بدون عنوان

تواصلت اليوم السبت 23 أيلول / سبتمبر أعمال الدورة السادسة للمؤتمر السنوي لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بمدينة الحمامات (تونس) تحت عنوان "الجيل والانتقال الديمقراطي"، لليوم الثاني على التوالي.

وبحثت الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها الدكتور عبد الفتاح ماضي محور" شباب الإسلاميين: اتجاهات سياسية ". أشار خلالها الباحث محمود صلاح عبد الحفيظ إلى أن المقاربة القمعية والأمنية لم تكن كافية لفض الحركات الاحتجاجية في مصر وتهميش دور ناشطيها بل إن هذه المقاربة كانت مصحوبة بما اسماه المحاضر "فرص بنائية" تمثلت في افتعال أزمات سياسية واجتماعية (بعد 30 حزيران/ جوان) عندما نجحت السلطة وتحالفاتها في تأطير تلك "الفرص البنائية" لتصبح فرصا مدركة.

ونوه عبد الحفيظ إلى أن الصراع على الخطاب الوطني كان واضحا، فمن يملك إنتاج المعاني وإمكانية نشرها يتمكن من السيطرة والقبول العام بمشروعه ورؤيته. كما أوضح أنّ الدولة كانت جادة في الصراع على الخطاب، بل من أجل احتكاره، ووصل الأمر إلى حد تخوين كل من يعارضها أو يطالب بحقوق سياسية أو اقتصادية.

أما الدكتور محمد الجويلي، فقد حلّل علاقة الشباب التونسي بالظاهرة السلفية والتي وصفها بـ"الغامضة والملتبسة"، وخاصة في بعدها الإيماني والعقائدي والعنفي، انطلاقا من بحث ميداني شمل عينة 1200 من الشبان والشابات من الشريحة العمرية المتراوحة بين 18 و30سنة ينحدرون من منطقة تونس الكبرى.

ومن أهم الأسئلة التي طرحها الاستبيان ضمن هذه الورقة: ما حاجـة جيـل شـباب مـا بعـد الثـورة إلى نمط مـن التدين لم يكـن معهـودا هـو التديـن السـلفي؟ وقد بين من خلال إجابات المستجوبين أن 30 في المئة من شباب ولايات تونس الكبرى يرون أنّ الظاهرة السلفية في بعدها الإيماني العقائدي ملبية لحاجاتهم الدينية، ولكن في المقابل أصر الشباب المستجوب على رفض إقحام الظاهرة السلفية في الشأن السياسي. كما عبر أكثر مـن نصـف الشـباب المستجوب عـن موافقتهـم على ارتـداء الحجـاب في ريـاض الأطفال والمدارس الابتدائيـة.

وخلص الباحث إلى أن الظاهـرة السـلفية، مـن حيـث هـي شـكل مـن أشـكال إعـادة بنـاء الروابـط الاجتماعيـة، وجدت قبـولًا لدى الشـباب، خاصة في ظـل ضعـف مؤسسـات التنشـئة الاجتماعية وهشاشـتها.

وحاضر الباحث المصري ياسر فتحي محمد حول اتجاهات الإخوان المسلمين في مصر، وبيّن طبيعـة التكويـن داخـل الجامعـة المصرية ودرجـة الاهتمام بالتكويـن السـياسي، وحاول الإجابة عـن عـدة أسـئلة فرعيـة، منهـا مـا تعلـق بتمايـز اتجاهـات شـباب الجماعة مـن مواقفها الرسـمية. وتسـاءل عـن صـور التغير الحاليـة في اتجاهـات شـباب الجماعـة. كما لاحظ غياب التنشئة السـياسية لشباب الجماعة، والتمايز التدرجـي الـذي نشـأ بين اتجاهـات الشـباب ومواقـف الجماعـة، وكيف أنه انتقل تدريجيا من التبني التام لمواقف الجماعة إلى التبني المتحفظ وصولا إلى التمايز الواضح.

وكشـف الباحث أيضا عن وجود أصوات شـابة حملت، مبكـرًا، أفكارًا ورؤى ناقدة للمسـار العـام الـذي اتخذتـه الجماعـة، وحصول تغير كبير في الاتجاهات الحاليـة مقارنة بالسـابقة، والتـي تعدت إعـادة تقييم المواقـف والأحداث، لتشـمل تقييـم الأفكار والـرؤى والعلاقـات التنظيميـة.

بحثت الجلسة العلمية الثانية موضوع "الشباب التونسيون وتساؤلات الانتقال". وطرح الباحث التونسي شاكر الحوكين إشكالية ثنائية "الشباب" و"الثورة"، ودور الشباب في مسار الثورة التونسية، وخلص إلى أن المقاربة الجيلية لا تكفي لوحدها لقراءة الثورة التونسية، وأن هذه المقاربة تعاني بدورها من نقائص في مسار تشكلها وغموض في مفاهيمها وتباين في تصوراتها.

وختم بالتأكيد على أنّ من يحاول إنكار دور الشباب في الثورة التونسية، فكأنما هو يحاول "سرقتها "، كما أن من يقول، في المطلق، أن هذه الثورة هي ثورة الشباب هو أيضا يحاول سرقتها والالتفاف عليها أو ركوبها، وأن مشاركة الشباب في الثورة، وإن بدت ظاهرة للعيان، فإنها كانت جزئية ولم تكن تحمل مشروعًا سياسيًّا معيّنًا.

بدوره، حاول الباحث حمزة المصطفى الوقوف على إشكالية العقدة الجيلية في الانتقال الديمقراطي من خلال التركيز على عملية بناء التوافقات السياسية أثناء فترات الانتقال مع الإشارة إلى التجربة التونسية بالضرورة، وكيف أن التوافقات السياسية التي تجري بين قوى تقليدية قديمة تحدّ من قدرة القوى الاجتماعية الجديدة على التعبئة ما يؤدي إلى إنتاج ديمقراطية مجمدة.

واستعرضت الباحثة صوفية حنازلة واقع الشباب التونسي بعد الثورة ضمن ثلاثة مستويات، اقتصادي، وأمني، وسياسي، وخلصت في نهاية مداخلتها إلى أن التوافقات في تونس لم تستطع الارتقاء بالمردود السياسي للأحزاب الحاكمة، حيث هُمّشت مشاركة الشباب في الحكومات المتتاليّة، وغُض الطرف عن ضرورة تلبية احتياجاتهم وشعاراتهم وتوقعاتهم من الثورة.