بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد الحادي والثلاثون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية" التي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين. وقد اشتمل العدد على خمس دراسات محكمة، تنوعت مضامينها بين "النظام الدولي" و"الاستقرار السياسي في الخليج" و"الحدود" و"الاحتجاجات العربية" في المغرب ولبنان، إضافة إلى مراجعات كتب مهمة.

في دراسة "الرؤى الإستراتيجية لثلاثي القطبية الدولية تحليل مضمون مقارن" يبحث علي الجرباوي في التحولات التي يشهدها النظام الدولي، إذ يذهب إلى إننا نمُرّ في النفق بين نظام دولي قديم انتهى ونظام جديد لم يستقر بعد. ولهذا، وعلى خلاف التوقعات بشأن الماهية التي سيستقر عليها هذا النظام مستقبلًا (أحادي، ثنائي، متعدد الأقطاب)، يفترض الباحث أن النظام الدولي القادم سيكون ثلاثي القطبية، تقتسمه الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا. وعلى الرغم من خشونة لغة الطرح في حالة الولايات المتحدة، أو نعومتها في حالة الصين، وروسيا بصورة أقل، يتضح من خلال تحليل مضمون الرؤى الإستراتيجية لهذه القوى الثلاث صاحبة التأثير الأكبر في الساحة الدولية، أن العلاقة بينها تنحو إلى التصارع التنافسي أكثر من التعاون التشاركي. وهذا ما يضع منطقة آسيا والمحيط الهادي، تليها منطقة الشرق الأوسط، أهم مسرحين لتنافس القوى الثلاث في المستقبل المنظور.

وتضمّن العدد أيضًا دراسة "الاستقرار السياسي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام تحدي الهجرة والخلل السكاني" لأحمد محمد أبو زيد الذي ركز على واحد من أهم التهديدات التي تعانيها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمتمثل بالخلل الديموغرافي. وتناولت الدراسة العلاقة بين التغير الديموغرافي والاستقرار السياسي في دول مجلس التعاون، خلال الفترة التي أعقبت اندلاع ثورات الربيع العربي في بدايات عام 2011؛ وذلك عبر تحليل العلاقة بين ثلاث ظواهر رئيسة، هي: التغير السكاني، والهوية الوطنية، والاستقرار الداخلي.

أما دراسة "قضايا الحدود بين السودان وجنوب السودان" لأسامة أحمد عيدروس فقد عرضت قضايا الحدود بين السودان وجنوب السودان بطريقة تحليلية تقف على تطورها تاريخيًا، منذ اتفاقية السلام الشامل عام 2005، واتفاقية أديس أبابا حول الحدود 2012 التي اشتملت على تقارير لجنة ترسيم الحدود والنزاع على عدة مناطق حدودية ومراحل التفاوض حولها. كما ركزت على المناطق الخمس المتنازع عليها محاوِلةً دراسة التأثير الذي أحدثه الانفصال في المجموعات السكانية، ولكل من دبة الفخار على الضفة الشرقية للنيل الأبيض وجبل المقينص على الضفة الغربية للنهر، إضافة إلى منطقة كاكا التجارية، ومنطقة حفرة النحاس وكافيا كنجي بين جنوب دارفور وبحر الغزال، ومنطقة "14 ميل" جنوب بحر العرب.

واشتمل العدد على محور حول "الموجة الأحدث من الاحتجاجات العربية"، ضم دراستين. الأولى بعنوان "حراك الريف: السياق والتفاعل والخصائص" لعمر إحرشان، سلط الباحث الضوء على الدينامية الاحتجاجية في المغرب ما بعد "الربيع العربي"، ورصد "حراك الريف" من حيث سياقاته المحلية والوطنية والإقليمية، وأسبابه التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتفاعل مختلف مكونات المشهد السياسي المغربي، سواء السلطات السياسية أو الأمنية أو الحزبية أو المجتمع المدني. وأوضح الباحث أن السياق الوطني وإن كان مساعدًا على نشوء دينامية احتجاجية في الريف، فالسياق الإقليمي كان في غير مصلحة حراك الريف؛ فقد عرفت المنطقة العربية ثوراتٍ مضادةً، وحالة تراجع ونكوص عن مكتسبات الربيع العربي. وينتهي الباحث إلى أن الحراك حافظ على سلميته، وطابعه الشبابي، وشعبيته، واستمراريته، وتمدده الجغرافي، وتجدُّد أساليبه، وقوة تواصله، وتنوُّع أشكاله النضالية والتنظيمية.

أما الدراسة الثانية: "فاعلو الحراك المدني اللبناني: قضية مشتركة، خلفيات متناقضة" لماريز يونس، فقد تعمقت في بحث الحراك الشعبي الحاشد الذي شهده لبنان عام 2015، والذي شارك فيه آلاف المواطنين اللبنانيين من مختلف المشارب والاتجاهات، ومن مختلف المناطق والفئات العمرية، خصوصًا فئة الشباب تحت شعارات ديمقراطية تغييرية متجاوزين الاختلافات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية. وأشارت الدراسة إلى أن مجموعات الضغط هذه تأرجحت بين التأثير المحدود بسبب قدرتها على الحشد ربطًا بطبيعة الأزمات التي تلحق بمعظم اللبنانيين في مستواهم المعيشي والحياتي، وبين عجزها عن تكوين بديل ديمقراطي يغير الوضع القائم بسبب طبيعة تكوينها الهجين غير القادر على التفلت من التوافق الآني والمباشر. وانتهت إلى أن الحراك سيبقى قاصرًا وعاجزًا عن التغيير، ما دام لا يجابه أصل الأزمات؛ أي بعدها السياسي، ومصدرها واحد وإن تلونت تعبيراته، أي السلطة السياسية.

واشتمل العدد على مراجعتين مهمتين؛ الأولى أنجزها محمد حمشي عن "دليل راوتليدج إلى الدراسات النقدية للإرهاب"، الذي حرّره ريتشارد جاكسون. يقدّم الكتاب قيمة مضافة واضحة لحقل دراسات الإرهاب ومن المنتظر أن يكون له أثر واضح في عدد من الحقول المعرفية الأخرى غير دراسات الإرهاب؛ كالعلاقات الدولية، والدراسات الأمنية (النقدية)، وتحليل/ تسوية النزاعات، وعلم الاجتماع السياسي، وغير ذلك من الحقول. ومع ذلك، يشدّد الكتاب على مجموعة من الفجوات التي تبقى في حاجة إلى الردم. ويقدم هذا الكتاب مساهمة مهمة في تعزيز فهم دراسات إرهاب الدولة والإرهاب بوصفه ظاهرة سياسية؛ وذلك من خلال فهم السياق الذي استخدمت فيه الدول الإرهابَ أولَ مرّة، والكيفية التي ظلّت تسعى من خلالها الفواعل غير الدول لمحاكاة العنف الذي تمارسه الدولة، فضلًا عن الكيفية التي يكون بها إرهاب الفواعل من غير الدول في عديد من المناطق مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بإرهاب الدولة.

والمراجعة الثانية لكتاب "الحلم الأوروبي" لجيرمي ريفكن، وقام بها سمير سعيفان. وتنطلق أهمية الكتاب من كونه يغوص في واقع أوروبا اليوم والأمس وفي تاريخها وعصر نهضتها، لينتهي إلى عصر ما بعد الحداثة، وليقارن بين الحلم الأوروبي والحلم الأميركي، أي بين نوعية الحياة التي يتطلع إليها الأوروبيون وتلك التي يتمسك بها الأميركيون، محاولًا وضع يده على الأسباب الكامنة خلف تلك الفروقات بين الحلمين.

أما باب المؤشر العربي، فقد ضم تقريرًا حول "الرأي العام الفلسطيني: أحدث الاتجاهات" صدر عن وحدة استطلاع الرأي في المركز العربي. وقد تناول التقرير اتجاهات الرأي العام الفلسطيني تجاه الحكومة الحالية في الضفة الغربية، وتأثير الاستقطاب في الرأي العام الفلسطيني، وصولًا إلى قراءة الرأي العام الفلسطيني فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية.

ويختتم العدد أبوابه بتوثيق محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي والوقائع الفلسطينية لشهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2018. كما تضمّن العدد تقريرًا لندوة حول "قرار نقل السفارة الأميركية ووضع القدس القانوني والسياسي" لإيهاب محارمة. وقد جاءت الندوة التي عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في ثلاثة محاور: الأبعاد القانونية لقرار نقل السفارة، والتغييرات الجغرافية والديموغرافية على أرض القدس، والأبعاد السياسية للقرار. وركزت الندوة على خطورة قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الصادر في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017 وانعكاسات ذلك على إمكانية التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وما يمكن أن يمثّله القرار من فرض أمر واقع على الفلسطينيين، وإخراج القدس من دائرة التفاوض، واستكمال فرض السيادة الإسرائيلية عليها.

* تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" دراسات ومراجعات مختارة متاحة للتنزيل من العدد الجديد (31) والعددين (30) و(29)، كما يمكنكم شراء باقي محتويات هذه الأعداد الثلاثة، فيما تتوافر محتويات الأعداد السابقة جميعها مفتوحة ومتاحة للتنزيل.