بدون عنوان

من جلسة إفتتاح الندوة
الدكتور عزمي بشارة
تستمر أعمال الندوة يومين
الدكتور عمر عاشور
تتناول الندوة المقاربات المختلفة للتحول من العمل المسلح إلى العمل السياسي السلمي
حضور أكاديمي متميز لأعمال الندوة
المتحدثون في الجلسة الأولى حول التحولات في الشرق الأوسط
المتحدثون في الجلسة الثانية حول التحولات في أوروبا
الجلسة الأخير في اليوم الأول حول التحولات في أميركا اللاتينية والكاريبي
أوراق بحثية ركزت في هذه الجلسة على التحولات السياسية والعسكرية في أوروبا
التحولات في الحالة العربية لدول العراق ومصر وسورية، محور هذه الجلسة

انطلقت، اليوم السبت 3 تشرين الأول/ نوفمبر 2018، أعمال ندوة "من السلاح إلى السلام: التحولات من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي"، التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يومَي 3-4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، في مقره بالدوحة. وهي الندوة الأولى من نوعها في المنطقة العربية، من ناحية المضمون العلمي؛ إذ تبحث في حالات الانتقال من العمل السياسي المسلح إلى النشاط السياسي غير المسلح، من خلال نماذج مختلفة من العالم، ومن ناحية الخبرات السياسية والأكاديمية المشاركة في أعمالها من خلال أوراق ودراسات علمية معمّقة.

بشارة: أربع ملاحظات في موضوع الانتقال من السلاح إلى السلام

افتتح الدكتور عزمي بشارة الندوة بمحاضرة عنوانها "أربع ملاحظات في موضوع التحوّل من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي"؛ حيث أشار في المقدمة إلى أن هذا الموضوع يتطلب مقاربة منهجية تكاملية ومركبة الأبعاد في العلوم السياسية وعلم الاجتماع والتاريخ الراهن. وقدم بشارة بعض الملاحظات المتعلقة بمنهجية الرؤية والمعالجة البحثية؛ ففي عرضه الملاحظة الأولى رأى بشارة أن أسوأ ما جرى لهذا الموضوع، بوصفه موضوعًا للدراسة والبحث، أنّه يُقارَب منذ بداية قرننا الحالي من زاوية ما نمّطته تسمية "الحرب على الإرهاب" وما أفرزته من أفكار وسياسات عملية؛ ما عرقل دراستَه بمنهجٍ علمي، وأخضعه لأجندات سياسيّة مباشرة من دول كبرى وأنظمة إقليمية ومحلية دخلت في لعبة تبادل المصالح في شراكات واتفاقات، أو معاهدات حول ما يسمّى "محاربة الإرهاب". أما الملاحظة الثانية، فتكمن في مقاربة الموضوع تحت العنوان العام "الانتقال من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي"، وأكد بشارة أنه يجب ألَّا تُطمس الفوارق بين أنواع العمل المسلح وأنواع العمل السياسي السلمي، وأنّ العلوم السياسيّة، في سعيها للتخلص مما تسميه أحكام القيمة، غالبًا ما تنزلقُ إلى عدم التمييز بين سلاحٍ وآخر. وجادل بشارة في الملاحظة الثالثة بأنّ البحث في موضوع الانتقال إلى السلم، ضمن إطار فروع العلوم السياسية المقارنة التي تبحث في الانتقال جميعها، هو بحث تيليولوجي، أي إن غايته الوصول إلى السلم. ومهما أنكر العاملون فيه والمهتمون به انحيازاتهم، فإنهم منحازون غالبًا إلى ما ينظّرون للانتقال إليه بأدوات العلوم الاجتماعية. وفي الملاحظة الرابعة، ناقش بشارة التحوّل من العمل السلمي إلى العمل المسلح، خاصة أن التجربة العربيّة في الأعوام الأخيرة تُبيّنُ أنّ الاستبداد الذي لا يترك أي مجالٍ للإصلاح السياسي والتغيير السلمي، إذا اجتمع مع سياسة تهميش اجتماعي وممارسات إذلال جسدي ونفسي لفئات واسعة من المواطنين، يخلقُ بيئة ملائمة للعمل المسلح.

كيف تتحوّل الجماعات الثورية المسلحة إلى السلام؟

قدم عمر عاشور منسق الندوة، ورئيس برنامج الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة للدراسات العليا، مداخلة بعنوان "من مسلحين إلى سلميين: كيف تتحوّل الجماعات المسلحة إلى النشاط السياسي اللاعنفي؟ ولماذا؟"، استعرض في بدايتها فكرة الندوة وأهدافها البحثية التي تتركز في توفير إطار نظري جامع للمداخلات المقدمة خلال الجلسات المختلفة، وطرح أهم الأسئلة النظرية والعلمية التي تشتبك معها الأوراق البحثية. ثم انتقل عاشور إلى أهم الخلاصات العلمية للأجندة البحثية الخاصة بالتحوّلات من النشاط السياسي المسلح إلى النشاط السياسي السلمي، وعرض ما وصلت إليه الدراسات فيما يخص كيفية حدوث تلك التحوّلات وأسبابها، وشروط البدء والاستمرارية، كما تناول ما ينقص الأجندة البحثية في هذا المجال، وإمكانية تحديثها وتطويرها، وكيف يمكن أن تؤثر إيجابيًا في صياغة سياسات رسمية تساعد على دعم التخلي عن العنف والتطرف واستمراره والتحوّل نحو السلمية والسلام.

وأعقبت كلمة عاشور مداخلة قدمها فرانك بيرل بعنوان "محاورة المسلحين: ملاحظات حول تنظيم القوات المسلحة الثورية ’الفارك‘ واتفاقات السلام الكولومبية". تضمنت هذه المداخلة شهادة حول خبرة بيرل الشخصية في الحوار والتفاوض مع التنظيمات الثورية المسلحة في كولومبيا، وكيفية تحوّلها من السلاح إلى السلام، وتحديات بدء عملية التحوّل نحو النشاط السياسي السلمي، لا سيما أنه بدأ مسيرته المهنية في الحكومة الكولومبية عام 2006 بدورٍ بارزٍ في إطلاق عملية دمج المقاتلين السابقين الذين كانوا ينتمون إلى مجموعات مسلحة وشبه مسلحة في كولومبيا، وقد أجرى بيرل عام 2009 اتصالات سرية أدت إلى إرساء عملية السلام مع تنظيم القوات المسلحة الثورية الكولومبية وجيش التحرير الوطني، كما شارك ضمن الفريق الحكومي الكولومبي الذي وقّع اتفاقية السلام مع تنظيم الفارك.

الانتقال من السلاح إلى السلام: حالات عربية

ركزت أعمال الجلسة الأولى من الندوة على دراسة حالات عربية في مصر، والعراق، وسورية. قدم خليل العناني مداخلة بعنوان "تحولات جماعة ’الإخوان المسلمون‘ في مصر: جدل العلاقة بين القمع والعنف والمراجعات". عالج فيها العلاقة بين القمع الذي تتعرض له الحركات الاجتماعية المعارضة للسلطة، من خلال نموذج الإخوان المسلمين في مصر، واستجابة أعضاء تلك الحركات لهذا القمع. كما حاولت المداخلة تجاوز الأطروحات والافتراضات الكلاسيكية والمختزلة حول العلاقة بين القمع والعنف إلى البحث في أسباب اختلاف استجابة أعضاء الحركات الاجتماعية للقمع.

في السياق ذاته، قدم حيدر سعيد مداخلة بعنوان "’جيش المهدي‘ في سياق ظاهرة ما بعد الحزب". وقد حاجّ سعيد بأن جيش المهدي لم ينشأ، بوصفه ذراعًا مسلحة لتنظيم سياسي، وأن علاقته بالتيار الصدري ليست كالعلاقة التقليدية بين الأحزاب الأيديولوجية التي تنشأ ثم تؤسس لها لاحقًا ذراعًا عسكرية، بل إن الاثنين نشآ معًا. ويرى حيدر أن جيش المهدي يمثّل إطارًا واسعًا وفضفاضًا لمجموعة من الوظائف؛ فهو ميليشيا، وهو تنظيم سياسي، وهو مؤسسة خدمات. كما يرى كثير من الباحثين أن النفوذ السياسي للتيار الصدري يتحقق من خلال ذراعه المسلحة، في حين أن الأطروحة الأساسية لهذه الدراسة تذهب إلى أن التيار الصدري تطور في الاتجاه المعاكس، وأن مساره السياسي نما بإضعاف الفصيل المسلح، وليس تقويته، أي إن الميليشيا عُزلت لصالح الحزب، ولم يقوَ الحزب من خلال قوتها.

المداخلة الثالثة قدمها حمزة المصطفى بعنوان "من السلاح إلى المفاوضات: تقييم تحوّلات الحركات الإسلامية السورية: دراسة مقارنة بين ’أحرار الشام‘، و’جيش الإسلام‘، و’فيلق الشام‘". وقد عرض فيها التغيرات الخطابية والسلوكية والهيكلية التي مست الحركات الإسلامية المسلحة في سورية منذ التدخل الروسي في 2015 وتغير موازين القوى لصالح النظام السوري. وركز الباحث على نماذج أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام؛ في محاولة لاستقصاء آليات عملها السياسي ومحدداته وسياقاته الظرفية والبنيوية، وتقييم مدى تأثيرها في إستراتيجيتها الراهنة والمستقبلية.

تجارب في أوروبا لحركات وأحزاب مسلحة

عُنيت الجلسة الثانية من أعمال اليوم الأول بحالات الانتقال في أوروبا؛ وقد عالجت المداخلةُ الأولى التي قدمها غوردون كلوب، وهي بعنوان "انسحاب أم هزيمة؟ كيف انتقل الجيش الجمهوري الإيرلندي من السلاح إلى السلام"، حالةَ الجيش الإيرلندي والانتقال الحاصل ما بعد اتفاق الجمعة العظيمة عام 1998 الذي نص على دعوة البروتستانت إلى تقاسم السلطة السياسية في إيرلندا الشمالية مع الأقلية الكاثوليكية، وعلى أن تعطي جمهورية إيرلندا رأيًا في شؤون إيرلندا الشمالية، ومن ثمّ وضع حد للنزاع في صورة نهائية، وتحقيق التعايش السلمي بين طوائف إيرلندا الشمالية، وبينها وبين جمهورية إيرلندا.

أما المداخلة الثانية، فعرضها نيك هاتشين، وكانت بعنوان "التحوّلات بعد الهزائم؟ منظمة إيتا (أرض الباسك والحرية) في إسبانيا نموذجًا". وقد ركّزت على بحث الأسباب والظروف المتعلقة بتحوّل إيتا من حركة انفصالية عنيفة إلى حركة سلمية. كما طرح هاتشين في مداخلته تأثير سياسة مكافحة الإرهاب، إضافةً إلى النقاش الداخلي ضمن منظمة إيتا نفسها، في تحوّل الفصائل ضمن الحركة الانفصالية.

وقدم مراد يشلتاش مداخلة عنوانها "عندما لا تكون السياسة كافية: في فهم فشل انتقال حزب العمال الكردستاني من النشاط المسلح إلى النشاط السياسي غير المسلح". وعرض فيها العلاقات بين الهوية والأمن والسياسة، مدخلًا لفهم أسباب فشل عملية الانتقال من العمل السياسي المسلح إلى العمل السياسي السلمي لحل القضية الكردية، ولإجراء تعديلات على حزب العمال الكردستاني في تركيا. وقد ركز الباحث على مسألة سياسات الهوية وعوامل الأمن، وعلى الكيفية التي أسفرت من خلالها عن معضلة أمنية دائمة بين تركيا والحزب.

أميركا اللاتينية والكاريبي

عالجت الجلسة الثالثة من أعمال الندوة حالات الانتقال من السلاح إلى السلام في أميركا اللاتينية والكاريبي. وقدمت خلال هذه الجلسة أربع مداخلات تنوعت مواضيعها ومناهجها ونماذج التحوّل المدروسة خلالها. قدم ألدو مارشيسي المداخلة الأولى، وكانت بعنوان "تحوّلات بعد الهزيمة: حالات حركة التوباماروز في الأورغواي واليسار المسلح في تشيلي والأرجنتين"، حاول من خلالها التوصل إلى نموذج تفسيري مركب لنجاح التنظيمات السياسية المسلحة سابقًا، في بلدان جنوبي أميركا اللاتينية، في التكيف مع الأنظمة الديمقراطية الجديدة خلال ثمانينيات القرن الماضي.

وفي السياق ذاته، قدمت ماريا جيمينا دوزان مداخلة بعنوان "إعادة الدمج السياسي للمقاتلين المسرَّحين في كولومبيا". وعرضت دوزان في بحثها نموذج الفارك في كولومبيا، وعمليات التفكيك المبرمج الذي تعرضت له الفارك من الحكومة الكولومبية، وما عقب ذلك من تسريح لمقاتليها وتحوّل جزء منهم في العمل السياسي.

أما المداخلة الثالثة التي جاءت بعنوان "من الحركة الثورية إلى الدولة الثورية: حالة كوبا"، فقد حلل فيها سنتياغو بيريز السياق الذي تشكّلت فيه حركة "26 يوليو" الثورية في كوبا، واستعرض ملامحها والتقاليد السياسية للنشاطات الثورية الكوبية التي استمدت منها سلوكها. كما عالج البحث سياق انتصار الحركة الثورية والتحولات التي حققتها الدولة الثورية في حقل الثقافة السياسية والتعبئة والأيديولوجيا والميادين الاجتماعية والتنظيمية، ومنها القطاعان العسكري والأمني.

واختتمت أعمال الجلسة الثالثة بمداخلة قدمها روبرتو كاخينا بعنوان "روح التغيير في جيش نيكاراغوا: ثلاث مراحل وثلاث هويات مختلفة"، حاول فيها تأطير المراحل المختلفة لتطور مؤسسة الجيش في نيكاراغوا وأسبابها والبيئة السياسية والاقتصادية المحيطة بها.