بدون عنوان

عقد المركز العربي - فرع واشنطن يوم الأربعاء (30 آب/ أغسطس) ندوة أكاديمية بعنوان "مستقبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية: التداعيات الإقليمية والدولية". وأدار الندوة كلٌ من كريشتن كوتز أولريكسن الباحث المتخصص في الشرق الأوسط في معهد بايكر للسياسات العامة في جامعة رايس، وديفيد ديس روشيس المختص العسكري الأول في معهد الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الأمنية في الجامعة الوطنية للدفاع.
في افتتاح الندوة، أشار الدكتور خليل جهشان المدير التنفيذي للمركز العربي/ فرع واشنطن، إلى أنّ الأزمة الحالية التي يمر بها مجلس التعاون تعدّ فريدة في سلسلة الأزمات التي عرفها المجلس منذ نشأته، من حيث مدى التصعيد الذي بلغته، بعد أن أعلنت ثلاث دول من المجلس تحالفت مع بلد غير عضو (مصر)، مقاطعة دولة قطر العضو في المجلس وفرض "حصار" عليها، مع السعي بوسائل شتى إلى ضم دول أخرى من خارج المجلس إلى المقاطعة. وتحدّث جهشان خصوصًا عن طابع إسقاط كل حدود التحفظ والمواربة في الأزمة الحالية والزجّ بكل شيء في الخصام؛ من الأعراض إلى الدين. وهو ما يتعارض مع الطبيعة المحافظة للمنطقة والأعراف المتداولة فيها، والأخطر من ذلك هو تجييش الشعوب ضد بعضها.
ورأى جهشان أنّ الوساطات التي سعى عدد من الأطراف للقيام بها فشلت كلّها على الرغم من أنّ بعضها يستمر في المحاولة، مثل الوساطتين الكويتية والأميركية اللتين قال عنهما إنهما تدوران في حلقة مفرغة. وأضاف أنّه من خلال دراسته المنطقة ومتابعته المستمرة لسنوات، يعتقد في الأغلب أنّ الشرخ الحاصل في هذه الأزمة لا يمكن رأبه في المستقبل.
وقدّم أولريكسن لمحة عامة عن تاريخ مجلس التعاون وطبيعته، مشيرًا إلى أنّه "واحدة من مجموعات قليلة من الدول التي استمرت تكتلًا قائمًا على مدى 36 عامًا". إلا أنّه استدرك بأنّ هذا التكتل لم يكن قادرًا في الواقع على العمل بوصفه وحدة متماسكة حول "القضايا الرئيسة"، بما في ذلك الوحدة النقدية وإصدار عملة موحدة. واكتفى المجلس بتسهيل العلاقات الثنائية بين أعضائه. ومن دون تقديم تنبؤات محددة عمّا سيحدث في الأشهر المقبلة، قال أولريكسن إنّ حكومات الدول المقاطعة سيصعب عليها الخروج من تبعات الحملة الشرسة التي قادتها ضد قطر.
كما قدّم الكولونيل ديس روشيس قراءة حول دور مبيعات الأسلحة الأميركية لدول الخليج بوصفها عاملًا محددًا للعلاقات بين الجانبين. وأجاب عن سؤال: هل لمبيعات السلاح إلى دول الخليج تأثير في السياسة الأميركية تجاه المنطقة؟ وذكّر بأنّ عددًا من المراقبين أشار إلى إعلان مبيعات الأسلحة لدول الخليج خلال زيارة قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض في الأسابيع التي سبقت قطع دول الحصار علاقاتها مع قطر في محاولة للربط بين هذه الصفقات والموقف الأميركي من الأزمة. على النقيض من ذلك، يؤكد ديس روشيس أنّ النظام المعقد لصنع القرار الأميركي على المستوى الوطني يعطي الأولوية للمحدد "الاقتصادي" في صفقات مبيعات الأسلحة إلى السعودية وغيرها. ويرى روشيس أنّ طبيعة عملية صنع القرار في السياسة الأميركية والرقابة السياسية على مبيعات الأسلحة الخارجية تجعلان إخضاع السياسة الخارجية الأميركية للصفقات التجارية أمرًا صعبًا.
وأشار الخبير العسكري إلى أنّ الحملة الإعلامية الشرسة التي تقودها الإمارات العربية المتحدة على الخصوص من بين الدول المقاطعة قد حطمت مساعي دول الخليج لتقديم نفسها كتلةً واحدة موثوقًا بها وعصرية، وأصبحت هذه الدول تبدو الآن في نظر واشنطن "قبائل" لا غير.