بدون عنوان

اختتمت اليوم الإثنين 4 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعمال الدورة الرابعة لمنتدى "دراسات الخليج والجزيرة العربية" التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في معهد الدوحة للدراسات العليا. جاءت جلسات المنتدى في اليوم الختامي ضمن مسارين؛ عالج المسار الأول تحديات التكامل الخليجي ومستقبله في ضوء الأزمة الخليجية الحالية ومواقف دول الخليج العربي منها، بينما خصص المسار الثاني للبحث في دور وسائل التواصل الاجتماعي في الأزمة الخليجية وانعكاسها على الإعلام الخليجي.

خطاب ترامب على تويتر وأثره في الأزمة الخليجية

بدأت أعمال المنتدى، بمحاضرة عامة ألقاها ألكسندر ستيل، أستاذ الصحافة في جامعة كولومبيا، بعنوان "ترامب وتويتر والأزمة الخليجية: الخطاب والواقع"، أوضح فيها أن متابع تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلاحظ عددًا من التناقضات بين تغريداته قبل تولي الرئاسة وبعد تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية. وأشار ستيل إلى حالة الجدل التي أثارتها تلك التغريدات التي تدفع وزارة الخارجية الأميركية في عديد الأحيان إلى إصدار توضيحات بعدها، مستعرضًا تدوينات ترامب في سياق الأزمة الخليجية التي لم تكن متناسقة مع موقف المؤسسات الأميركية، خصوصًا وزراتَي الخارجية والدفاع.

وسائل التواصل الاجتماعي والأزمة الخليجية

ركزت الجلسة الأولى في مسار الإعلام على دور "وسائل التواصل الاجتماعي والأزمة الخليجية"؛ إذ تناولت الباحثة بانو أكدنيزلي موضوع "الدبلوماسية الرقمية في الخليج: كيف انعكست الأزمة الخليجية في مجال تويتر؟". ‏ولجأت في بحثها إلى متابعة حسابات تويتر تابعة لدول خليجية عن طريق برنامج يعطي تفاصيلَ دقيقة عن نشر التغريدات ومتابعتها. وأوضحت أكدنيزلي أنّ الهدف هو تتبع تغريدات وزراء الخارجية تحديدًا، لنعرف كيف قدّم هؤلاء الوزراء أنفسهم للعالم الخارجي، الأمر الذي يعطي فهمًا واضحًا لمسار الأزمة وتطورها.

وفي ورقة بعنوان "المجال العام مقابل مجال وسائل التواصل الاجتماعي في أزمة الخليج"، تناول الباحث عمير أناس نتائج تتبّعه وسائل التواصل الاجتماعي في دول الربيع العربي، واستعرض دور تلك الوسائل في تأجيج الأزمة الخليجية.

وفي السياق ذاته، تطرّق الباحث مارك أوين جونز إلى موضوع "وسائل التواصل الاجتماعي وحروب المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت أثناء الأزمة الخليجية"، و‏تحدّث عن حسابات البوت على تويتر التي زادت من نسب إعادة التغريد لتغريدات شخصية مهمة؛ مثال التغريدة التي أثنى فيها ‫دونالد ترامب على الملك سلمان وابنه إزاء حملة الاعتقالات ضد شخصيات مهمة في المملكة العربية السعودية. وأشار جونز إلى أنّ حسابات البوت حملت أسماء شخصيات معروفة كانت مهمتها الهجوم على قطر وأميرها وشعبها، وكانت تحمل وسومًا (هاشتاغات) عدائية، مثل "قطر الخيانة"، "إيران وقطر عملة واحدة"، وغيرهما.

كما قدّم الباحث محمد الأمين موسى بحثًا بعنوان "الأزمة الخليجية ومعضلة الحفاظ على الموضوعية الإعلامية"، رأى فيه أنّ الأزمة الخليجية مثّلت تحديًا ومنعطفًا بارزًا لوسائل الإعلام في الدول المحاصرة، لأنّ هذه الوسائل تعرّضت بدورها أثناء الأزمة لحصارٍ خانق على مستوى حرية التعبير، الأمر الذي هدد وجودها بوصفها وسائل إعلام تمارس عملها وفق معايير وأخلاقيات مهنية متعارف عليها دوليًا. وهو ما أفقدها جمهورها الداخلي والخارجي وأصبحت عالةً على الجهات التي تموّلها وتدعمها. وأوضح الباحث في دراسته أنّ مطالبة دول الحصار بإغلاق قناة الجزيرة، تقدّم دليلًا على التأثير القوي للإعلام المهني الذي يحافظ على الحد الأدنى من الموضوعية.

تحديات التكامل الخليجي ومستقبله في ظل الأزمة الخليجية

خُصصت الجلسة الأولى في المسار الثاني الخاص بالعلاقات الدولية لموضوع "تحديات التكامل الخليجي ومستقبله في ظل الأزمات الراهنة"، تناول فيها الباحث عبد الوهاب القصاب "صافي الخسارة الإستراتيجية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ضوء الأزمة الخليجية"، إذ أكد أنّ الأزمة الخليجية الراهنة بينت بجلاء غياب رؤية واقعية ومنطقية للمصالح الحيوية الجامعة لدول مجلس التعاون.

وأوضح القصاب أنّ الأزمة الخليجية الراهنة تحتاج إلى تسوية تاريخية بين مختلف الدول، ما يتطلب فتح الملفات الخلافية كافةً والعمل على حلّها من منظور المصالح والمكاسب المشتركة، وهي الطريق الأنسب للحفاظ على مجلس التعاون بوصفه منظومة إقليمية.‏

وعلى مستوى موازٍ، بيّن الباحث ديفيد دي روش في بحثه "التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون: الوعد غير المتحقق"، ‏‫أنّ آفاق التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون محيرة وغير واضحة؛ فالخبراء العسكريون كانوا يتوقعون طوال عقود تحوّل مجلس التعاون إلى حلف عسكري متماسك على غرار الناتو، ولا يزال هذا الهدف بعيدًا عن الأفق المنظور اليوم، على الرغم من إنفاق مئات مليارات الدولارات في شراء الأسلحة وعقود التوجيه والتدريب العسكري الغربي.

وقدّم الباحث أحمد أوجقاج بحثًا بعنوان "الأزمة الخليجية: محاولة لتغيير النظام الإقليمي"، أكّد فيه أن دول مجلس التعاون تمتلك كمية هائلة من الهيدروكربونات إضافةً إلى قوة مالية ضخمة، لكنها فشلت في تحويلهما إلى قوة إستراتيجية تحقق التوازن مع إيران أو العراق.

مواقف الدول الخليجية وسياستها في الأزمة

مواقف الدول الخليجية وسياستها في الأزمة كانت حاضرة على جدول أعمال المنتدى في دورته الرابعة؛ فقد عالج الباحث عبد الله باعبود "الموقف العماني من الأزمة الخليجية: الدوافع والتحديات"، وأوضح أنّ سلطنة عمان استفادت من الأزمة على المستوى الاقتصادي، بزيادة التبادل التجاري بين قطر وعمان، إلا أن عمان تعتقد أن الازدهار الإقليمي يأتي بفضل الاستقرار في منطقة الخليج العربي.

من جانبه، بيّن الباحث ظافر العجمي في ورقته حول "دوافع الوساطة الكويتية وآفاقها في الأزمة الخليجية"، أن جهود دولة الكويت من أجل حلّ الأزمة واجب ملزم، بحيث لم تكن نزعة الاتكال المفرط على الدروس التاريخية دافعها بل خطورة البيئة الإقليمية الراهنة التي قد لا تكون متسامحة مع أي هشاشة في منظومة الأمن الخليجي.

أمّا عمر كريم فقد تناول "العلاقات السعودية القطرية والأزمة الخليجية"، ‏‫وخلص في ورقته إلى أنّ هناك علاقة كبيرة بين الأزمة الخليجية والتغيرات الداخلية في السعودية والخلافات على السلطة فيها.

وتحدّث أندرياس كريغ في ورقته "صراع السرديات في الأزمة الخليجية"، عن الإمارات العربية المتحدة التي قامت بتحويل نفسها إلى قوة اقتصادية في المنطقة، لكنها تحولت إلى دولة أمنية في الوقت ذاته، موضحًا أنّ الإمارات رأت في الربيع العربي تهديدًا لا بد من وضع حدٍّ له. وقد تبنّت السعودية هذه الرؤية الإماراتية.

أما الجلسة الختامية لأعمال المنتدى فعالجت "الأزمة الخليجية: بناء الدولة وديناميات التنافس الإقليمي". وتحدث وليام تومسون عن "تشكل الدول الخليجية: الحرب، والنمو الاقتصادي والقادة السياسيون"‏، وخلص إلى أنّ دولة قطر حققت تحسنًا ملحوظًا في درجات بناء الدولة في حين تراجعت دولة الكويت في هذا المجال. أما العراق فليس من المستغرب أن يحقق أدنى الدرجات في بناء الدولة.

وتناول عماد منصور مسألة "أثر التنافس في بناء الدولة الخليجية"؛ إذ أوضح في ورقته أنّ أشكال حل الصراعات في حد ذاتها بين دول الخليج كانت مهمة في عملية بناء الدولة، مؤكدًا أنّ "متغير القبيلة لديه قدرة تحليلية كبيرة في فهم عملية بناء الدولة في الخليج".

وختم تيم نبلوك أعمال الجلسة بتأكيد أنّ منطقة المحيط الهندي تمثل منطقة إستراتيجية في علاقة بالمصالح الخليجية وبالقوى العالمية التي من الممكن أن تغير جزءًا كبيرًا من الصادرات الخليجية نحو منطقة المحيط الهندي بنسبة 76 في المئة سنة 2016. وبناءً عليه، ينبغي لدول الخليج أن تكون واعية بالتغيرات العسكرية والدولية في منطقة المحيط الهندي.