بدون عنوان

الجلسة الافتتاحية
الجلسة الافتتاحية
حيدر سعيد مفتتحا المؤتمر
حيدر سعيد مفتتحا المؤتمر
عبد الفتاح ماضي متحدثا في افتتاح المؤتمر
عبد الفتاح ماضي متحدثا في افتتاح المؤتمر
عبد الوهاب الأفندي مترئسا الجلسة الأولى من المؤتمر
عبد الوهاب الأفندي مترئسا الجلسة الأولى من المؤتمر
حسن الحاج علي
حسن الحاج علي
عبد الله علي إبراهيم
عبد الله علي إبراهيم
التجاني عبد القادر حامد
التجاني عبد القادر حامد
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية
محمد حمشي مترئسا الجلسة الثانية من المؤتمر
محمد حمشي مترئسا الجلسة الثانية من المؤتمر
عبد القادر عبد العالي
عبد القادر عبد العالي
كمال جعلاب
كمال جعلاب
عدنان نويوة
عدنان نويوة

بدأت اليوم السبت، 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أعمال الدورة العاشرة للمؤتمر السنوي حول قضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي، الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ويستمر لأربعة أيام، ويبحث موضوعه في هذا العام "الموجة الثانية من الانتفاضات العربية: تجربتا السودان والجزائر". وفي الكلمة الافتتاحية، أشار الدكتور حيدر سعيد، رئيس قسم الأبحاث بالمركز العربي، إلى أهمية المؤتمر، كتقليد علمي رسخه المركز، وأنتج سلسلة من الفعاليات العلمية، التي غطت بالبحث والدرس عقد التحولات العربية، ورفدت المكتبة الأكاديمية بالعديد من الدراسات والكتب في مختلف المسائل التي تعلقت به. ونوه الدكتور عبد الفتاح ماضي، منسق مشروع التحول الديمقراطي ومنسق المؤتمر، بأهمية موضوع المؤتمر المتعلق بتحديات الانتقال في بلدان الموجة الثانية من الربيع العربي. وجاء التركيز على تجربتي السودان والجزائر، ليعيد التساؤل حول العديد من قضايا الانتقال الديمقراطي في السياق العربي. وأشار إلى الجوانب الأكاديمية الخاصة بالمؤتمر واختيار أوراقه، منذ فتح باب التقدم بالمقترحات البحثية وحتى قبول الأوراق التي تعرض في هذا المؤتمر. كما أشار إلى استحداث المركز العربي وحدة لدراسات الدولة والنظم السياسية في البلدان العربية، لتحل محل المشروع، وتأخذ بمخرجاته إلى أفق بحثي أرحب يتضمن مختلف جوانب نظم الحكم وقضاياه الأوسع.

المؤسسات والنخب ودورهما في الانتقال السياسي في السودان

استعرضت الجلسة الأولى من المؤتمر التي رأسها الدكتور عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا بالوكالة، ثلاث أوراق دارت حول موقع النخبة والمؤسسات من عملية الانتقال. وفي ورقة بعنوان: "الهُجنة المركبة: تأثير التحالف الحاكم في مسار الفترة الانتقالية في السودان"، بيّن الدكتور حسن الحاج علي، أستاذ العلوم السياسة بجامعة الخرطوم، تأثير التحالف الهجين المركب الذي حكم الفترة الانتقالية في السودان ولا يزال يتحكّم في مسارها. وأوضح أن التحالف قد تبنى خيارات استراتيجية مختلفة، وربما متضاربة في بعض الحالات، عسكرية وأمنية؛ ما يطرح جملة من الأسئلة منها السؤال عن مستوى التوافق المتوافر ما بين مكونات التحالف، وإن كان يعكس تنوعًا في خيارات النخب الاستراتيجية، وكيف يدار هذا التنوع. كما تساءل عن طبيعة القيادة في هذا التحالف الهجين، وهل ستفضي الفترة الانتقالية إلى الديمقراطية؟ وافترض بأن استقرار الفترة الانتقالية مرهون بقدرة نخب التحالف على إدارة الخيارات الاستراتيجية المتنوعة التي تتبناها، وبخاصة أن أمد الفترة الانتقالية بات على المحك كعامل مؤثر؛ إذ كلما زاد أمدها، زاد احتمال عدم استقرارها. وخلص إلى أن التحالف الهجين الذي يحكم الفترة الانتقالية حمل مستوياتٍ مختلفةً من التعقيد؛ فهناك مستوى كلي يعتمد على توازن الأهداف الاستراتيجية بين أضلاع التحالف الرئيسة، ومستويات فرعية تستند إلى توازنات الأهداف الاستراتيجية داخل كل ضلع، وهناك اعتماد متبادل بين المستويات المختلفة. كذلك استنتج أن طول الفترة الانتقالية قد دفع بقضايا عكست خلافات التحالف الهجين، وأدخل البلاد في حالة من التحالفات المتغيرة وفقًا للهُويات السياسية المتبدلة. وشدد على أن حسابات المنفعة وتكلفة الخسارة من الانتخابات تشي بأن أمد هذه الفترة ربما يمتد سنوات أكثر؛ ما يجعلها أقرب إلى أن تكون فترة انتقالية مفتوحة.

وفي بحثه، الذي حمل عنوان "مفهوم الصفوة: إننا نتعثر حين نرى"، أكد الدكتور عبد الله علي إبراهيم، الأستاذ الشرفي للتاريخ الأفريقي والإسلامي بجامعة ميسوري الأميركية، على أن الفترة الانتقالية الحالية قد خيّم عليها شبح الفشل بسبب ما أسماه "الحلقة الجهنمية"، التي قد تفضي بالفترة الانتقالية وما يليها من نظام سياسي إلى دكتاتورية. واستدرك بأن ما قد يبدو يأسًا مبكرًا يجد دلائله فيما سبق من تجارب سودانية، وبخاصة ما وقع في فترتين انتقاليتين عامي 1964 و1985 قام في إثرهما نظام ديمقراطي، ثم طواهما انقلابان عسكريان عامي 1969 و1989. وبيّن إبراهيم أن المحللين يعزون فشل الفترات الانتقالية إلى تنازع الصفوة التي تنادي بالحكم المدني. فتنازعها يجعل مقاليد الأمور بيد العسكر بصورة تلقائية. ورد الباحث أسباب ما وصفه بالحلقة الجهنمية إلى "الثورة المضادة" الغائبة في تحليلنا السياسي.

واختتم هذه الجلسة بحث الدكتور التجاني عبد القادر حامد، أستاذ ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بمركز ابن خلدون بجامعة قطر، الذي استشرف آفاق الانتقال الديمقراطي في السودان بعدما استعرض ملامح الانتفاضة ومحطاتها الأساسية التي رسمت ملامح التغيير. وتساءل الباحث إن كان سقوط نظام الإنقاذ نتيجة لـ "مبادرة من الداخل" أم لتحالف المعارضة، أم للاثنين معًا؟ وما مدى تأثير العامل الخارجي في مرحلة إسقاط النظام والانتقال إلى الديمقراطية؟ أيُتوقع أن يتبع نظام ما بعد الإنقاذ مسارًا ديمقراطيًا، أم سيتحول إلى نظام تسلطي جديد؟ وفي مسعاه إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، انتهى إلى القول باحتمال أن يكون الهدف المتفق عليه بين القوى الدولية وشركائها السلطويين في الإقليم هو الانتقال بالسودان إلى نظام "هجين"، تبقى فيه عناصر النظام السلطوي القديم ممسكة بمفاصل السلطة، مع المحافظة على الحد الأدنى من الديمقراطية. وتوقع حامد أن التحالف العسكري - المدني الحاكم سيجد دعمًا من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي (ومن حلفائه الإقليميين)، ما يمكّنه من تفكيك مؤسسات النظام السابق، واستيعاب عدد من الحركات المسلحة في العملية السياسية، والانخراط المتدرج في المنظومة الدولية (الأمنية والاقتصادية). أما من ناحية الداخل السوداني، فرأى أن الحكومة الانتقالية ستواجه تحديات صعبة تهدد مرحلة الانتقال ومستقبل الدولة.

تحديات بناء نظام الحكم في الجزائر في مرحلة ما بعد بوتفليقة

اختصت الجلسة التي أدارها الدكتور محمد حمشي، أستاذ العلاقات الدولية والباحث في المركز العربي للأبحاث، بسبر أغوار التحولات التي يشهدها النظام السياسي في الجزائر بعد خروج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من المشهد السياسي. ففي ورقته التي حملت عنوان "طبيعة السلطة السياسية في الجزائر بعد الحراك الشعبي بين طموح الانتقال الديمقراطي وترسيخ النموذج الأنوقراطي"، قدم الدكتور عبد القادر عبد العالي، أستاذ بقسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة مولاي الطاهر بالجزائر، تحليلًا للعلاقة التفاعلية بين الحركات الاحتجاجية والنظام الانتقالي ذي الطابع الأنوقراطي في الجزائر، مبينًا كيف تؤدي استراتيجيات البقاء والتعامل مع المطالب الاحتجاجية إلى إعاقة الانتقال الديمقراطي أو إنتاج مخرجات محدودة تجاهه. وأكد الباحث أن انعكاس الإرث الثقافي والبنيوي للسلطوية على أداء الحركات الاحتجاجية في الجزائر قد بينه فقدان روح المبادرة والوحدة والعجز عن تشكيل قيادات حراكية ذات قدرة إقناعية وحجاجية. ورأى أن هذه الوضعية تعمّق معضلة الوضعية الانتقالية الممتدة، وأزمة النظام العميقة التي تزداد مع ازدياد الأزمة الاقتصادية وتراجع واردات النفط. وتساءل إن كانت طبيعة النظام السياسي للحراك ستسمح له بأن يدفع نحو مزيد من الخطوات في مسار الانتقال الديمقراطي، أم العكس. وخلُص إلى نتيجة هي أن توسيع مجال نشاط المجتمع المدني وقدراته وتوليده لحركات اجتماعية وسياسية قوية وممأسسة يمكن أن يغير من قواعد اللعبة السياسية، ويوجه السلوك الاحتجاجي نحو تجنّب العنف السياسي؛ ما يؤدي إلى إصلاحات مؤثرة في قواعد السلوك والقرار السياسي داخل النظام السياسي.

وعرج الدكتور كمال جعلاب، أستاذ التعليم العالي في القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية بجامعة الجلفة بالجزائر، على المسار الدستوري خلال الانتقال الذي تشهده الجزائر، ومدى اسهامه في إطلاق عملية الانتقال الديمقراطي كما عبّرت عنها مطالب الحراك الشعبي في شباط/ فبراير 2019. واستعرض الباحث محطّات هذا المسار الذي اعتمدته السلطة مقاربةً وحيدة في الاستجابة لمطالب الحراك. وطرح أن تعثّر مساهمة المسار الدستوري في تحقيق الإصلاح المنشود إنما يعود إلى أسبابٍ تتعلق بإرادة السلطة السياسية التي كانت تنطلق مُنفردةً في مسار دستوري شكلي منعزل عن سياقه، ولا يصل بمحتواه إلى ذلك العمق الذي يطيح المنظومة الدستورية القائمة غير الديمقراطية. فبحسب الباحث، بقي المسار الدستوري في الجزائر متأخرًا عن مطالب الحراك، وظلّت مبادرات السلطة حبيسة مسار دستوري شكلي لم يتجاوز في محتواه تعديل المعدّل بهدف إعادة إنتاج النظام بشكلٍ جديد، ولكن بالقيم الجوهرية نفسها التي كانت تميّز النظام القديم. وأكد جعلاب أنه إذا كانت مقاربة الحل الدستوري التي تمسكّت بها السلطة بعد استقالة بوتفليقة قد تكون المسار الأكثر أمانًا في حالة أزمة سياسية يختلف فيها الفاعلون في طريقة الانتقال الديمقراطي وليس في محتواه، فإن فاعلية هذا المسار في دعم عملية الإصلاح ستظلّ مرتبطة بإرادة السلطة السياسية في الوصول مباشرةً إلى المحطة التي يتحقق فيها ذلك الإجماع حول ضرورة هدم كل قواعد النظام الدستوري القائم، ومن ثم إعادة تشكيل نظام دستوري بقواعد جديدة تجسّد مبادئ الدستورانية الحديثة وتحقّق مطالب الإصلاح.

أما الدكتور عدنان نويوة، أستاذ القانون بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية ببنزرت، فقد ركزت ورقته على موضوع يعد حرجًا في الانتقال في الجزائر، وهو مكافحة الفساد، ومدى تعلقه بالتحديات السياسية والاقتصادية بعد حراك 2019. أظهر عرض نويوة أن سياسة مكافحة الفساد تسهم في رفع التحديات التي تواجه الجزائر، وأنّ سياسات مكافحة الفساد المرتكزة على القوانين والمؤسسات، والمعدّلة في إثر الانتقال الديمقراطي والاقتصادي، تساعد في بناء قدرات الدولة التي تشمل القدرة على المساءلة والمحاسبة السياسية والقضائية والمجتمعية للمتورطين في الفساد، وهي ضامن رئيس لنجاح الانتقال الديمقراطي. وقدم الباحث عرضًا لمقوّمات مكافحة الفساد القانونية والمؤسّساتية التي تمّ إرساؤها في الجزائر، ولا يزال العمل جاريًا على تطويرها. وانتهى إلى أنّ تبنّي وتنفيذ سياسات مكافحة الفساد "المعدّلة" في الجزائر يدعّم التوازن بين مسارات التحديث الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، بما يعزّز فرصة إقامة نظام سياسي ديمقراطي "منصلح ذاتيًا" ومستدام.

وقد أتاحت لجنة المؤتمر، الذي يعقد عن بُعد وتُبث جلساته عبر منصة زووم Zoom وحسابات المركز العربي على شبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب)، المجالَ للجمهور لمتابعة الجلسات عبر التسجيل المسبق. وقد تدفقت عقب هذه العروض التعليقات والمداخلات المباشرة عبر زووم لنخبة من الأكاديميين والباحثين المختصين. وقد أعقب كل جلسة من جلستي اليوم تعقيبات وتساؤلات غطت جوانب عدة في الأوراق المعروضة.

تتواصل أعمال المؤتمر إلى غاية 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، ويمكن للمهتمين التسجيل لحضور جلساته عبر منصة زوم من خلال الرابط المخصص لكل يوم في أجندة المؤتمر.