بدون عنوان

تضمّن العدد السادس والأربعون من دورية "سياسات عربية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، أربع دراسات علمية ناقشت مواضيع الاتحاد الأوروبي والصين والهند وباكستان والمغرب، إضافة إلى ترجمة عن مكانة الصين في النظام الدولي، ودراسة عن رضا الشباب في ظل التحوّلات السياسية والاقتصادية بعد "الربيع العربي" صدرت في باب المؤشر العربي، ومراجعة كتاب عن السياسة الخارجية الأميركية. كما ضم العدد توثيقًا لأهم وقائع الصراع العربي – الإسرائيلي وأهم محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي، وأهم وثائق الحراك الاحتجاجي في لبنان.

في باب دراسات، بحثت أمينة مصطفى دلة في دراسة لها بعنوان "الاتحاد الأوروبي فاعلًا أمنيًا؟ دراسة في حدود التحولات البراديغمية للاستراتيجية الأمنية والعالمية للاتحاد الأوروبي"، التحولات الاستراتيجية للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، مع التركيز على "الاستراتيجية الأمنية الأوروبية" (2003) و"الاستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي بشأن السياسة الخارجية والأمنية" (2016). ورأت أنّ التحوّل الذي افترضته استراتيجية 2016 لم يكرّس سوى تكثيف للمنطق الأمني في سياسة الاتحاد الأوروبي؛ على نحوٍ انعكس على تكثيف أدواره الأمنية المحلية والعالمية. وخلصت إلى أن شواهد عدة توضح أن عام 2016 كان عامًا فارقًا في هذا التحول، إذ أبان الأوروبيون رغبةً واضحةً في منح أدوار أكبر للمؤسسات المعنيّة بشؤون الدفاع والأمن الداخلي والخارجي على حساب المؤسسات الأوروبية الأخرى.

وركز محمد مطاوع في دراسة له بعنوان "طريق الحرير الجديد في الاستراتيجية الصينية: الأهداف الكبرى، والوزن الاستراتيجي، والتحديات"، على مبادرة الحزام والطريق، بوصفها مبادرة استراتيجية تهدف إلى ربط الصين بباقي دول العالم وقاراته. وحاجّ بأنّ المبادرة تتجاوز رؤية تطوير البنية الأساسية، سواء داخل الصين أو في باقي الدول المنضمّة إلى المبادرة، إلى كونها مبادرة جيوسياسية تستهدف تطوير شبكة اتصال واسعة بين الدول المختلفة لتشمل معظم الأراضي الأفريقية والآسيوية والأوروبية. كما حاجّ بأنّ هذه المبادرة هي رؤية صينية تتضمن تحقيق أهدافها على المستوى المحلي، إلى جانب تعزيز سياستها الخارجية، معتمدةً على تعزيز مصالح الصين السياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي. وركز على مناقشة تحديَين رئيسين يواجهان المبادرة: يتمثل أولهما في إدراكات القوى الدولية ومواقفها تجاه المشروع، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية واليابان والهند والاتحاد الأوروبي وروسيا. أما التحدي الثاني فيتمثل في معوقات التنفيذ على أرض الواقع.

أما زاهد شهاب أحمد ومحمد وقاص جان في دراسة لهما بعنوان "إلغاء الهند وضع ولاية جامو وكشمير الخاص: خيارات باكستان" فقد عرضا الخيارات السياسية المتاحة أمام باكستان في ما يتعلّق بنزاعها مع الهند بشأن جامو وكشمير. وركزا على الأزمة التي تلت إلغاء الهند الوضع الخاصّ لولاية جامو وكشمير في آب/ أغسطس 2019. وعرضا سلسلة التدابير التي يمكن الحكومة الباكستانية أن تتخذها إمّا وحدها و/ أو بالتنسيق مع جهات دولية فاعلة، من أجل تأمين الدعم للتوصل إلى حلّ مستدام بشأن النزاع المتعلق بجامو وكشمير. وخلصا إلى أن قرار الحكومة الهندية سيكون له تداعيات خطرة؛ ليس على المستوى الأمني في الهند وفي جنوب آسيا فحسب، بل على الإقليم، فقد بلغت التوتّرات بين الهند وباكستان أعلى مستوياتها. وأضافا أنّ من المستبعد أن تخوض باكستان حربًا شاملةً، على الرغم من ردّة فعلها الأولية باللجوء إلى كلّ الوسائل بما فيها الحرب دعمًا للكشميريين؛ بسبب تردّي وضعها الاقتصادي.

ورصد الحبيب استاتي زين الدين في دراسة "الأحزاب السياسية في المغرب ومأزق التوترات الاجتماعية الجديدة"، طبيعة العلاقة بين الممارسة الاحتجاجية وأزمة السياسة، مركّزًا على ضعف آليات الوساطة السياسية التقليدية، مع الأخذ في الحسبان ما يثيره المشهد السياسي الحالي من قلق مزدوج؛ بوجود تعددية حزبية، ووحدة بخصوص "البرامج السياسية"، طمعًا في الوصول إلى السلطة أو التقرب من دائرة القرار السياسي. وتساءل عن ماهية تجلّيات أزمة الوساطة التي تحول دون اضطلاع الأحزاب السياسية بدورها في تقريب الهوّة بين الفاعل الاحتجاجي والدولة في إطار وظائفهما التأطيرية والتكوينية. وخلص إلى أن الأحزاب السياسية تجد، على المستوى العالمي، صعوبة في إنجاح مهمة تقديم الأفكار واقتراحها ونقاشها والقيام بدور الوساطة على نحوٍ مؤثّر ومقنع في زمن العولمة وتأثيرات الأزمة الاقتصادية وتآكل الأيديولوجيات، ورأى أنّ الأثر يختلف من دولة إلى أخرى، وتزداد حدّة الوضع، بكل تأكيد، في البلدان السائرة في طريق النموّ، كما هو الشأن بالنسبة إلى المغرب.

وفي باب المؤشر العربي، أعدّ هشام رائق ومحمد أوريا دراسة عنوانها "مدى رضا الشباب في ظل التحوّلات السياسية والاقتصادية بعد ’الربيع العربي‘: تحليل انحدار لوجستي ثنائي الاستجابة لعيّنة من المغرب العربي"، مع التركيز على بيانات الباروميتر العربي Arab Barometer لعام 2018-2019، وبيانات المؤشر العربي الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لسنوات 2011-2018. واستنتج الباحثان أنّ شباب المغرب العربي يتمسكون بالأولوية الاقتصادية، على الرغم من توافر أولويات أخرى مرتبطة بالفساد الإداري، والخدمات العمومية، ومحاربة الإرهاب، وانعدام الأمن. وانتهيا إلى أن البعد الاقتصادي يأتي على رأس الأولويات بالنسبة إلى الشباب، وإلى المجتمع كله أيضًا.

أما في باب دراسة مترجمة، فقدمت عومرية سلطاني ترجمة لدراسة بعنوان "القطبية الأحادية للنظام الدولي: أيّ مكانة للصين؟". حاجّت الدراسة بأن هذه التحولات المرتبطة بصعود الصين وتحقيقها مرتبة "القوة العظمى الناشئة المحتملة" وتضييق الفجوة في موارد القوة العالمية، تجعل الولايات المتحدة التي لا تزال تحظى بقدرة لا مثيل لها، ربما آخر قوة عظمى بالمعنى الموروث من حقبة الحرب الباردة. وخلصت إلى أن القطبية الأحادية لا تزال منيعة من التحدي لأن ديناميات التفاعل بين الدول التي ينخرط فيها فاعلون من المفترض أن يعملوا من أجل بناء عالم متعدد الأقطاب، تساهم في إعادة إنتاج القطبية الأحادية.

وفي باب التوثيق اشتمل العدد على توثيق لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية" في المدة تموز/ يوليو - آب/ أغسطس 2020، وتناولت "وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الحراك الاحتجاجي في لبنان في الفترة تشرين الأول/ أكتوبر – تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

وتضمن باب مراجعات وعروض كتب مراجعة أعدّها جلال خشيب لكتاب "هل للقيم أهمية تذكر؟ الرؤساء والسياسة الخارجية من روزفلت إلى ترامب" لجوزيف ناي؛ ويعدّ الكتاب ثمرة لخبرة ناي ومعرفته الأكاديمية الطويلة في حقل العلاقات الدولية، وامتدادًا للطروحات التنظيرية التي دافع عنها وأرسى لها ركائز منذ نهاية سبعينيات القرن المنصرم.