بدون عنوان

اختتمت مساء يوم الأحد 24 أيلول/ سبتمبر 2017 أعمال مؤتمر "الجيل والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي" الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وقد التأمت جلسات المؤتمر في مدينة الحمامات في تونس، على مدار ثلاثة أيام وشارك فيها نحو أربعين باحثًا من عدة دول عربية. وناقشت جلسات اليوم الختامي محاور أكاديمية، وانتهت بجلسة ختامية للوقوف على أبرز الاستنتاجات الأكاديمية والعملية في هذا الموضوع.


الشباب والانتقال الديمقراطي

أشار الباحث محمد بالراشد في الجلسة الأولى إلى أن غياب الشباب العربي عن المشاركة السياسية غدا أحد أبرز ملامح الحياة السياسية في تونس على الرغم من أن الشباب كان رافعة الثورة. وتطرّق الهادي بووشمة إلى واقع الشباب الجزائري بعد ثورات 2011 فبين أن الجزائـر صـارت مجـالًا طـاردًا لشـبابها، يدفعهم إلى الهجـرة أو ممارسـة عـدد من مظاهـر الانحراف والعنـف وغيرهما، وهو ما عمّق أزمة الثقـة لدى الشباب وعـدم رضـاهم عن السـلطة، وصاحب ذلك تنامي الشـعور بالظلم والإقصاء.

وقدمت فرح رمزي نتائج بحث ميداني أجرته مع مجموعة من طلبة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حاولت من خلاله رصد أبرز ملامح تطور علاقة الطلاب بالسياسة من خلال مشاركاتهم السياسية في الفعل الجمعي الاحتجاجي أو غير الاحتجاجي وموقفهم من الشأن العام والقضايا السياسية.

الشباب بين الإقصاء والدمج

في مستهل الجلسة الثانية، تحدث الباحث محمد فاوبار انطلاقًا من تحليل سوسيولوجي عن سياسات الدولة في المغرب تجاه الشباب ومأزق إدماجهم بسبب افتقاد سياسة حقيقية قادرة على النهوض بالشباب المغربي على الرغم من إمكاناته وقدراته المتنوعة. وعرج الباحث إلى بـروز الحـراك العربي والمغربي عام 2011 الذي عجل بولادة بعض معالم سياسـة شـبابية في المغرب، نتيجة تعديل الدسـتور ووضع خطة إستراتيجية لإدماج الشـباب. لكن هذه السياسة لم تعـرف طريقها إلى التنفيـذ، بسـبب عـدة عوامـل، لعل أبرزها اسـتمرار البنيات السياسـية القديمة ذاتهـا، وغيـاب مشروع واضـح المعالم لإدماج الشـباب.

في سياق موازٍ، قدمت رحمة بن سليمان قراءة سوسيولوجية في مطالب شباب الثورة التونسية وتمثلاتهم لمسار العدالة الانتقالية، ونوهت في مقدمتها بمشاركة الشباب التونسي في الثورة بعفوية من دون قيادات حزبيّة ولا حقوقيّة ولا تنظيم مسبق. وترى الباحثة أن خلوّ الثورة من التخطيط المسبق ساهم في سيادة روح الجماعة الساكنة في الحشد، وهو ما أدى إلى توحيد صفوف المحتجّين وتوجيههم نحو هدف واحد، والمناداة بمطالب موحّدة تبلورت في عدد من الشعارات التي جرى رفعها.

وسلطت الباحثة شدوى رمضان الضوء على انتهاكات "العنف الجنسي" الذي تعرضت له "الناشطة المصرية" في عهدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة وفي عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، إضافةً إلى ممارسات الإقصاء الأخرى لا سيما في ما يتعلق بإبعادها عن المؤسسات السياسية والدستورية. وخلصت رمضان إلى أن الناشطة المصرية، والمرأة عمومًا، لم تحظ بالتمثيل السياسي المكافئ لأدوارها في الثورة، فجاء تمثيلها ضعيفًا في المناصب الحكومية ومجلسي الشورى والنواب واللجنة التأسيسية للدستور.

وقدّم أنور الجمعاوي في مداخلته وصفًا لأشكال تهميش الشباب في تونس اقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا بعد الثورة، متسائلًا عن أسباب محدودية مشاركة الشباب في الشأن العامّ بتونس، وعن مدى مساهمة سياسات أجهزة الدولة الرسمية التنموية في تهميش فئة الشباب.

الطلاب والانتقال الديمقراطي

في الجلسة الأكاديمية الأخيرة، تساءل خالد الرماج في مداخلته عن دوافع الشباب الجامعيين اليمنيين للمشاركة في حركة الاحتجاجات. وخلص بعد دراسة حالة طلبة جامعة صنعاء إلى وجود ثقافة سياسية مختلطة لدى الشباب في هذه الجامعة؛ فقد أظهروا دعمًا منخفضًا لركائز أساسية في الديمقراطية كالتعددية الحزبية، ومبدأ الانتخابات التنافسية الدورية، وميلًا متدنيًا إلى المشاركة السياسية، ومستوى من الثقة شديد الانخفاض تجاه الآخر المختلف سياسيًّا.

أما مداخلة زهير شوكاح فقد قدمت صورة عن آراء الطلاب الجامعيين العرب في ألمانيا وتصوراتهم للديمقراطية وحالة التحول الديمقراطي في المنطقة العربية، ومواقفهم من "الربيع العربي"، ومدى اهتمامهم بمجريات الأحداث العربية في ضوء المخاض الذي تشهده المنطقة حاليًّا، لتخلص إلى أن الطلاب العرب أظهروا حضورًا وتفاعلًا مستمرَّين في المجال الافتراضي، على الرغم من البعد الجغرافي؛ بفضل شبكات التواصل الاجتماعي التي مكنتهم من تجاوز غيابهم المادي والمكاني عن المنطقة العربية.

وقدم العياشي عنصر ووسيلة عيسات بحثًا مشتركًا حاولا فيه دراسة تمثلات المواطنة لدى الطلبة الجزائريين من خلال التطرق إلى أربعة أبعاد للمفهوم هي؛ الانتماء، والولاء، والمشاركة السياسية، وقيم الديمقراطية. وخلص الباحثان إلى أن هناك تصورًا وتمثّلًا كاملًا للأبعاد الثلاثة الخاصة بالانتماء والولاء والديمقراطية، في حين ينخفض التمثّل كلما اقتربنا من بُعد الممارسة السياسية.

وأشار إيهاب محارمة في مداخلته إلى أن توقيع اتفاقية أوسلو ساهم في انتكاسة تجربة الحركة الطلابية الفلسطينية، ما أدى إلى تراجع خطابها وتغييبها عن المجال العام وتحويلها إلى "راكب بالمجان" في "نفعية" أوسلو. وأضاف أنّ الانقسام الفلسطيني مترافقًا مع "المشروع الأمني" للسلطة الفلسطينية قوّضا دور الحركة الطلابية والجامعات الفلسطينية.