بدون عنوان

"تدعو مجلة "تبيّن" للدراسات الفكرية والثقافية المفكّرين والباحثين والأكاديميين والكتّاب العرب إلى المساهمة في عددها الثالث، شتاء 2013، ومحوره "الدستور في الفكر العربي الحديث"، وتستقبل مساهماتهم في هذا المحور حتى 15 تشرين الأول/أكتوبر 2012، وفيما يلي نصّ الورقة الخلفية للمحور : 

تسلِّط أحداث التاريخ الكبرى أضواء جديدةً على قضايا سبقت مناقشتها، وتضعها في سياق أسئلةٍ طارئةٍ، وربّما تغيِّر أُطر تناولها إلى هذا الحدّ أو ذاك، تبعًا لمستجدّات الواقع وتطوّر مناهج البحث. ويكاد لا يوجد  خلافٌ على اعتبار ما دُعِيَ بثورات الرّبيع العربي -التي اندلعت في العام 2011 ولا تزال متواصلةً إلى الآن- من أحداث التاريخ الكبرى بامتيازٍ، وعلى أنّها تطرح قضايا جديدةً لم يسبق طرحُها من قبلٌ، وتعيد نقاش قضايا أخرى لا تزال على جدول أعمال الواقع والفكر؛ بحكم أنّها لم تَحْظَ بحلٍّ ناجعٍ على مرّ الأيّام. ومن هذه القضايا قضيةُ الدّستور والدّستورية، التي يرتبط نشوؤها ارتباطًا عضويًّا بعمليّة تحويل السّلطات "الاعتباطيّة" التّقليدية إلى نظام الدّولة المؤسّسي الحديث.

وما ينشده محور عددنا الثّالث من مجلّة "تبيّن" -الفصليّة المحكّمة المعنيّة بالدّراسات الفكريّة والثقافية التي يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات- هو استكشاف قضايا الدّستور والدستوريّة في الفكر العربي الحديث؛ وذلك على خلفيّة التغيُّرات الاجتماعية والتّحولات السّياسية والحاجات الطارئة والأسئلة الجديدة والمتجدّدة التي يطرحها "الزّلزال العربي" الجاري أمام أعيننا، وعلى خلفيّة الإقرار بما سبق للمفكّرين والقانونيّين العرب أن أنجزوه على هذا الصّعيد منذ مطلع القرن الماضي، وربّما قبل ذلك بسنين. ولعلّ التقاء هاتيْن الخلفيّتيْن الآن أن يكون مناسبةً نادرةً، ليس لإعادة كتابة تاريخ الفكر الدّستوري العربي واستذكار مجرياته فحسب؛ بل وكذلك لإعمال الفكر النّقدي في طيّاته وثناياه وأزمنته، بغية إنتاج معرفةٍ به قد تنعشه، وتجدّد دماءه وخلاياه، وتدفعه قُدُماً إلى أن يحيا الزّمن الجديد.

- إنَّ اهتمامنا الأساسيّ الصّريح، هو مجمل القضايا والنّقاشات التي تلي ثورات الرّبيع العربي وتصاحبها؛ وذلك بهدف المساهمة في الإجابة عن أسئلة الرّاهن النظريّة والعمليّة (كأهميّة الاتّفاق على مبادئ دستورية أو فوق دستورية، والجهة الكفيلة بإعداد الدّستور: أهي برلمانٌ مُنتَخبٌ أم جمعيّةٌ تأسيسيّةٌ؟، وعلاقة الدّساتير والمحاكم الدّستورية ببقيّة السّلطات، أو قضايا الفصل بين السلطات، والنّقاش حول دين الدّولة، وحول اعتبار الشّريعة مصدرًا في التّشريع...)، وذلك من منظورٍ يربط هذه الأسئلة بأصولها في الفكر الفلسفي والسّياسي، ويقارن الإشكاليّات الفكرية التي ترافق عمليّة وضع الدّساتير بعد الثّورات بنقاشاتٍ سابقةٍ.

- وبعبارةٍ أدقّ؛ فإنّ محور الاهتمام هو الفقه الدّستوري ومصادره الفكريّة والقانونيّة، ومحاولته الإجابة عن أسئلة اللّحظة الحاليّة/لحظة ثورات الرّبيع العربي، وما تشهده وتطرحه من صراعٍ على الدّساتير المأمولة لراهن المنطقة القريب ومستقبلها البعيد. وهو صراعٌ لا تدور رَحَاه بين الشّعوب وأنظمة الاستبداد فحسب؛ بل تدور أيضًا بين مختلف التيّارات السياسيّة والفكريّة العربيّة القائمة (إسلاميّة، قوميّة، ليبراليّة، يساريّة، علمانيّة...). إذ لا يتفاوت ولا يتناقض مدى نضج الفكر الدّستوري، ومدى التهيؤ لتقبّل الدّيمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون، من تيارٍ إلى آخر فحسب؛ بل إنّه يتفاوت داخل كلّ تيار أيضًا.

- ومن هذا المنظور، فإنّنا نريد للاهتمام بالماضي والتّاريخ، أن يكون -أوّلًا وبالأساس- اهتمامًا بالجذور الفكريّة للقضايا والنّقاشات الحاليّة حول الدّستور؛ وذلك بإعادة النّظر في ما سطّره كتّاب النّهضة العربيّة ومفكّروها وحقوقيّوها من مدوّنةٍ حول الدّستور والدّستورية، في سياق طلب الإصلاح والتّغيير ونشدان الاستقلال وإقامة الدّولة العصرية الحديثة المتحرّرة من الاستبداد. وهو ما يؤلّف ما يمكن دعوته بـ "بداياتٍ دستوريةٍ" واعدةٍ في فكر العرب والمنطقة، لم يتسنّ لها أن تتحوّل إلى تقاليد دستورية. وتبدأ من عصر التّنظيمات العثمانية، وزمن المشروطة في تركيا وإيران والبلدان العربية، وتصوّر الدّستور لدى رجالات النّهضة الأوائل (الطّهطاوي، وخير الدّين التّونسي، والكواكبي، ومدحت باشا...)؛ لتصل إلى أولئك الذين كانوا عماد ما يمكن تسميته بـ "العصر الدّستوري العربي" منذ عشرينيّات القرن العشرين وحتى أواسط القرن نفسه، والنّقاش القانوني والفكري الذي رافق مسودات الدّساتير العربيّة الأولى، لاسيّما المصريّة منها، حيث يبرز بوضوحٍ اسم عبد الرزاق السنهوري.

- إعادة النّظر -من وجهة نظر الدّستور والدّستورية- في فترة أواسط القرن العشرين وما بعدها، والظواهر الجديدة التي ارتبطت باستقلال كثيرٍ من البلدان العربيّة، وبقيام إسرائيل، وبالانقلابات العسكرية وما ترتّب عليها من قيام أنظمةٍ أحادية وتسلّطية، ومن شيوع أيديولوجيّاتٍ دولتيّةٍ، وبرامج تنميةٍ تقوم على "رأسمالية الدّولة" أو "الاقتصاد الرّيعي والزّبائني"؛ كلّ ذلك بدعوى إحلال ديمقراطيّةٍ شعبيّةٍ واجتماعيّةٍ، محلّ محاولات تأسيس الدّيمقراطية السّياسية الدّستورية. ولا شكّ في أنّ ذلك قد وضع قضايا الدّستور في إطارٍ مختلفٍ؛ ربّما كانت نتيجته الأبرز هي الاستبداد، وهيمنة القوانين الاستثنائيّة، أو حتّى غياب أيّ قوانين فعليًّا. هذا على الرّغم من وجود دساتير لا تعدو كونها هياكل فارغة، أو حبرًا على ورقٍ في كثيرٍ من الأحيان. وينبغي لنا ألّا نهمل -بالطّبع- مدى التّباين والتنوّع بين البلدان العربية، من الخليج إلى المغرب العربي، مرورًا ببلاد الشام ووادي النيل. وهو ما قد يحتِّم تناول الموضوع بحسب المناطق والبلدان، وفي ضوء مفاهيم مثل: الدّولة المدنيّة، والاستبداد، والعلاقة بين الدّين والدّولة، والملكيّة والملكيّة الدستورية، والدّيمقراطية التّوافقية الطّائفيّة، ودور الجيش، وحالات غياب الدّستور المقارنة... .

- ومن الطبيعي أن يثير تناول الدّستور في الفكر العربي الحديث بالبحث، قضايا كثيرةً، أهمّها: المسائل النّظريّة والتّاريخية المتعلّقة بالدّستور والدّستورية، والدّراسات النّظرية المقارنة حول المصادر النظريّة الأجنبيّة للفكر الدّستوري العربي (بما في ذلك فرنسا وبلجيكا والولايات المتّحدة الأميركيّة)، وعلاقة الدّساتير ببنى الدّولة والمجتمع، والنّظم السّياسية في ضوء النظريّات الدستوريّة المختلفة، وغير ذلك من القضايا...

ترحب مجلة "تبين" بالأوراق التي تعالج هذه القضايا وغيرها، وبمراجعاتٍ معمّقةٍ لكتبٍ قانونيّةٍ ونظريةٍ حديثةٍ ذات صلةٍ وثيقةٍ بهذا الموضوع، وترجمات الأبحاثٍ من هذا النّوع. ونرجو أن تكون تلك الأبحاث مؤلّفةً من 6000 إلى 8000 كلمةٍ، ومزوّدةً بالهوامش والمراجع، وبملخّصاتٍ للأبحاث؛ وغير ذلك من العناصر الواردة في مواصفات النّشر في المجلّة وشروطه.

شروط النشر في مجلة "تبين":

تنشر "تبيُّن"  البحوث الأصيلة (لم يسبق نشرها أو نشر ما يشبهها) التي تعتمد الأصول العلمية المتعارف عليها.

  • تقدم البحوث باللغة العربية وفق شروط النشر في المجلة. يتراوح حجم البحث من 6000إلى 8000 كلمة، بما فيها المراجع والجداول. تحتفظ هيئة التحرير بحقها في قبول بعض الأوراق التي تتجاوز هذا الحجم في حالات استثنائية.
  • مراجعات الكتب من 2000 إلى 3000 كلمة، على ألا يمرّ على صدور الكتاب أكثر من ثلاث سنوات. وتقبل المجلة مراجعات أطول على شكل دراسات نقدية.
  • تخضع المواد المرسلة كافة، لتقييم وقراءة محكّمين من ذوي الاختصاص والخبرة. وترسل الملاحظات المقترحة للكاتب لتعديل ورقته على ضوئها قبل تسليمها للتحرير النهائي.
  • يرفق البحث بسيرة ذاتية موجزة للكاتب، وملخص عن البحث بنحو 250 كلمة، إضافة إلى كلمات مفتاحية.
  • في حال وجود مخططات أو أشكال أو معادلات أو رسوم بيانية أو جداول ، ينبغي إرسالها بالطريقة التي اشتغلت بها في الأصل، بحسب برنامجي: اكسل أو وورد. ولا تُقبل الأشكال والرسوم والجداول التي ترسل كصور.

للتواصل : tabayyun@dohainstitute.org