بدون عنوان

ناقش برنامج السيمنار الأسبوعي الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 13 كانون الأول/ ديسمبر 2017، موضوع "تأثير السلطة الفلسطينية في الاحتجاج والمشاركة السياسية". وقدّمته دانا الكرد، الباحثة في المركز، والحاصلة على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأميركية. 

طرحت الباحثة مجموعةً من التساؤلات حول تأثير السلطة الفلسطينية في ديناميات الاحتجاج السياسي في الضفة الغربية، ودورها في الحد من تأثيره وانتشاره، ولا سيما في الضفة الغربية، على الرغم من ارتفاع مستويات الاحتجاج السياسي (تظاهرات، اعتصامات، إضرابات ... إلخ) تاريخيًا في المجتمع الفلسطيني. فقد فرضت السلطة الفلسطينية سيطرتها، كجهاز حكم مركزي بعد توقيع اتفاق أوسلو 1993، وأصبحت أشدّ تحكمًا في طبيعة الاحتجاج السياسي ودينامياته.

وأوضحت الباحثة أن السلطة الفلسطينية لا تملك سيطرة كاملة على الأراضي الفلسطينية؛ إذ لا تتجاوز سيطرتها المناطق التي حصلت عليها بموجب اتفاق أوسلو الثاني عام 1995؛ وهي مناطق (أ) وتضم جميع المراكز السكانية الرئيسة وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة أمنيًا وإداريًا، في حين تشكّل المناطق (ب) القرى والبلدات الملاصقة للمدن، وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، أما المناطق (ج) وهي المناطق الوحيدة المتلاصقة وغير المتقطعة في الضفة الغربية، فتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنيًا وإداريًا.

سمحت هذه المحدودية في السيطرة على المناطق، بحسب رأي الباحثة، بعزل تأثير السلطة الفلسطينية في أنماط الاحتجاج السياسي ودينامياته الاجتماعية، وفي تأثير السلطة الفلسطينية في التماسك الاجتماعي وخاصة للطبقة الوسطى الفلسطينية، والتحكم في قوة الاحتجاجات في الضفة الغربية وتأثيرها، بحسب مناطق سيطرتها.

واستخدمت الباحثة مجموعة بيانات أصلية، وتقييمًا كيفيًا للتطور التاريخي للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها بموجب اتفاق أوسلو. وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن الاحتجاج السياسي في الضفة الغربية قد انخفض في الأماكن التي تتمتع فيها السلطة الفلسطينية بقدر أكبر من السيطرة المباشرة.

كما جمعت الباحثة بيانات الدراسة من مصادر الأخبار الفلسطينية، ومعهد الدراسات الفلسطينية، وسجلات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وتتبعت البياناتُ الاحتجاجات على أساس يومي من عام 2007 إلى عام 2016، في الحي/ القرية الذي وقع فيه الاحتجاج، وعدد سكان ذلك الحي/ القرية وكثافة المستوطنات في تلك المنطقة، وتأثير الاجتياحات الإسرائيلية في حركة الاحتجاج فيها. وباستخدامها طريقة "تحليل الانحدار"، أظهرت نتائج البحث أن الاحتجاجات في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية أقل بكثير من الاحتجاجات في المناطق الأخرى.

كما استخدمت الباحثة بيانات كيفية لتوضيح العلاقة السببية، تحديدًا فيما يتعلق بإستراتيجيات السلطة، وتأثيرها في الطبقة الوسطى. وسلطت الضوء على حالات احتجاج بعينها في الضفة الغربية، مثل حالة قرية بلعين، واحتجاجات في مدينتَي القدس ورام الله، من أجل إظهار الطريقة التي تتعامل بها السلطة الفلسطينية مع الاحتجاجات السياسية. وميزت الباحثة، في حالات الدراسة، بين من يعملون في أجهزة السلطة الفلسطينية ومن لا يعملون فيها. وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن السلطة استطاعت استمالة الطبقة الوسطى في مناطق الدراسة، في حين لم تستطع التحكم في طبقات المجتمع الفلسطيني الأخرى.

وفي الختام، دار نقاش ثريّ بين الباحثة والحضور، تناول قضايا منهجية وتحليلية في موضوع البحث.