بدون عنوان

استضاف برنامج السيمنار الأسبوعي، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يوم الأربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 الدكتور إيليا زريق، الزميل المشارك بمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، والأستاذ الفخري لعلم الاجتماع في جامعة كوينز بكندا.

وقد تناول الدكتور زريق، الذي تركز أبحاثه على سوسيولوجيا المجتمعات الاستيطانية الكولونيالية وأنماط المراقبة، موضوع "المساعدات الإنسانية القطرية لفلسطين"، وهو بحث يحاول من خلاله توثيق مساهمة قطر في المساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين، بوصفها جزءًا من المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة قطر في الشرق الأوسط، وفي عدة أماكن أخرى من العالم.

وقد استهل الباحث محاضرته بعرض مفهوم "المساعدات الإنسانية" بوصفها جزءًا من القوة الناعمة للدولة. وحاجّ الباحث بأنّ دولة قطر وافد جديد إلى ما يسميه "دبلوماسية المساعدات الخارجية"؛ إذ يمكن تعقّب دورها النشِط بوصفها وسيطًا إلى منتصف التسعينيات. وحلّل في هذا الصدد الصحف العربية وغيرها من الأدلّة المستندية لتحديد سياق مساهمة قطر المالية في الفترة 2010-2016، وإجراء تقييم لها.

وبيّن الدكتور زريق، من خلال الأرقام، أنّ دولة قطر أنفقت، خلال الفترة 2011-2015، 3.6 مليارات دولار أميركي على المساعدات الخارجية في مئة دولة. وعلى الرغم من أنّ قطر تعطي الأولوية في مساعداتها الإنسانية للمتلقّين العرب، فإنّ تلك المساعدات لا تقتصر على العالم العربي. وعند التمعن في البلدان المتلقّية للمساعدات، بيّن زريق أنّ المساعدات تشمل دولًا غير عربية، وعدة منظمات تابعة للأمم المتحدة؛ مثل برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، والمجلس النرويجي للاجئين. وتبلغ حصة فلسطين من إجمالي مبالغ المساعدات الإنسانية القطرية نحو 800 مليون دولار أميركي في الفترة نفسها. وتظهر النفقات أنّ المساعدات الإنسانية القطرية خُصّصت لما يُعدّ احتياجات أساسية للفلسطينيين، أغلبيتهم في غزة؛ مثل الإسكان، والصحة، والتعليم، وتخفيف الفقر. وتتطلّب عملية تأطير المساعدات القطرية، في رأي الدكتور زريق، الأخذ في الاعتبار سيطرة إسرائيل العسكرية على الأراضي الفلسطينية، وقدرتها على ضبط تدفق المساعدات إلى فلسطين عبر "القوة الصلبة" التي تلجأ إليها.

كما بيّن الباحث أنّ الجمهور الفلسطيني يثمّن دور قطر في التوسّط في النزاع في فلسطين؛ إذ أظهر استطلاع للرأي، أُجري في آذار/ مارس 2012، أنّ 84 في المئة يؤيدون اتفاق الدوحة الذي تفاوضت فيه قطر لحلّ النزاع بين فتح وحماس، في حين رحّب 69 في المئة بالدور الذي اضطلعت به قطر في المصالحة تحديدًا، مع أنّ الجمهور يشك في أنّ المصالحة ستنجح.

أما عن كيفية توزيع المساعدات الإنسانية القطرية لفلسطين، فقد كشف الدكتور إيليا زريق أنّ الجزء الأكبر من التبرعات الإنسانية كان موجّهًا إلى دعم الصحة والتعليم، وأنواع أخرى من مشاريع البنية التحتية؛ مثل الكهرباء، والإسكان، وإصلاح الطرق. واستشهد زريق، في هذا السياق، بكلام وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي قال إنّ قطر خصّصت 25 في المئة من مساعداتها الخارجية للمشاريع التعليمية لوقف موجة التطرف بين الشباب. وهو ما عدّه زريق دفعةً جديدة لسياسة المساعدات الخارجية القطرية؛ إذ تبرز هنا أهداف سياسية، إلى جانب الأهداف الإنسانية؛ فهي تسعى لتوظيف المساعدات الإنسانية في التصدي للتيارات الأيديولوجية المتطرفة.

واختتم الباحث عرضَه بالدعوة إلى اعتماد منظور الاقتصاد السياسي في التعامل مع المساعدات الإنسانية.

وقد أعقبت محاضرة الدكتور إيليا زريق مداخلات وأسئلة من الحضور.