بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد السادس من الدورية العلمية المحكّمة "المنتقى" التي تُعنى بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، وتصدر باللغة الإنكليزية. واشتمل العدد على مجموعة من الدراسات والمراجعات المتنوعة التي أصدرها المركز العربي، والتي انتُقيت للترجمة والنشر بعناية.

يُفتتح العدد، في باب "دراسات"، بدراسة لعدنان نويوة عنوانها "مكافحة الفساد في إطار العدالة الانتقالية
وأثرها في الانتقال الديمقراطي في تونس". وتحاول الدراسة الإجابة عن "السؤال المحوري المتعلق بمدى مساهمة خيار إدماج مهمة مكافحة الفساد في إطار العدالة الانتقالية في خدمة مسار الانتقال الديمقراطي في تونس"، وتتعمق الدراسة في الصعوبات القانونية والعملية التي واجهت عملية العدالة الانتقالية، ولا سيما منذ صدور القانون 53/2013 الذي أُنشئت ونظمت على إثره العدالة الانتقالية في تونس. وتجد الدراسة أن مكافحة الفساد في تونس تتطلب من الدولة وجميع الأطراف المعنية قبول مجموعة من الحلول النسبية والمتناسبة مع منطق العدالة الانتقالية، خاصة أنه يختلف مع منطق العدالة التقليدية.

أما الدراسة الثانية "العدالة الانتقالية في ليبيا تشريعات عديدة بلا مردود في الواقع"، فأعدها محمود حمد، وتركز على العدالة الانتقالية في ليبيا منذ سقوط العقيد معمر القذافي. تجد الدراسة أنه على عكس العديد من البلدان التي تعاني ندرة تشريعات العدالة الانتقالية، فقد تم إصدار العديد من الإعلانات والقوانين والمراسيم الدستورية ذات الصلة بليبيا. بيد أن هذه العملية واجهت عدة معوقات خطيرة، أبرزها غياب التخطيط والاستراتيجية التشريعية، وعدم وجود حوار فعال بين الأطراف المشاركة في العملية التشريعية، وتدني جودة الصياغة. كما تجد الدراسة أن تحقيق العدالة الانتقالية في ليبيا يعتمد على تأمين أربعة متطلبات رئيسة: نظام دستوري مستقر يعطي العدالة الانتقالية الأولوية، وتوحيد مؤسسات الدولة، ومصالحة شاملة على مستوى الدولة، وتوافق وطني حول أنسب برنامج للعدالة الانتقالية.

وجاءت الدراسة الثالثة بعنوان "المصادر التاريخية العربية للأسطورة المؤسسة للهوية الغربية: بين تاريخَي فتح أميركا وفتح الأندلس"، لمحمد عبد الرحمن حسن. وقد أوضح فيها الباحث أن المعرفة التاريخية الغربية الحديثة تتصل بالمعرفة العربية أكثر من اتصالها بأصل إغريقي - روماني خالص، خلافًا لما هو رائج في الفكر الغربي الحديث والمعاصر. وتقارن الدراسة النصوص التي كتبها المؤرخون الإسبان عن فتح أميركا في القرن السادس عشر الميلادي بالنصوص العربية التي كُتبت عن فتح الأندلس في القرنين التاسع والعاشر للهجرة. ومن ثم تستخرج الدراسة التماثلات بين القصتين، وتخلص إلى أن قصة فتح أميركا نسخة من قصة فتح الأندلس، استعادها الإسبان في بداية العصر الحديث. ومن ثمّ، تؤكد تعدد أصول المعرفة الغربية، على النقيض من مزاعم نقاء أصلها الإغريقي - الروماني.

أما الدراسة الرابعة "محدودية نظرية الاختيار العقلاني في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية: حالتا حركة ’20 فبراير‘ وحراك الريف في المغرب"، فيحاجّ فيها محمد النعيمي بأنّ نظرية الاختيار العقلاني، على الرغم من أهميتها في دراسة الحركات الاجتماعية ذات المصالح الاقتصادية الفئوية، تعتبر نظرية قاصرة. فمن خلال دراسة حركات الخريجين العاطلين في المغرب، تُبين دراسة النعيمي أن نظرية الاختيار العقلاني لم تنجح في التفسير المنهجي والإبستيمولوجي لحركات تحفيزاتها رمزيةٌ كمُتَع النضال وتأكيد الذات، ورهاناتها قيمٌ لامادية كالحرية والكرامة، كما هو شأن حركة "20 فبراير" وحراك الريف. كما تقترح الدراسة توسيع دائرة نظرية الاختيار العقلاني لتشمل المجال الإدراكي عبر عقلانية أكسيولوجية تأخذ في الحسبان أهمية القيم.

وتتناول رجاء عنقود، في الدراسة الخامسة "البروسبوغرافيا: منهج لدراسة النخب والفئات الاجتماعية، محاولة تعريف"، البروسبوغرافيا Prosopographie، أو البيوغرافيا الجماعية، بوصفها مقاربة أو منهجًا مساعدًا في البحث التاريخي. وتركز البروسبوغرافيا على البحث في الخصائص المشتركة لمجموعة من الفاعلين التاريخيين الذين ينتمون إلى فئة محددة، وكذا دراسة مميزاتهم الخارجية المتشابهة والمختلفة ومسار حياتهم، وجمع بيانات عن الظواهر التي تتجاوز الحياة الفردية إلى المظاهر المشتركة في حياة هؤلاء الأفراد. وقد انتقلت البروسبوغرافيا من منهج خاص بالتاريخ القديم إلى منهج يعتمده المؤرخون الاجتماعيون لدراسة الفئات الاجتماعية في التاريخ الوسيط والحديث والمعاصر. وأدى استعمال البروسبوغرافيا في البحث التاريخي في هذه الحقب إلى الخروج بخلاصات جديدة أو مختلفة عن الأبحاث الأخرى، خاصة عندما تكون المعطيات نادرة، والمصادر المكتوبة غير متوافرة، أو يكون الأرشيف مفقودًا.

وفي باب "المؤشر العربي"، اختيرت دراسةٌ عنوانها "سياسة الولايات المتحدة من منظور الرأي العام العربي: بيانات من السعودية والكويت"، من إعداد دانا الكرد، تهدف إلى استطلاع رأي المستجيبين الخليجيين في السياسة الخارجية الأميركية تجاه دول الخليج، ولا سيما السعودية والكويت. وتجد الدراسة أن الكويتيين، الذين يتمتعون بحرية في التعبير تفوق حرية نظرائهم السعوديين، سجلو المستوى الأعلى في شجب سياسات الولايات المتحدة في السنوات الخمس الأخيرة. في حين اتسمت استجابات السعوديين بأكبر نسبة عدم إجابة؛ ما يشير إلى عدم ارتياحهم للنقاش في هذه المسألة، وقد يعود ذلك إلى انعدام مساحة التعبير عن الرأي.

كما ضم هذا العدد، في باب "المراجعات والنقاشات النقدية"، مراجعة لكتاب "مستقطب وغير معبأ: ميراث الاستبداد في فلسطين" لدانا الكرد، أعدتها أنوار محاجنة. وهو أول كتاب يصدر لسلسلة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات باللغة الإنكليزية، والتي تصدر عن دار نشر هيرست أكسفورد.

* العدد متاح للتحميل من موقع JSTOR، على الرابط التالي: https://bit.ly/31xlEmH