بدون عنوان

تضمّن العدد الثاني (آذار/ مارس 2021) من دورية "حِكامة" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا في باب دراسات خمسة أبحاث، ناقشت مواضيع صناديق الثروة السيادية لدول الخليج العربية؛ وواقع رأس المال الاجتماعي في البلدان العربية؛ وبرامج التعاون اللامركزي وغير الحكومي الأوروبي - العربي في سياق الاستجابة للهجرة القسرية؛ وسياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة غير النظامية بالتركيز على حالة ليبيا؛ واللجوء السوري في ألمانيا وجدل سياسات الهجرة. في حين اشتمل باب تقارير وأوراق سياسات على ورقة سياسات تبحث في آفاق سياسة عامة لحماية حقوق العاملين الفلسطينيين في "إسرائيل"؛ وتقرير حول الاستجابة الحكومية لجائحة كوفيد-19 وتداعياتها في مصر؛ إضافة إلى تقرير لندوة عقدتها حكامة حول سياسات التعليم وآفاقه في ظل جائحة كورونا بالتركيز على الحالة العربية؛ وتقرير مترجم عن الديمقراطية حول العالم في ظل جائحة كوفيد-19. كما احتوى العدد على دراسة مترجمة حول الهجرة الدولية في سياق أزمة الجائحة وتداعياتها. وأخيرًا في باب مراجعات كتب، تضمّن العدد عرضين لكتابين، يطرح الأول سؤال كيف تستمتع الحكومة للعلماء؟ ويعرض الثاني لموضوع "إدارة الهجرة خارج الدولة: أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا في سياق عالمي".

في الدراسة الأولى في هذا العدد بعنوان "صناديق الثروة السيادية لدول الخليج العربية: بين الاستدامة والتحديات المستمرة"، يتناول نايف الشمري حالة صناديق الثروة السيادية في دول الخليج العربية، فيحلل أداءها ومدى استدامتها باستعراض بياناتها منذ التأسيس حتى الفترة الراهنة، ومقارنتها ببيانات نظيراتها من صناديق الثروة السيادية المتصدرة عالميًا. وفي مسعى لاستكشاف المشكلات ورصد مكامن الضعف في عملها، ترى الدراسة أن من أهم الأخطار التي تهدد استدامة صناديق الثروة السيادية استمرار التعقيدات في الإجراءات البيروقراطية، وانكشاف مصدر التمويل لأوجه نشاط الصناديق مع عدم استقرار الإيرادات النفطية، فضلًا عن غياب الشفافية، وضعف حوكمة هذه الصناديق. وفي ضوء مقارنة الصناديق الخليجية بغيرها من الصناديق السيادية، ينتهي الشمري إلى مجموعة من التوصيات الهادفة إلى مواجهة التحديات التي تواجهها الصناديق الخليجية على المدى المنظور وفي المستقبل.

في حين يبحث أنس القيسية في دراسته بعنوان "واقع رأس المال الاجتماعي ومحدداته في الوطن العربي" في محددات رأس المال الاجتماعي وأثر الأداء السياسي في تعزيز الثقة الاجتماعية في البلدان العربية، بالاعتماد على تحليل بيانات المؤشر العربي الذي يصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات. وبناء على تحليل تلك البيانات وفق نموذج الانحدار اللوجستي، ترصد الدراسة المحددات التي تؤثر في رأس المال الاجتماعي وعلاقتها بالثقة العامة، لتنتهي إلى عدة نتائج أبرزها أن المحددات التي تؤثر في رأس المال الاجتماعي، هي: الثقة السياسية، واللغة، والفئة العمرية، والدخل. وتدعم نتائج هذه الدراسة ما توصلت إليه دراسات سابقة بأن مستويات الثقة العامة المنخفضة قد تعزز ظهور كتلة تدعم إقامة الديمقراطية داخل المجتمعات العربية، وتؤكد على ضرورة البحث في فهم كيفية تأثير وتفاعل المحددات المؤثرة في الثقة العامة على نحو أوسع. ويختتم القيسية دراسته بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحقيق مستويات ثقة أعلى وتحسين أداء المجتمعات العربية وتطوير العقد الاجتماعي الحالي فيها.

وضمن ملف خاص، في باب الدراسات، حول سياسات الهجرة التي تعتمدها دول الاتحاد الأوروبي تجاه ظاهرة الهجرة القسرية من البلدان العربية، يقدم منير مباركية دراسة بعنوان "برامج التعاون اللامركزي وغير الحكومي الأوروبي - العربي بوصفها آلية استجابة للهجرة القسرية"، ويختبر فيها قدرة تلك البرامج على الاستجابة لأزمة اللجوء الحالية عبر دراسة خصائص ظاهرة اللجوء وآليات الاستجابة لها. وتبحث الدراسة في المساهمة التي يقدمها "برنامج اللاجئين والمجتمعات المتوسطية المضيفة" الذي يستهدف دولًا ومدنًا من الشرق الأوسط وتركيا. ومن النتائج التي انتهت إليها الدراسة أن التعاون اللامركزي الأوروبي - العربي يُمكن أن يُشكّل إطارًا متكاملًا للتدخلات الإنسانية والتنموية التي تتكيف وتستجيب لاحتياجات اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، وذلك عن طريق التشبيك بين الفواعل من مختلف الأصناف وعلى مختلف المستويات، وفتح قنوات التنسيق والتدريب، وتبادل الموارد والمعارف والخبرات فيما بينها. وتؤكد الدراسة أنه كي تتحقق هذه الأمور، لا بد من أن يتم تصميم وتفعيل هذه البرامج بالتشاور والتنسيق مع مختلف أصحاب المصلحة، وبرامج وتدخلات الفاعلين الآخرين، بعيدًا عن أجندات سياسية واستراتيجية تُصنع وتُنفذ على حساب اللاجئين والدول والمدن المضيفة.

أما أحمد قاسم حسين، فيبحث في دراسته المعنونة "الاتحاد الأوروبي والهجرة غير النظامية: دراسة حالة ليبيا" في سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة غير النظامية بالتركيز على حالة ليبيا. وتسلط الضوء على المراحل التي تطورت خلالها سياسات الهجرة، وتبحث في آلية انتقال مسألة الهجرة غير النظامية من صلاحيات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى أن تصبح مسألة مشتركة بين دول الاتحاد، من خلال العودة إلى نصوص الاتفاقيات والمعاهدات المؤسسة للاتحاد، بالتركيز على ما صدر منها في المرحلة التي تلت الانتفاضات الشعبية العربية. وبالتركيز على حالة ليبيا، تسعى الدراسة إلى تقديم فهم معمّق لمقاربة دول الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة غير النظامية، وذلك عبر البحث في البرامج والخطط الجماعية الأوروبية في مجال معالجة ظاهرة الهجرة والاستجابات لتدفقات المهاجرين القادمة من ليبيا إلى أوروبا.

وفي الدراسة الأخيرة في هذا الملف، "اللجوء السوري في ألمانيا وإعادة السجال في سياسات الهجرة"، يبيّن ياسر درويش جزائرلي أن قرار الحكومة الألمانية المتعلق باستقبال عدد كبير من اللاجئين يعود إلى عاملين اقتصاديين، يشير الأول إلى الانحدار الكبير الذي تشهده نسبة المواليد في ألمانيا، وانعكاس ذلك على مستقبل اقتصاد البلد. أما الثاني فهو أن قوة الاقتصاد الألماني ستسهّل عملية اندماجهم. وتتعارض هذه الرؤية لعلاقة الاقتصاد بالاندماج مع الخطاب الذي نشره نقّاد سياسة الهجرة في ألمانيا وأوروبا، الذين ذكروا فشل اندماج المهاجرين المسلمين الذين أتوا في ستينيات القرن الماضي. وتوضّح الدراسة أن هناك فرقًا كبيرًا بين موجتَي الهجرة الأولى والثانية؛ ففي الحالة الأولى لم تكن هناك سياسة اندماج، أما الآن فقد وضعت الحكومة خطة اندماج ترتكز على أهمية التعليم وسوق العمل. كما تبيّن الدراسة التشابه بين الخطاب المعادي للهجرة والخطاب الاستشراقي.

وفي باب تقارير وأوراق سياسات، تضمّن العدد ورقة سياسات عن العمال الفلسطينيين، ومجموعة من المواد تتعلق بتداعيات جائحة كوفيد-19. استهل إيهاب محارمة هذا الباب بورقة سياسات بعنوان "نحو سياسة عامة تحمي حقوق العاملين الفلسطينيين بأجر في ’إسرائيل‘ والمستعمرات"، ويبحث فيها السياسات العامة التي من شأنها حماية حقوق العاملين الفلسطينيين، ويبرر الحاجة إلى تلك السياسات بأن خطط وبرامج الحكومة الفلسطينية تفتقر إلى سياسات تحمي حقوق أولئك العاملين. وفي مسعى للبحث عن سبل حماية حقوقهم، تقترح الورقة سياسة عامة تتضمن مستويين متداخلين ومتشابكين: أولهما دولي وإقليمي يسعى إلى تعزيز المساعي القانونية لحماية حقوق العاملين الفلسطينيين وفقًا لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ وثانيهما محلّي يسعى إلى ضمان حق العاملين الفلسطينيين في إنشاء نقابة فلسطينية مستقلة تحمي حقوقهم من الاستغلال الإسرائيلي.

وفي تقرير بعنوان "مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في مصر: السياسات والتداعيات"، يعرض عبده موسى للمسارات التي أعلنتها الحكومة المصرية للخروج من الأزمة، والمداخل المطروحة للتعافي من آثارها في المديين القريب والمتوسط. ويرى التقرير أن الجائحة لم تغير في الأوضاع المأزومة اقتصاديًا وسياسيًا في مصر، بل جاءت لتفاقم أزمات هي بطبيعتها هيكلية وتراكمت عبر الزمن. وأبرز أن سياسات مواجهة الجائحة وما صحبها من إجراءات احترازية لم تخلُ من الانحياز الاجتماعي، وتسببت في تعريض الفئات الفقيرة والأشد هشاشة لآثار معيشية وخيمة. كما أشار التقرير إلى أن رهن علاقات المجتمع والدولة باعتبارات الأمن السياسي يحدّ من قدرات المواجهة الاجتماعية للأزمات، فضلًا عن إضعافه كفاءة الحكم.

وتتضمن هذا الباب أيضًا تقريرًا حول ندوة عقدتها دورية حكامة بعنوان "سياسات التعليم ونظمه في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19): تساؤلات وآفاق" لمناقشة تداعيات الجائحة على نظم التعليم. ويستعرض التقرير خلاصة مداخلات خبراء سياسات التعليم المشاركين في الندوة، كما يقدم أبرز الأفكار والأطروحات التي رصدت المشكلات في نظم التعليم، وكيفية توظيف الدروس المستفادة من التعليم في ظل الجائحة لتسليط الضوء على تلك المشكلات والعمل على حلها عبر الاستفادة من التطورات التي شهدها النظام التعليمي مؤخرًا.

واختتم هذا الباب بتقريرٍ ترجمهُ يامن صابور بعنوان "الديمقراطية حول العالم وفيروس كورونا المستجدّ (كوفيد-19): تعزيز الدعم الدولي" لريتشارد يونغز وإيلين بانشوليدز، يُقيّمان فيه الأثر الذي تتركه جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، ويدعوان إلى جهد سياساتي عملي من أجل ضمان الدفاع عن معايير الديمقراطية. ويقدّم التقرير خمس توصيات ملموسة بالكيفية التي يجب من خلالها أن تتصدى الحكومات والمنظمات الدولية المعنية بالديمقراطية حول العالم لأزمة فيروس كورونا. ويقدّم، من خلال هذه التوصيات، دليلًا للمنظمات المعنية بالديمقراطية والجهات المانحة في سعيها للمحافظة على إبقاء بند الديمقراطية مدرجًا على جدول الأعمال الدولي أثناء الأزمة الصحية العالمية.

واشتمل العدد أيضًا على ترجمة لين تابت لدراسة "الهجرة الدولية في خضم عالم غارق في الأزمات" لجوزيف شامي. تبحث الدراسة في اتجاهات الهجرة الدولية وسياساتها في ضوء جائحة كوفيد-19، وتناقش اتجاهات الهجرة وسياساتها المتعلقة بالجائحة. وتختتم بسلسلة من الملاحظات العامة والأفكار التي من شأنها توجيه صناع السياسات على مختلف المستويات من أجل المضي قُدمًا. وتشدّد الدراسة، بوجه خاص، على أنه يجب أن تشمل التدابير الوطنية لمكافحة فيروس كورونا المهاجرين الدوليين، بغضّ النظر عن وضعهم القانوني، وأن تُستكمل الاستجابات الإقليمية والدولية، وأن تُعطي المجالسُ المحلية والدول والمجتمع الدولي الأولويةَ لعودة المهاجرين عودةً آمنة ولإعادة إدماجهم.

وأخيرًا في باب مراجعات وعروض كتب، تضمن العدد عرضين لكتابين، الأول لكتاب "كيف تستمع الحكومة للعلماء؟" لكلير كريج. ويطرح موضوع العلاقة بين صناع السياسات العامة من جهة، والعلماء من جهة أخرى، ويهدف إلى نشر المعارف النظرية والتطبيقية التي تخبرها بعض الدول، والبناء على ما قدمته بعض القطاعات في السياسة العامة. أما الثاني فلكتاب "إدارة الهجرة خارج الدولة: أوروبا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا في سياق عالمي" لأندرو جيدز. وتدور أطروحته حول الكيفية التي يمكن من خلالها أن تؤدي المشكلات المتشابهة ظاهريًا إلى استجابات حكومية متقاربة أو متضاربة. وبالتركيز على فتح ما سماه الكاتب "الصندوق الأسود" للهجرة؛ يخلص الكتاب إلى أنه ليس لفهم الفاعلين الرئيسين وإدراكهم أسباب الهجرة وآثارها قوةً تفسيريةً في فهم نواتج السياسات الحكومية فحسب، بل في فهم آفاق تطور إدارة سياسات الهجرة أيضًا.