقة الشرق الأوسط على أنها "سوق" كبيرة، لذا تسللت قوتّها العسكرية إلى المنطقة لحماية مصالحها الاقتصادية الجغرافية، مثل الطاقة والاستثمار والتبادل التجاري. ويرى الباحث أنّ الصين حتى الآن لا تحتاج إلى قواعد عسكرية قويّة في الشرق الأوسط لتؤثّر في الحكومات المحلية؛ طالما تتيح العلاقات الاقتصادية الثنائية وتبعياتها العسكرية، قناة نفوذ أقوى من القواعد العسكرية. وتشمل العلاقات العسكرية بين الصين والشرق الأوسط وجودًا عسكريًا طويل الأجل مخصّصًا لهذا الغرض.
"الرؤية الصينية الجديدة للعالم: من الجيواقتصاد الى جيبوبولتيك" هي المداخلة الأخيرة في أعمال الجلسة الأولى من المؤتمر عرضها رابح زغوني، وسلّط فيها الضوء على دراسة التفاعل الثنائي بين قوّتين إستراتيجيّتين فاعلتين في العالم العربي؛ إحداهما صاعدة والأخرى تقليدية ومهيمنة، على اعتبار العالم العربي متغيرٍ تابعٍ لتأثير متغيّرين مستقلّين هما "الصعود الصيني" و"الأحادية الأميركية". ويرى الباحث أنّ زيادة قوة الصين الاقتصادية وتعاظم دورها في الشرق الأوسط، حمل معهما تحولات في الدور السياسي الصيني في المنطقة العربية التي أصبحت منطقة محورية في سياسة الصين الخارجية الجديدة، مع إدراك صانع القرار الصيني أنّ الوجود الأميركي في العالم العربي قد يكون موجّهًا ضد مصالحها، وأنه يجسّد بعض المساعي الأميركية لاحتواء الصين من العرب.
العودة إلى الأعلى
في ورقته المعنونة بـ "العلاقات العربية-الصينية والتجارة البحرية من القرن السابع إلى القرن العاشر الميلادي"، تطرّق معين صادق إلى أنّ المسلمين واجهوا على مدار تاريخهم الطويل كثيرًا من التحديثات العويصة، وفي مقدمتها كيفية ممارسة شعائرهم الدينية ممارسة صحيحة، وقد تمظهر أول إرسال للعلاقات بصفة جوهرية في عهد الخليفة الراشدي عثمان بن عفان عندما أرسل وفودًا بقيادة الصحابي سعد بن أبي وقاص إلى أباطرة أسرة تانغ الصينية الحاكمة في تشانغان، وتمكّن من بناء أول مسجد في مدينة غوانغتشو، وقد حافظ العرب خلال العصر الأموي على علاقات مستمرة مع أباطرة الصين، وشهدت العلاقات في العصر العباسي تطورًا كبيرًا خاصة في التبادل التجاري، فقد كان للعرب علاقات تجارية مع الصين من خلال الطريق البري من العراق عبر أسيا. وتشير دلائل أبزرتها مكتشفات أثرية ومصادر أولية نصية وخرائط تاريخية قديمة إلى اهتمام العرب منذ القدم بالتواصل مع الصين لأغرض تجارية أو لنقل تقنيات صناعية إلى العالم الإسلامي كما تبلور في العصر العباسي وما بعده.
من جهته، سلّط قاو يوتشن الضوء في ورقة بعنوان "العلاقات الصينية- العربية: تشاركية عبر التاريخ" على التعاون العربي الصيني والتقارب في المواقف، إذ تقيم الصين علاقات دبلوماسية مع جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وثمة تبادل تجاري ودعم ملموس متبادل بين الجانين. وذكّر يوتشن بموقف الصين الداعم للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ذلك أنّ الزعماء الصينيين السابقين قرورا إقامة العلاقات مع الدول العربية من دون إسرائيل، مع أنّ الأخيرة كانت من أوائل الدول التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية.
ضمن السياق ذاته، أشار يوتشن إلى أنّ الاهتمام الصيني بالعالم العربي يعتمد على إستراتيجية طويلة الأمد، وقد شرعت الصين في تقديم المساعدات المادية واللوجستية في القرن المنصرم إلى الدول العربية، مع أنها عانت ويلات الحصار والنمو الاقتصادي الضعيف المرافق لنمو سكاني كبير. على الجهة المقابلة، نوه يوتشن إلى أنّ الدول العربية دعمت الصين في مختلف القضايا ذات التأثير المباشر ولعل أبرزها قضية تايوان، والتيبت، وقضايا حقوق الإنسان التي حاولت الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة استمثارها ضد الصين.
وختم يوتشن بأنّ تأسيس المنتدى الصيني العربي عام 2004 ومبادرة الرئيس الصيني "الحزام والطريق" خطوة مهمة على درب توثيق العلاقات ورفع مستوى التعاون، لكنّ تفعيله بصفة مثمرة يتطلب تكثيف التبادل والزيارات على المستوى الرفيع، وتعميق التعاون في مجال الطاقة، وتوطيد التعاون على المستوى الشعبي في المجال الإنساني والثقافي، وإيجاد آليات جديدة لتفعيل القرارات والخطط ووضعها موضع التنفيذ الإجرائي.
وقدّم شمس الدين الكيلاني المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة وكانت بعنوان "إعجاب العرب بتنظيم الصينيين وحكمتهم ( العصر الوسيط)"، انطلق فيها من فرضية مفادها أنّ التفكير الإسلامي ميّز بين المجالين الرومي والزمني بما شرع الأبواب لعلاقة منفتحة مع الحضارات الأخرى انطلاقًا من الآية الكريمة "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا". وأشار الكيلاني إلى أنّ نظرة العرب إلى الصين في العصر الوسيط كانت نظرة إعجاب خاصة في ما يتعلق بتنظيم الدولة، والبناء السياسي، والحرف الدقيقة. ولتأكيد هذه النظرة التبجيلية استحضر الكيلاني كتابات أبي حيان التوحيدي والجاحظ وكذلك القزويني، قبل أن يتوقف عند اهتمام المؤرخين والرحالة العرب مثل ابن بطوطة والغرناطي بدراسة الصين ونقل تجربتها في بناء الدولة والعلوم والحرف إلى العالم الإسلامي.
ركّز الباحث لورنس برام في ورقته "'الحزام الواحد والطريق الواحد' و'الإجماع الجديد'" على التغيرات المالية في النظام العالمي. فقد أوضح أنّ الصين تولّت زمام القيادة في ظلّ التغيرات الكبيرة التي تهزّ النظام المالي العامّ. كما يبين صعود الصين أنّ التحدّيات العالمية تتطلّب حلولًا محليّةً. وبينّ الباحث أنّ اقتصادات بلدان "الجنوب" ذات النموّ السريع تنتمي إلى تقليد فلسفي مختلف عن التقليد الذي تعتمده مجموعة البلدان الثماني. فالاستدامة بالنسبة إليها، ليست بالأمر الجديد؛ إذ إنّ الصين، اليوم، باتت تقدّم خبرةً عمليةً مترافقةً مع رأسمالها بعد أن قضت على الفقر، وبدأت تعيش الازدهار. وانبثق نظام ماليّ جديد يعزّز صلابة بلدان "الجنوب" وشعوبها التي تتبنّى الفلسفة البراغماتية والتنوّع المحلّي، مقابل كتلة محدّدة لمراكز النفوذ تعتنق الأيديولوجيا نفسها وتتبنّى عولمةً أحاديةً. ويرى الباحث أنّ أنظمة البنية التحتية والربط والطاقة المتجدّدة والرعاية الصحية التي جرى استثمارها في جميع أنحاء آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وصولًا إلى بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا، إحياءٌ لما كان يُعرف بطريق الحرير. ومن ثمّ، ستؤدي هذه الاستثمارات إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والأمن أكثر ممّا تقوم به سلطة معيّنة تفضّل قصف المدارس بطائرات من دون طيّار.
أمّا الباحث جوناثان فولتون، فقد تناول موقع الخليج العربي في مشروع الحزام الواحد؛ وذلك في ورقته "مشروع 'الحزام الواحد والطريق الواحد' الصيني ومجلس التعاون الخليجي"؛ إذ تشكّل دول مجلس التعاون الخليجي محورًا أساسيًّا في مبادرة "الحزام الواحد والطريق الواحد"، فموقعها الجغرافي الإستراتيجي يربط الصين بالأسواق الشرق أوسطية والأفريقية والأوروبية. أمّا احتياطات الهيدروكربون الكبيرة لديها، فهي عامل مهمّ في الدفع قدمًا بالمشاريع الإنمائية التي تشمل مبادرة "الحزام الواحد والطريق الواحد". ومن المتوقّع أن يتطوّر التعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، في وقت تتوسّع فيه نشاطات الصين عبر المحيط الهندي. وفي الوقت عينِه، تعتمد مبادرة "الحزام الواحد والطريق الواحد" على العلاقات الثنائية التي عملت الصين والأنظمة الملكية الخليجية على تطويرها على مرّ العقود، وهي تشتمل على مروحة من المصالح تغطي التبادلات التجارية والسياسية والأمنية والثقافية.
في الورقة الثالثة، تطرق الباحث أيمن الحماد - من خلال مدخل ثقافي - إلى موضوع "مبادرة طريق الحرير وآفاق الاتصال الثقافي: العوائق والصعوبات". وأوضح الباحث أنّ مبادرة بناء "الحزام والطريق" قوامها ومحورها التعاون الاقتصادي الذي يتخذ التواصل الإنساني والثقافي دعامةً مهمّةً له، وإذا ما تمّ التسليم بهذا الطرح البراغماتي الذي يدعمه، من دون شكّ، السلوك السلمي للصين سواء في محيطها الإقليمي أو الدولي، والذي تحاول الولايات المتحدة الأميركية شيطنته من خلال دعم مناهضي الصين في "الباسفيك"، فإنه من الضروري المجادلة في قدرة بكين، أو عدمها، على رفْد مشروعها التنموي العالمي من البوابة الإنسانية والثقافية الأكثر أهميةً واستدامةً من أيّ خطوات أخرى.
اختتمت الجلسة الثالثة بورقة "تجربة الصين وتجربة العرب في التنمية الاقتصادية" التي قدمها الباحث سمير سعيفان. وقد ركّز الباحث على تجربة الصين في التنمية الاقتصادية لكونها التجربة التنموية الأبرز خلال الخمسين سنةً الأخيرة؛ إذ استطاعت خلال قفزة ماو تسي تونغ الكبرى خلال الفترة 1949 - 1976 أن تنهض من الجوع إلى الفقر، كما استطاعت أن تقفز أثناء فترة الإصلاح بعد سنة 1978 من الفقر إلى الغنى، وأن يقفز ناتجها المحلّي الإجمالي من نحو 6% من ناتج الولايات المتحدة إلى ما يزيد على 60% منه عام 2015، وأن تتحول إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم بفارق كبير بينها وبين اليابان التي تأتي بعدها. وفي المقابل، أوضح الباحث أنّ العرب لم يحققوا تجربةً تنمويةً تستحق الذكر، على الرغم من أنهم كانوا أثناء انطلاقة الصين يتقدمون عليها تنمويًا. وعلى الرغم من امتلاكهم فوائض ماليةً وقوًى بشريةً، فإنهم لم ينجحوا في استثمارها على النحو الأمثل، ومازالت جميع البلدان العربية تعاني التبعية على نحوٍ أو آخر، بغضّ النظر عن مستوى متوسط دخل الفرد فيها، وبناءً على ما تقدّم، تسعى الدراسة لاستخلاص أهمّ دروس تجربة الصين التنموية، مقابل أهمّ دروس التجربة العربية في التنمية، مع نظرة إلى المستقبل.
بدأت الجلسة الرابعة من فعاليات مؤتمر العرب والصين: "قراءة في العلاقات الصينية – الخليجية"، وقد ترأسها الباحث خالد الجابر. وقدّم المداخلة الأولى تموثي نبلوك، وهي بعنوان: "موقع مجلس التعاون الخليجي من الدور الصيني المتحول في آسيا"، عادًّا أنّ الصين، اليوم، هي الشريك التجاري الأكبر في منطقة الخليج، وأنها تتبوّأ المرتبة الثانية، بعد الاتحاد الأوروبي، في ما يتعلق بالتجارة في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أنه من المرجح أن تتفوق الصين على الاتحاد الأوروبي خلال السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة في هذا المجال.
وقدّم الباحث محمد السديري مداخلةً بعنوان "العلاقات الصينية - السعودية: الحاجة إلى مقاربة جديدة؟"؛ إذ سعى لتقديم تقويم عامّ للواقع الراهن بشأن العلاقات التي تربط بين الصين والسعودية، كما عمد إلى تسليط الضوء على بعض أوجه القيود الهيكلية والمنطقية المعيارية التي تعوق تجاوز طابعها المحصور في التبادل التجاري، والتي تحول دون اكتسابها بعدًا أكثر إستراتيجيةً، وهذا يحتّم تناول مشكلة تكاملية ديناميّة الطاقة والاقتصاد السائدة، ودراسة أثر المحور الصيني - الغربي في الخليج، وبحث الموقف الإيراني ضمن الإستراتيجية الصينية، فضلًا عن تزايد المخاوف من التأثير الفكري المفترض للملكة العربية السعودية في الجماعات الإسلامية المختلفة في الصين.
أمّا الباحث حسن علي، فقدّم مداخلةً بعنوان "استخدام نموذج العرض غير المحدود للعمل: مقارنة بين التجربتين الصينية والخليجية". وبحسب رأيه، لا يوجد اقتصاد في العالم ينمو في الوقت الراهن بمعدلات مشابهة لمعدلات نموّ "التنين الصيني" غير اقتصاديات مجلس الخليج العربي. وهذا التشابه لا يقتصر على معدلات النمو فحسب، بل إنه يشتمل أيضًا على آلياته، وعلى النموذج الاقتصادي الذي تمّ اتباعه وتأسيسه. وعلى الرغم من أنّ نموذج العرض غير المحدود من العمالة لآرثر لويس يعتمد على انتقال/ هجرة العمالة من الريف إلى الحضر (وهذا ما اعتمد عليه الاقتصاد الصيني في النمو)، فإنّ الاقتصاد الخليجي اعتمد على العرض غير المحدود من العمالة المستوردة من مختلف دول العالم.
وأمّا الباحثان حامد العبد لله وحسن جوهر، فقدّما مداخلةً بعنوان "العلاقات الكويتية - الصينية: دور الإعلام والدبلوماسية الناعمة في تنمية المصالح المشتركة"، عادَّين الصين قوةً أساسيةً وفاعلةً على الساحة الدولية، وأنّ دورها في السنوات الأخيرة قد تزايد؛ بالنظر إلى عوامل عديدة، منها نموها الاقتصادي وثقلها السياسي والعسكري والتاريخي، إضافةً إلى انهيار مفهوم القطب الحاكم الواحد على مستوى السياسة الدولية. ولكن إذا كانت الصين تحظى بعلاقات تاريخية جيدة مع العالم العربي، فإنّ موقفها من أحداث الربيع العربي رأت فيه بعض الدول العربية وقوى المعارضة موقفًا سلبيًّا أو محايدًا.
قدّم الصحافي عزت شحرور المقيم في الصين، منذ ثلاثة عقود، شهادةً عن تجربته الشخصية في معايشته ومراقبته لتحولات الرأي العامّ الصيني تجاه العرب والصراع العربي – الإسرائيلي. واهتمّ شحرور بانعكاس التطور في العلاقات الصينية - الإسرائيلية على موقف النخب الأكاديمية والثقافية الصينية وشريحة واسعة من الشباب، ويظهر ذلك التحول، على نحوٍ واضح، في وسائل الإعلام الرسمية الصينية ووسائل التواصل الاجتماعي. ففي وقت تنشط فيه حملات المقاطعة لإسرائيل، اقتصاديًا وأكاديميًا وثقافيًا وعسكريًا، في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، نجد النقيض في الصين؛ من جهة قوة العلاقات والتأييد والإعجاب بالنموذج الإسرائيلي، وارتباط ذلك بموجة من العداء للمسلمين والعرب وأسلوب خارج عن اللياقة والأخلاق، بل إنّ الأمر يصل إلى استخدام عبارات عنصرية ضدّ الفلسطينيين حتى في اعتداءات إسرائيل عليهم.
وقدّم الباحث محمود محارب ورقةً بحثيةً بعنوان "العلاقات الإسرائيلية – الصينية بعد إنتهاء الحرب الباردة". وقد عالج الباحث فيها العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية التي تطورت بين الدولتين في العقدين الماضيين ونيّفٍ. وأوضح أنّ إسرائيل لطالما حاولت تسويق عدد من المفاهيم في علاقاتها مع الصين. ويأتي في مقدّمة هذه المفاهيم، ولا سيما منذ بدء الثورات العربية، أنّ إسرائيل دولة مستقرة لا تتعرض لثورات تُهدد استقرارها، وأنّ لديها القوة الكامنة للمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وأنها دولة متطورة اقتصاديًا وصناعيًا، وخصوصًا في التكنولوجيا المتطورة؛ سواء المرتبطة منها بالصناعات السلمية أو بالصناعات الأمنية - العسكرية، وأنها تحظى بعلاقات متينة ومتميزة مع الولايات المتحدة الأميركية.
أمّا الباحث منصور هويوشانغ، فقد قدم ورقةً بحثيةً من منظور صيني بعنوان "دور الصين في عملية السلام في الشرق الأوسط في ظل مبادرة الحزام والطريق". قدّم هويوشانغ عرضًا تاريخيًا لعلاقة الصين بالصراع العربي - الإسرائيلي. وبيّن الباحث أنّ الحكومة الصينية تُعوّل في التعاون العربي الصيني على قضايا اقتصادية وتجارية تتركّز في تطوير فكرة مبادرة الحزام والطريق. وبحسب رأيه، بما أنّ الصين طرفٌ مهمّ في المجتمع الدولي، فإنّ مشاركتها في إدارة الشؤون العالمية ومن ضمنها الصراع العربي – الإسرائيلي أصبحت معيارًا لتصف دول العالم الصينَ بأنها "قوة مسؤولة". وعَدّ الصين مرشحةً لأداء دور الوسيط في الصراع العربي الإسرائيلي؛ لأنها طرف محايد، وليست لها نزاعات مع أيّ طرف من الأطراف.
قدّم الباحث جن ليانغ شيانغ المداخلة الأولى بعنوان: "السياسة الصينية تجاه العالم العربي في سياق إقليمي متغير"، عادًّا أنّ هناك تصنيفين بشأن الأدوار التي تؤديها الصين في منطقة الشرق الأوسط. ففي حين ترى الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي في الصين دولةً متطفلةً، تؤاخذ دول الشرق الأوسط الصين بأنها تسعى لتحقيق الربح التجاري فحسب. غير أنّ المقولتين لا تستندان إلى أُسس صلبة، فالولايات المتحدة مستاءة من الصين لأنّها غير مستعدة لأنْ تشارك معها في تدخلاتها العسكرية ضمن هيكليتها الأمنية، في حين تشعر دول الشرق الأوسط بالإحباط، لأنّ الصين غير قادرة على موازنة الهيمنة الأميركية في المنطقة، على الرغم من اتفاقها مع الولايات المتحدة في بعض المسائل، على أنّ الصين اضطلعت بدور مسؤول وبنَّاء في المنطقة خلال العقد الأخير. فقد كانت مساهمًا اقتصاديًا ووسيطًا يتفادى لفْت الأنظار، وهي توفر باعتدال المرافق الأمنية العامة. وفي المستقبل ستتّسم سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط بالثبات والتنمية في آنٍ واحد. أمّا على صعيد التنمية، فمن المؤكد أنّ الصين ستعزز علاقاتها بدول المنطقة ولن تقتصر في ذلك على الطاقة، وأنّها ستعزز أيضًا علاقاتها بدول المنطقة بطريقة أكثر شموليةً، خلافًا للقوى العظمى الأخرى. إنّ الصين لا تسعى للبحث عن تحالف مع دول الشرق الأوسط، كما أنها لا ترغب في إنشاء علاقات بالوكالة معها.
أمّا الباحثة أي وي جنيفير شانغ، فجاءت مداخلتها بعنوان "السياسة الصينية إزاء الصراع في سورية"، وقد تطرقت في هذه المداخلة إلى أنّ الصراع في سورية يمثّل أحد التحديات الأكثر إلحاحًا على الصعيدين الأمني والإنساني التي تواجه العالم العربي في الوقت الراهن. وتواجه الصين اليوم تحدّي الصراع في سورية في وقتٍ توسّع فيه نشاطها الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والمسرح الدولي، وهي تتبوأ موقعًا فريدًا يخوّلها الإعلان عن سياساتها وأهدافها في ما يتعلق بالصراع السوري؛ ذلك أنها تسعى للاضطلاع بمسؤولياتها الدولية بوصفها قوةً صاعدةً تجهد لحماية مصالحها القومية، إضافةً إلى إدارتها مجموعةً معقدةً من العلاقات تربطها بالقوى الأساسية. كما ناقشت الباحثة تطور السلوكيات السياسية الصينية بشأن الصراع في سورية على مدى السنوات الخمس الماضية، وسلّطت الضوء على حسابات بكين الكامنة وراء تصويتها على قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن سورية وإدارتها علاقاتها بالقوى الأساسية الأخرى، والمبادرات الدبلوماسية التي قد تحقق تسويةً سياسيةً.
وأمّا الباحثة جي وانغ، فقدّمت مداخلةً بعنوان "العلاقات الصينية - الليبية في حقبة ما بعد الجماهيرية وسياسة استكشاف الأسواق الخارجية"، واستعرضت في مداخلتها، طبيعة العلاقات الصينية - الليبية في القرن العشرين وجمودها؛ من خلال استقصاء ميزات العلاقات الثنائية ضمن سياق أوسع لموضوع العلاقة الصينية - العربية، ثم بحثت موضوع الشركات المملوكة للدولة وأصحاب الأعمال الحرة. واقتفت مسار التقلبات التي مرّوا بها عند استكشافهم الأسواق الليبية خلال السنوات الأربع الأخيرة في حكم القذافي. كما حلّلت الباحثة كيفية تأقلم المؤسسات الحكومية وأصحاب الأعمال مع وسط تجاري محلّي متقلّب، في وقت كانوا فيه يعملون على إنشاء شبكة مجتمعية مترابطة تمثّل آلية استجابةٍ. ثمّ تطرقت الباحثة إلى رفض الحكومة الصينية التدخل في ليبيا في السنوات الخمس الأخيرة، عندما كانت في خضمّ عملية إعادة توزيع السلطة السياسية. وناقشت عدّة تحديات أساسية تواجه بناء العلاقات الصينية - الليبية في المستقبل القريب مع تشخيصٍ أوّلي لأيّ تدفّق صيني مُقبلٍ في ليبيا.
قدم الباحث منوشهر دراج ورقة بعنوان: "علاقات الصين مع إيران والسعودية: محاولة إنشاء توازن دقيق"، تطرق فيه إلى العوامل التي أدت إلى توسيع رقعة نفوذ الصين وتكريس وجودها في منطقة الشرق الأوسط ويشيد بالذكر منها: أنّ معدل النموّ المهمّ الذي حققته الصين منذ عام 1976، والذي راوح بين 6 و 10 في المئة، وثانيًا: أدى تراجع النفوذ الأمريكي والأوروبي في المنطقة وقد تسارعت وتيرته بعد اجتياح الولايات المتحدة الأميركية العراق عام 2003 إلى فراغ في المنطقة أتاح للصين فيها ومما سهل عملية دخول الصين المنطقة أنها لا تملك تاريخًا استعماريًا، ولا تهين بسياساتها القائمة على احترام السيادة وعدم تدخل أي طرف، فضلًا عن علاقاتها الاقتصادية المربحة لكل الأطراف وذلك في منطقة يسود فيها شعور قوي مناهض للاستعمار، وثالثًا: تسمح الأصول المالية الضخمة التي تملكها الصين مقارنة بالعجز الأميركي الكبير، بتوفير الاستثمارات والقروض للمنطقة، إضافة إلى تزويد هذه المنطقة الغنية بالطاقة بأسواق مربحة للتجارة والتصدير. أمّا الباحث تغرل كشكن فقدم مداخلة عنوانها: "العلاقات الصينية التركية والصعود القومي للإيغور" وتطرق من خلالها إلى مسألة قومية الإيغور على أنها من أهم العوامل التي تتحكم في العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية بين البلدين.
أمّا الباحث سعيد شفقت فقدم مداخلة بعنوان: "تأثير صعود الصين في مثلث الخليج وإيران وباكستان"، وركّز في مداخلته على تكيف دول الخليج وباكستان وإيران على نحو خاص، والهند بوجه عام، مع نهوض الصين. وتناول الباحث جورج جياوزيو تداعيات تحول الإستراتيجية العالمية للولايات المتحدة الأميركية على العلاقات الصينية الخليجية. وتطرق إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني إلى كل من المملكة العربية السعودية وإيران، وعلاقتها بالسياسة الخارجية الحالية للرئيس الأميركي أوباما، والتي توحي بمستوى من فك الارتباط بالشرق الأوسط. كما ناقش رؤية الصين لموقعها الإستراتيجي في منطقة الخليج بخاصة في ما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة.
قدمت الباحثة ابتسام عبد ياس ورقة بعنوان "توجهات السياسة الصينية حيال العراق بعد 2003" رصدت فيها الباحثة السياسة الصينية تجاه العراق بعد الاحتلال الأميركي، عام 2003، إذ أخذت طابعًا متّصفًا بمعايشة الوضع العراقي، والدعوة إلى الجنوح للسّلم وتغليب الحلّ السياسي واتخاذ إجراءات سياسية تلائم هذه المرحلةَ المملوءة تقلّباتٍ. لذا، كان لزامًا عليها العمل على الوقاية من مخاطرها والتمسك بالفرص على خير وجه، بناءً على إدراكها لردّات الفعل الأميركية المحتملة تجاه سياستها في العراق ودورها في الشرق الأوسط، نظرًا إلى ما تمثّله هذه المنطقة من دور مهمّ في الإستراتيجية الأميركية. ومن خلال تحليل السلوك الصيني، يتبين أنها غير مستعدّة للتخلّي عن علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، مقابل دورٍ محدود ومعارض للهيمنة الأميركية.
وقدم الباحث محمود زكريا إبراهيم مداخلة بعنوان: "العلاقات المصرية – الصينية منذ انتهاء الحرب البادرة" منطلقًا من افتراض أنّ الصين تُعدّ بمنزلة إحدى أبرز القوى الكبرى في إطار النظام الدولي المعاصر، ولا سيما منذ انتهاء الحرب الباردة، والاهتمام الصيني القويّ والمتنامي تجاه القارة الأفريقية بصفة عامة، وخصوصًا في ضوء تبنّي الرئيس الصيني الأسبق جيانج زيمن Jiang Zemin سياسية إعادة الانخراط نحو القارة الأفريقية، وتبنّي الصين سياسةً جديدةً نحو القارة الأفريقية عام 2006، وهي سياسة وضعت مجموعةً من المبادئ والأهداف الحاكمة لعلاقة الصين بأفريقيا. وخلص إلى أنّ العلاقات المصرية – الصينية حظيت بقدر كبير من الاستمرارية والثبات، منذ بداية نشأتها في منتصف العقد الخامس من القرن العشرين. فقد عكست هذه العلاقات البينيّة حالةً من كثافة أنماط التفاعلات التعاونية المختلفة الناظمة لجوهر العلاقات المتبادلة بين الطرفين وواقعها. وعلى الرغم من تغيّر الأوضاع الدولية والإقليمية منذ انتهاء الحرب الباردة، فإنّ العلاقات البينية المصرية – الصينية اتسمت بالتطور الإيجابي والازدهار في جميع المستويات.
حاولت الورقة الثالثة البحث في إستراتيجيات بكين في الجزائر، وقدمتها الباحثة أسماء بن مشيرح بعنوان "إستراتيجيات التغلغل الصيني في الجزائر : دراسة في الآليات والرهانات المستقبلية"، وتُعدّ الصين من الدول التي بدأت بالصعود سلميًّا إلى القطبية الدولية مستخدمة قوتها الناعمة Soft Power، في منافسة الولايات المتحدة الأميركية والدول الكبرى في الأقاليم ذات الأهمية الإستراتيجية؛ كأفريقيا عمومًا، والجزائر بصفة خاصة. فالنموذج الصيني للصعود خلق نوعًا من التغلغل في العالم من خلال قوتها الناعمة. وفي هذا الصدد يقول رئيس الوزراء السنغافوري: "لا تتحقق القوة الناعمة إلّا عندما تعجب الدول الأخرى بدولة ما، وتبدأ بمحاكاة جانبٍ من حضارتها"، وهذا ما يصف الوجود الصيني في الجزائر بكلّ أبعاده. ومن ثَمّ، فإنّ الإشكالية التي حاولت الباحثة معالجتها هي كيفية استخدام الصين قوتها الناعمة من أجل ترسيخ وجودها في الجزائر.
وقدم الباحث علي يوسف الشريف ورقة بعنوان "العلاقات الصينية –السودانية: شراكة أم تبعية؟".
العرب والعالم