بدون عنوان

في إطار السمنار الأسبوعي الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تشرّف المركز يوم الأربعاء الموافق لـ 04/09/2013، باستقبال الدكتور إبراهيم شرقية أستاذ النزاعات الدولية في جامعة جورج تاون ومعهد بروكنجز في قطر، والذي تناول بالعرض والتحليل موضوع "المصالحة الوطنية ما بعد الربيع العربي"، من خلال نتائج البحث الذي أجراه المتحدّث في كلٍّ من تونس، وليبيا، واليمن بعد إجراء أكثر من 160 مقابلة ميدانية مع شرائحَ مختلفة من هذه المجتمعات. في هذا الإطار، وكون مجتمعات الربيع العربي تعيش حالة تحوّل من أنظمة ديكتاتورية فردانية إلى أنظمة ديمقراطية تعددية - أو على الأقلّ يُعتقد ذلك - تُعدّ هذه المجتمعات معرّضة للدخول في مرحلة صراعٍ دموي مجتمعي بعد أن أطاحت أنظمتَها، وتحاول وضْع عقدٍ اجتماعي جديد. ولضمان نجاح تجربة التحوّل الديمقراطي في دول الربيع العربي، والنأْي بها عن الانزلاق نحو صراع دموي مجتمعي، يرى الباحث ضرورة دخول هذه المجتمعات في عملية مصالحة وطنية جامعة مباشرة بعيدة عن التسييس والانتقام لإرث الماضي.

قام الباحث بتحديد خمسة محاور أساسية يعدّ النجاح في معالجتها مؤشّرًا دقيقًا على نجاح المصالحة الوطنية الشاملة. أمّا الفشل، فلا ينذر بالضرورة بالانزلاق نحو صراع دموي، بل ينذر بتعقيد عملية التحوّل الديمقراطي وإطالة أمدها. وهذه المحاور هي: 1- التحدّيات العامّة التي تواجه المصالحة الوطنية؛ 2- آليّات التعامل مع الماضي وكشف الحقيقة؛ 3- تعويض ضحايا القمع والاضطهاد اللذيْن مرّت بهما البلاد؛ 4- مساءلة أفراد النظام السابق؛ 5- الإصلاح المؤسساتي المطلوب لضمان عدم تكرار الانتهاكات في المستقبل. يفترض البحث إذًا أنّ مدى نجاح المصالحة الوطنية في هذه الدول، مرهون بمستوى التقدّم الذي تحرزه كلّ هذه المحاور. وبالاستناد إلى هذه الشروط، خلص الباحث إلى أنّ تونس هي الأقرب إلى تحقيق مصالحة وطنية، وأنّ ليبيا هي الأبعد عن ذلك، نظرًا لتوخّي العنف في إطاحة النظام القديم.