بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، العدد الحادي والخمسون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية" التي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين. وقد تضمّن العدد دراسات في موضوعات الوساطة وحل النزاعات والديمقراطية التوافقية والحرية السياسية والاقتصادية، وترجمة عن مفهوم اللامركزية، وورقة في باب المؤشر العربي، وتوثيقًا لأهمّ محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأهم محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعة كتاب.

تسلّط دراسة مطلق بن ماجد القحطاني ودانه بنت منصور آل ثاني، بعنوان "سياسة دولة قطر وتجربتها في الوساطة وتسوية المنازعات"، الضوء على سياسة قطر وتجربتها خلال العشرين سنة الماضية في الوساطة وتسوية المنازعات، من خلال دراسات حالة لبعض الوساطات القطرية السابقة في اليمن ولبنان والسودان وجيبوتي وإرتيريا وأفغانستان. وترى أن مصادر الدخل الحيوية والاستراتيجية التي تملكها قطر، حفزتها لتبنّي سياسة مستقلة ومحايدة تؤمن بالحوار والمساعي الحميدة والوساطة والدبلوماسية الوقائية وتسوية المنازعات والأزمات بالطرق السلمية، وذلك وفقًا لقواعد القانون الدولي وأحكامه.

ويحاجّ سلطان بركات ومنى هداية، في دراسة بعنوان "مركزية إقليم الشرق في سلام السودان: التوترات القائمة والوقاية من تصاعد النزاع"، بأنّ الديناميكيات المحلية والإقليمية والدولية، تجعل إقليم شرق السودان نقطة تتلاقى عندها مختلف خطوط الصدع في السودان المتقاطعة مع توترات القرن الأفريقي. وترى الدراسة أنّ الشرق يمثل أولوية في عملية بناء السلام السوداني؛ فإحلال السلام وتعزيزه في هذا الإقليم يرتبطان بعلاقة تبادلية مع أمن القرن الأفريقي واستقراره. وفي ضوء ذلك، تتناول الدراسة هذا الموضوع من منطلق الدبلوماسية الوقائية، إذ تبدأ أولًا بتحليل بوادر تصاعد النزاعات وتتبع خطوط الصدع، وذلك من خلال تحليل الأوضاع في إقليم الشرق وبعض التقاطعات الإقليمية والدولية المارة عبره، ومن ثمّ تطرح مجموعة من الأفكار والخطوات الممكنة في سبيل الحل وفقًا للوضع الراهن.

ويرى سليم سوزه، في دراسة له عنوانها "الديمقراطية التوافقية في العراق: إعادة إنتاج الأقليات الإثنية والدينية واللغوية بوصفها أقليات سياسية"، أنّ الديمقراطية التوافقية، في العراق ما بعد 2003، قد وضعت الأقليات في نسقها التمثيلي الصحيح وأنصفتها بـ " كوتا" ثابتة في المجلس التشريعي، وهو ما قد يُعتبر "تمييزًا إيجابيًا" لها. لكنّ هذه الدراسة تعرض زاوية نظرٍ أخرى، فهي لا تحاكم النيات في تطبيق نظام التمثيل النسبي وكوتا الأقليات، بل تسلط الضوء على الآثار السلبية التي لحقت بتلك الأقليات من جراء تطبيق هذا النوع من الديمقراطية. لذلك، ترى أنّ واقع ما بعد 2003 فَرَض على أتباع الأقليات الإثنية والدينية واللغوية سلوكًا سياسيًا، يتمثل بأن ينكفئوا هم أيضًا على طوائفهم وإثنياتهم، وأن يصوتوا لمصلحة قوائمهم المكوناتية ليصبحوا أقليات ليست مكوناتية فقط، كما كانوا في زمن الحزب الواحد قبل عام 2003، وإنما أقليات سياسية أيضًا.

ويوضح نوري دريس، في دراسة بعنوان "الجزائر: تجربة تحول ديمقراطي في سياق فشل اقتصادي"، معتمدًا على مقاربة الاقتصاد السياسي، أنّ ارتباط المجتمعات العربية اقتصاديًا بالريع، بمختلف أنواعه، هو أحد أهم أسباب تعثر التحول الديمقراطي، لأنّ هذا الأخير مرتبط بدوره بالتحول اقتصاديًا نحو الرأسمالية المنتجة. ولذلك، يرى أنّ الجماعات الريعية تدرك أنّ فقدان السلطة يعني فقدان كل الامتيازات الاقتصادية التي تتمتع بها، ولهذا، تعمل على إجهاض كل تحوّل نحو الرأسمالية المنتجة وتفادي الخضوع لقوانين السوق.

ويحاجّ الحسين شكراني وإبراهيم المرشيد، في دراسة لهما عنوانها "جدلية العلاقة السببية بين الحرية السياسية والحرية الاقتصادية: العالم العربي نموذجًا"، بأنّ تعزيز مستوى الحرية الاقتصادية في السياق العربي يُعدّ أحد الشروط الدنيا لإنجاح مسلسل التحرر السياسي، فالسماح للناس باتخاذ قراراتهم بأنفسهم من دون إكراه وباحترام تام للقوانين، لا يساهم في خلق الثروة فحسب، بل يخلق أيضًا الشروط المادية والسلوكية للحرية السياسية، وقد لا يتم ذلك على نحو مباشر بل يتحقق عبر قناة الرخاء الاقتصادي، ذلك أنّ الحرية الاقتصادية تساعد الأفراد في توجيه حياتهم بأنفسهم، كما تساعد على الرفع من روح المقاولة والتمكين الشخصي وأخذ المبادرة بكل استقلالية، وهي عوامل لا غنى عنها بهدف تسريع وتيرة النمو الاقتصادي الضروري وتحسين فرص الحياة للجميع من دون تمييز.

وضمّ باب "دراسة مترجمة" ترجمة عومرية سلطاني لدراسة "المركزية واللامركزية في الإدارة والسياسة: تقييم الأبعاد الإقليمية للسلطة والقوة" لبول د. هوتشكروفت، التي تركز على تجاوز "تقسيم العمل" الذي فصَل منذ مدة بين تحليلات الهياكل الإدارية والسياسية، وتوفير مفردات مفاهيمية أشد صلابة لوصف تعقيدات المركزية واللامركزية في الإدارة والسياسة وتحليلها. كما تبرهن على وجوب مراعاة مجموعة متنوعة من العوامل عند تحديد الدرجة التي يمكن فيها اعتبار نظامٍ سياسي ما أكثر مركزية أو لامركزية. وفقًا لذلك، ترى الدراسة أن هذا التحليل يمكّن من تجاوز التعميمات العامة المعتادة بشأن المركزية أو اللامركزية في النظام السياسي برمّته، وتطوير وسائل أشد تعقيدًا من الناحية المفاهيمية للتمييز بين أبعاد المجال الإداري المتعلقة بالإقليم من تلك الموجودة في المجال السياسي.

أمّا في باب "المؤشر العربي"، فأعدّ بلقاسم القطعة ورقة عنوانها "اتجاهات الرأي العام الجزائري نحو الثقة بمؤسسة الجيش (2011-2020)"، ركزت على تقييم اتجاهات الرأي العام الجزائري نحو الثقة بالجيش، بالاستناد إلى نتائج استطلاعات المؤشر العربي في المدة 2011 - 2019/2020. وخلصت إلى أنّ الجيش يحافظ على ثقة غالبية المستجيبين، وأنّ ارتفاع نسبة الثقة وتدنّيها محكومان بالتصور المجتمعي بوجود دورٍ يقوم به الجيش في عملية التغيير، إضافة إلى عامل غياب القمع الذي سيطر أساسًا على توجهات الرأي العام في استطلاع 2019/2020.

واشتمل العدد في باب "التوثيق" على توثيقٍ لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، و"وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" في المدة 1 أيار/ مايو - 30 حزيران/ يونيو 2021.

وفي باب "مراجعات وعروض كتب"، أعدّ محمد توفيق مراجعةً لكتاب "فهم الإسلام السياسي: مسار بحثي حول الآخرية الإسلامية"، الذي حرره فرانسوا بورغا.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.