بدون عنوان

تضمّن العدد الثامن والثلاثون من دورية "سياسات عربية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خمس دراسات علمية، ناقشت موضوعات العامل الخارجي والانتقال الديمقراطي، والواقعية ومواجهتها لأحادية القطبية، واللاجئين السوريين في الأردن، وأسباب انحسار الانتساب الحزبي في المغرب، وعلاقة الإعلام بالسلطة، إضافة إلى مراجعات كتب وتقارير صادرة عن المؤشر العربي وندوتيّ الاحتجاج في السوادن والجزائر.

سعى عزمي بشارة، في دراسة له عنوانها "ملاحظات عن العامل الخارجي في الانتقال الديمقراطي"، إلى تفكيك مفهوم "العامل الخارجي"، ليتمكن من التعرف إلى دوره وتأثيره في عملية الانتقال الديمقراطي. عرّفت الدراسة "العامل الخارجي"، بوصفه دور العوامل السياسية الخارجية الآني والمباشر في تأثيرها في الانتقال الديمقراطي. وشدّدت على أن تأثير العامل الخارجي في الانتقال الديمقراطي غير معزول عن تأثير العوامل الداخلية. وتفرّق الدراسة بين دور العوامل الخارجية في عملية الانتقال الديمقراطي نفسها ودورها في مراحل ترسيخ الديمقراطية بعد الانتقال. وتحاجّ بأن العلاقة طردية بين العامل الخارجي والموقع الجيوستراتيجي للدولة في الحالة العربية؛ إذ إن ازدياد أهمية العامل الخارجي مرتبط بازدياد أهمية موقع الدولة.

أما علي الجرباوي ولورد حبش، فإنهما عالجا في دراستهما "النظرية الواقعية في مواجهة أحادية القطبية الدولية"، تداعيات تحول النظام الدولي من ثنائي القطبية إلى أحادي القطبية، استنادًا إلى عرض وتحليل لأطروحات منظري الواقعية في العلاقات الدولية. تبدأ الدراسة بتقديم ردود منظري الواقعية التقليدية الذين سعوا للمحافظة على المقاربات التقليدية للنظرية. ثم تنتقل إلى شرح وتحليل لردود التعديليين أو المجددين في الواقعية، الذين حاولوا مواءمة النظرية مع شكل النظام الدولي بعد انهيار ثنائية القطبية. وترى الدراسة أن الواقعية حافظت على قدرتها التفسيرية للتحولات الدولية، بالرغم من التغير الذي طرأ على طبيعة النظام الدولي وشكله، والانتقادات الموجهة إليها.

عالج غسان كحلوت، في دراسته "اللاجئون في الدول المستضيفة: تحديات وفرص، دراسة حالة اللاجئين السوريين في الأردن"، ما في لجوء السوريين إلى الأردن من فوائدَ وتكاليف، بتسليطه الضوء على التحديات والفرص الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية. رأت الدراسة رغمًا عن التحديات التي واجهت الأردنيين بسبب أزمة اللجوء كأزمة السكن، ووقف التبادل التجاري مع سورية، وانخفاض الحد الأدنى للأجور، وتدهور القطاع الزراعي والحيواني، وخطاب الكراهية تجاه السوريين، وتحمل الحكومة لأعباء إضافية، والخطر الأمني، فإن وصول السوريين إلى الأردن فتح آفاقًا مهمة للاقتصاد الأردني تمثلت في تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتنشيط القطاع الخاص، وتحسن قطاع الخدمات، وتحسن القطاع الحضري والثقافي وتطورهما.

ركز عبد القادر بوطالب، في دراسة "الشباب والسياسي: طبيعة التمثلات وعوامل انحسار ظاهرة الانتساب الحزبي في المجتمع المغربي"، على ظاهرة انحسار انتماء الشباب إلى الأحزاب السياسية في المغرب. حاولت الدراسة فهم أسباب تراجع مشاركة الشباب في هذه الأحزاب، بالتركيز على العلاقة بين الشباب والأحزاب، ونظرة الشباب إلى الأحزاب، وتقييمهم للعمل السياسي، وتقييم تعامل الأحزاب معهم. واستنتجت الدراسة أنه بالرغم من نظرة الشباب السلبية إلى الأحزاب السياسية، فإن ذلك لم يؤثر في غياب الوعي السياسي عندهم، وغياب التزامهم قضايا المجتمع والوطن والقضايا الكبرى في العالم العربي والعالم بأسره، ويستدلّ على ذلك من الحركات الاحتجاجية والمسيرات والوقفات التي انخرطوا فيها.

وجادل مهدي بنسليمان، في دراسة "الإعلام والسّلطة: مقاربة مفاهيمية جديدة مجلة ’لوجورنال‘ نموذجًا"، بأن الدراسات الإعلامية تبقى الحلقة الأضعف في البحث السياسي والاجتماعي في العالم العربي. لذلك يسلط في دراسته الضوء على الصحافة السياسية، بالتركيز على مجلة لوجورنال (وهي مجلة مغربية فرنكوفونية)، صدرت خلال الفترة 1997-2010. تقدم الدراسة مقاربة مفاهيمية جديدة لسلطة الإعلام، مفادها أن هذه السلطة تتبلور في إطار شبكة مترابطة من المفاهيم التي يدعم بعضها بعضًا، والمتمثلة بالكفاءة والاستقلالية والقيادة. ترى الدراسة أن التحرر الإبستيمولوجي المنهجي يعطي نوعًا من الابتعاد عن القراءة المهيمنة للحرية، يتبناها الصحافيون، ويرسخها باحثون في أبحاث أجنبية وغربية في دراسة وسائل الإعلام العربية.

كما اشتمل العدد على تقرير أعده دانا الكرد ولؤي علي في باب المؤشر العربي، عنوانه "تقييم قوة المجالس التشريعية في ثلاث دول عربية وتصور الرأي العام العربي لها: حالات الأردن والكويت والمغرب". وقد ركز التقرير على تقييم قوة المجالس التشريعية وتصور الرأي العام العربي لها في الدول الثلاث، وذلك من خلال التركيز على ما إذا كان مؤشر القوة البرلمانية متسقًا مع تقييم الرأي العام للمجالس التشريعية في الدول الثلاث، وهل يعكس التقييم الرأي العام؟ وهل تعكس السلطة الممنوحة للمجالس التشريعية التأثيرَ الفعلي لها في السياسة، من وجهة نظر المواطن العربي؟

وضم العدد أيضًا توثيق "محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، لشهري آذار/ مارس، نيسان/ أبريل 2019.

وتضمّن العدد أيضًا مراجعة شمس الدين الكيلاني لكتاب "دولة الخلافة: التقدم إلى الماضي ("داعش" والمجتمع المحلي في العراق)" لفالح عبد الجبار. ركزت المراجعة إلى جانب قراءتها لكتاب دولة الخلافة، على أبحاث عبد الجبار السابقة، وقد عدّت المراجعة هذه الأبحاث تمهيدًا فكريًا ومنهجيًا لكتابه الأخير، وبعضها الآخر شكل محطاتٍ في تاريخه الفكري. كشفت المراجعة عن التركيبة الهيكلية للكتاب، ثم منهجيته في تناول موضوع "داعش"، وما يميز الكتاب من غيره من الأبحاث والدراسات، ثم تفحصت الوقائع التاريخية والمحلية.

كما اشتمل العدد على مراجعة مروة فكري لكتاب "ثورات لم تنتهِ: اليمن وليبيا وتونس بعد الربيع العربي" لإبراهيم فريحات. رأت الباحثة أن قيمة أي عمل لا تتوقف على الأسئلة التي يجيب عنها فحسب، ولكن على كم الأسئلة والإشكاليات التي يطرحها ويثيرها أيضًا، وهو ما حققه هذا الكتاب بالفعل، وذلك من خلال تعرضه لإشكالية معقدة - وهي المصالحة - وتقديمه تشريحًا دقيقًا لها، ورؤية للتغلب عليها. وترى أن الكتاب ساهم في إعادة العلاقة بين علم السياسة والمجتمع، وهو الأمر الذي يحتاجه الباحثون في ظل الأزمة التي باتت واضحة للحقل الأكاديمي واقتراباته السائدة.

وجاء في العدد تقرير ثان، أعده إيهاب محارمة، عنوانه "الحركتان الاحتجاجيتان في السودان والجزائر وآفاق التغيير الديمقراطي". وثّق التقرير مداولات ندوتين عقدهما المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الأولى في 16 نيسان/ أبريل 2019، عنوانها "الحركة الاحتجاجية وآفاق التغيير الديمقراطي في السودان"، والثانية عقدت في 20 نيسان/ أبريل 2019، وعنوانها "آفاق الحركة الاحتجاجية ومستقبل التحول الديمقراطي في الجزائر".

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.