بدون عنوان

صدر العدد الرابع والأربعون من دورية "سياسات عربية"، التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، وتضمّن خمس دراسات علمية، ناقشت موضوعات التنظيمات المسلحة، والأهمية الجيوبولتيكية للخليج، والعلاقات المدنية العسكرية، والمجتمعات الافتراضية، والعدالة الانتقالية، إضافة إلى دراسة مترجمة عن خرافة الدولة الفاشلة، واتجاهات الرأي العام الفلسطيني نحو المقاومة، ووثائق التحول الديمقراطي في السودان والجزائر.

تناول عمر عاشور في دراسة له عنوانها "من الميليشيا إلى الحزب: كيف تتحوّل التنظيمات المسلحة إلى النشاط السلمي؟ ولماذا؟" التحولات من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي للتنظيمات المسلحة، مع التركيز على التعريفات العلمية المستعملة، والمتغيرات السببية، والمسارات الديناميكية، وتداعياتها على الدول. وقدمت الدراسة أيضًا نظرةً تحليلية عامة عن تحولات التنظيمات المسلحة، وتعريفًا لمصطلحاتها العلمية ومتغيراتها السببية ومساراتها الدينامية وملخصًا لحالات تجريبية مختارة وتداعياتها على السياسات وبعض التوصيات. تتكوّن الدراسة من أربعة مباحث، يعرض الأول، إطارًا نظريًا لعمليات التحوّل ويحدّد المصطلحات والمنهجيات ذات الصلة. ويتناول الثاني بعض أبرز دراسات حالات التحوّل الجماعي من العمل السياسي المسلّح إلى العمل السياسي السلمي؛ بينما يعرض المبحثان التاليان بعض الملاحظات العلمية التي قد تفيد البرامج البحثية المستقبلية، إضافةً إلى التداعيات على السياسات والتوصيات.

وناقش عماد قدورة في دراسة له عنوانها "الأهمية الجيوبولتيكية للخليج في استراتيجية الهند" الأهمية الجيوبولتيكية والاقتصادية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وموقع الخليج في استراتيجية الهند، واستكشف العوامل الدافعة للشراكات الاستراتيجية الجديدة بين الطرفين. وبحث في مدى تأثير علاقات الفاعلين الإقليميين الآخرين مع دول الخليج أو الهند في علاقتهما؛ مثل الصين وباكستان وإيران. وركز أيضًا على سياسة الاحتواء الجديدة بين الهند والصين في المحيط الهندي، والتي تشمل منطقة الخليج. ورأى قدورة أن على دول الخليج العربية، انطلاقًا من إدراكها لمكانة الهند الدولية المتنامية وقربها من منطقة الخليج ومصالحها فيها، أن تعزز علاقاتها بها بما يساهم في أمن المحيط الهندي والخليج العربي ودوله. كما ينبغي لدول الخليج العربية أن تنسق سياساتها تجاه الهند، وأن تقيم حوارًا خليجيًا من أجل تطوير الاتفاقيات الثنائية معها.

وكشف خالد عثمان الفيل في دراسة له عنوانها "سياسات التحرير الاقتصادي وأثره في العلاقات المدنية – العسكرية: حالات عربية مختارة" عن الإرث المؤسسي لسياسات التحرير الاقتصادي وأثره في تشكيل الواقع المعاصر للعلاقات المدنية - العسكرية في دول الربيع العربي، والتحديات المستقبلية للتحوّل الديمقراطي في هذه الدول. وقد حاجّ الفيل في دراسته بأنّ الانفتاح الاقتصادي عبر تطبيق سياسات التحرير قد أدّى إلى ظهور أوليغارشية عسكرية، تنشط تحت غطاء مدني، أو إلى تمدّد هيمنة الجيوش العربية من الحقل السياسي لتشمل الحقل الاقتصادي بصورة رسمية. ورأى الفيل أن النتيجة النهائية لذلك هي تدعيم مواقع هذه الجيوش وزيادة هيمنتها على الحقل السياسي، وهو ما يتوقع أن يفرض تحديات جمّة على مستقبل التحول الديمقراطي في المنطقة العربية.

أما شريف عبد الرحمن سيف النصر في دراسة له عنوانها "المجتمعات الافتراضية على حافة المواجهات السياسية: ويكيبيديا وأزمات الشرق الأوسط المعلوماتية نموذجًا" فقد اختبر وجهة نظرٍ تذهب إلى أن المجتمعات الافتراضية، بما تشتمل عليه من أنساق شبكية، تمثل بديلًا للأنساق الهرمية التقليدية، وذلك بفعل قدرة الأولى على الانتظام الذاتي، ومن ثم تسوية نزاعاتها الداخلية من دون الحاجة إلى تدخل سلطوي. وقد ركز النصر في دراسته على "ويكيبيديا"، بوصفها أحد أبرز المواقع الإلكترونية التي تعطي الجميع الفرصة للمشاركة في "صياغة المعلومات وتحريرها"، وذلك من خلال التفاعل الأفقي الحر، وليس من خلال التوجيه الهرمي/ التراتبي. وخلص النصر إلى أن آليات العمل المعمول بها في المجتمعات الافتراضية يمكنها أن تعمل بكفاءة في حالات الاتفاق أو التقارب في المواقف، أما في حال الخلافات الحادة فإن آليات العمل الهرمية، تصبح ضرورية لتحقيق الانتظام وحسم النزاعات.

وكشف محمد أحمد بنيس في دراسة له عنوانها "لجان الحقيقة في أميركا اللاتينية: دراسة مقارنة في ديناميات التأسيس وسياسات الذاكرة" عن الأدوار التي قامت بها لجان الحقيقة في أميركا اللاتينية في إرساء العدالة الانتقالية، وذلك في سياق مقارن لثلاث تجارب رئيسة، هي: الأرجنتين، وتشيلي، وبيرو. وكشفت الدراسة أيضًا أنّ تأسيس لجان الحقيقة ارتبط بطبيعة التحديات التي واجهتها البلدان اللاتينية في التحول الديمقراطي وتجاوز إرث الانتهاكات السابقة، وبقدر ما اختزلت هذه التحديات أزمة الشرعية التي عصفت بهذه الأنظمة ودفعتها إلى الانخراط في هذا التحول، أبرزت الإمكانات التي وفّرتها هذه اللجان للفاعلين لتدبير توترات هذا التحول. ورأت الدراسة أن تأسيس لجان الحقيقة في الأرجنتين وتشيلي وبيرو يعد لحظة أساسية في مسار التحول الديمقراطي وإعادة بناء شرعية الدولة على أسس جديدة. ولذلك، استطاعت هذه البلدان، عبر هذه اللجان، إحداثَ تعديل نسبي في علاقات القوة بين القوى الاجتماعية المصطفة حول الأنظمة السابقة وتلك المتطلعة إلى صياغة عقود اجتماعية جديدة تعزز المسارات الانتقالية.

وفي باب دراسة مترجمة، قدم محمد حمشي ترجمة لدراسة عنوانها "خرافة الدولة الفاشلة والحرب على الإرهاب: نحو تحدّي الحكمة السائدة" لأيدن هِهير. حاجّت الدراسة بخرافة ما يسمى "الدولة الفاشلة"، واستندت لإثبات ذلك على فرضية مركزية مفادها أن الدول الفاشلة تؤدي دورًا رئيسًا في تغذية الإرهاب الدولي، وهي بذلك تتطلّب التدخل الخارجي وإخضاعها للدمقرطة الموجهة. وافترضت أن ليس هناك أي علاقة سببية بين الدول الفاشلة والإرهاب الدولي، وأن تأكيد قدرة الحكم الديمقراطي على الدفع نحو التقليل من حدّة الإرهاب تأكيدٌ مبالغ فيه، إن لم يكن غير دقيق إطلاقًا. وأظهرت أن ليس هناك صلة سببية أو علاقة واضحة بين الدول الفاشلة وانتشار الإرهاب، أو بين الديمقراطية والحدّ من الإرهاب. وإذا ما أُخذت الدولُ الفاشلة منفردةً كلٌّ منها على حدة، فإن من شأن هذه النتائج أن تقوّض الأساس المنطقي خلف الحرب على الإرهاب؛ أما إذا ما أُخذت مجتمعة، فإنها تتحدى الأساس المنطقي الجوهري الذي يلهم وجهة النظر الدولية الحالية التي تتبنّاها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على نحو خاص.

وفي باب المؤشر العربي، أعدت دانا الكرد ورقة بعنوان "الرأي العام الفلسطيني في تفضيلات الاستراتيجيات السلمية مقابل استراتيجيات المقاومة المسلحة"، هدفت إلى عرض تفضيلات الرأي العام الفلسطيني نحو المقاومة السلمية مقابل المقاومة المسلحة.

واشتمل العدد أيضًا على توثيق أهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية" في المدة 1 آذار/ مارس – 30 نيسان/ أبريل 2020. ورصد التوثيق أبرز الوثائق السياسية ذات الصلة بالتحول الديمقراطي في الجزائر والسودان، التي أنتجتها الأطراف الفاعلة في كلا البلدين في شهور تموز/ يوليو، وآب/ أغسطس، وأيلول/ سبتمبر 2019.

وفي باب مراجعات وعروض كتب، أعدّ محسن بوعزيزي مراجعة لكتاب "تونس: ثورة في بلاد الإسلام" لعياض بن عاشور"، وأعدّ عزام القصير مراجعة لكتاب "الجهادية العربية: اندماج الأبعاد - النكاية والتمكين بين ’الدولة الإسلامية‘ و’قاعدة الجهاد‘" لحسن أبو هنية.


** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.