بدون عنوان

شهد اليوم الثاني (الخميس 11 نيسان / أبريل 2013) من أعمال مؤتمر "عشر سنوات على احتلال العراق: التداعيات والتأثيرات" الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة تنظيم جلستين صباحيتين في سلسلة الجلسات الأكاديمية للمؤتمر. وقد تناولت الجلستان البحثيتان عددًا من الموضوعات المهمة التي أثرت في المشهد العراقي خلال العقد الماضي.

في الورقة الأولى من الجلسة الأولى في اليوم الثاني من المؤتمر والتي كان عنوانها: "المقاومة العراقية ودورها في إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب"، قال الباحث يحيى الكبيسي إنّ المقاومة أسست إستراتيجيتها على استهداف العسكريين، ممّا قلّص حجم الخسائر بين المدنيين. وسلّط الضوء على طبيعة المقاومة العراقية منذ الأسبوع الأول للاحتلال الأميركي، وحلل أهم البيانات والأرقام المرتبطة بأعمال المقاومة وعملياتها الميدانية. وأشار إلى دور الفكرة الإسلامية في المقاومة، إذ أنّ مظلّة المقاومة كانت إسلامية حتى عام 2007، ثمّ تراجع الطابع الإسلامي للمقاومة بعد ذلك عندما انفض عنها الكثير من الأتباع غير المؤدلجين.

وعدّ الباحث زهير حامدي، في الورقة الثانية المعنونة: "النفط والطاقة دوافع ما قبل الغزو وما بعده"، النفط سببًا أساسيًا لاحتلال العراق، من دون أن يكون السبب الوحيد. وتحدث عن دور الاحتلال الأميركي في توجيه سياسة صناعة النفط في العراق، والتي تولّت الحكومة العراقية الجديدة تنسيقها داخليًا، مشيرًا إلى معارضة المجتمع المدني العراقي لكل محاولات الهيمنة الغربية على النفط.

من جهته، أشار الباحث منقذ محمد الداغر في الورقة الثالثة المعنونة: "الرأي العام العراقي: عشر سنوات بعد الاحتلال"، إلى أنّ نتائج استطلاع للرأي أجراه في بداية الاحتلال أكدت أنّ أكثر من 80% من العراقيين كانوا مقتنعين بكون قوات التحالف هي قوات محتلة وليست محرِّرة. كما أكدت نتائج استطلاع آخر أجراه بعد عشر سنوات أنّ الموقف العراقي المجتمعي يرى أنّ ما حصل هو احتلال، وكذلك استهداف للإسلام.

واختتم الباحث لقاء مكي الجلسة بورقة معنونة بـ: "من تداعيات الغزو: صورة العرب عند الغرب"، فأشار إلى الصورة النمطية السلبية السائدة في الغرب عن العرب، وكيف جرى تعميم هذه الصورة من خلال وسائل الإعلام الغربية، وكيف سُحبت هذه الصورة على الإسلام، ثم تطوّرت أخيرًا إلى الربط المباشر بين الإسلام والإرهاب.

أما الجلسة الثانية لليوم الثاني، فقد استهلها الدكتور محمد المسفر بورقته عن: "تداعيات الاحتلال على الوطن العربي"، فأشار إلى التداعيات العسكرية والسياسية والاقتصادية للحرب على العراق، وتوصل إلى نتيجة مفادها اتساع دائرة النفوذ الأميركي في المنطقة من خلال وجود عسكري مخيف؛ فاحتلال العراق لم يكن فاتحة خير على الأمة العربية، وأحدثت فراغًا إستراتيجيًا زاد فيه الوزن النسبي لإيران على حساب دول المنطقة، وأصبحت تركيا مستعدة لاستعادة دورها التاريخي في الإقليم، ما أدى  إلى تعزيز الوجود الغربي في المنطقة بطلب من النخب السياسية الحاكمة فيها. ورأى المسفر أنّ الحرب على العراق ولدت فرصًا واحتمالات لوقوع حرب جديدة أشد تدميرًا من غزو العراق واحتلاله، وهو ما انعكس في صورة صفقات تسليح ضخمة أبرمتها دول الإقليم، وسط جو محموم من صراعات المصالح الدولية.

 وفي الورقة الثانية المعنونة: "الخيارات الإستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد احتلال العراق"، رأى محمد السعيد إدريس أنّ من أهمّ التداعيات التي نتجت عن غزو العراق واحتلاله فرض معادلة المحاصصة السياسية على مكونات العراق، وتمكين القوى المعارضة الموالية للغزو من السيطرة على النظام الجديد، وهي نتائج شديدة الخطورة - في نظره - على هيكلية الدولة والمجتمع في العراق، وامتدت إلى جوار العراق الإقليمي والخليجي على وجه الخصوص. وأشار إلى أنّ البعض كان يعتقد أنّ غزو العراق وسقوط صدام حسين سيحقق الأمن في المنطقة، لكن العكس هو الذي حصل؛ إذ تفجّرت تحديات للأمن في دول مجلس التعاون، مثل دخول الإسلام السياسي وتزايد دور القاعدة والظهور القوي للشيعة سياسًا في العراق، وفي بعض دول الخليج، والذين أصبحت لهم مطالب سياسية.

أما الباحث أنطوان شلحت، فقد أشار في ورقته "انعكاسات غزو العراق على القضية الفلسطينية" إلى أنّ الغزو الأميركي للعراق كان  بالنسبة إلى إسرائيل، ذروة أخرى في "عهد جديد" يتعلق بتاريخ هذا البلد. وبموجب قراءته التاريخية، سلّط شلحت مزيدًا من الضوء على التحليلات التاريخية والأمنية الإسرائيلية التي ترى أنّ العراق دولة مواجهة مع إسرائيل، وأنّ العراق أرسل المرة تلو الأخرى - وفي ظل حكومات متعددة - جيوشًا لمحاربة إسرائيل. وباستناده لتقديرات إستراتيجية إسرائيلية، يلفت شلحت الانتباه إلى عوامل كثيرة ارتبطت بالانسحاب الأميركي من العراق، وبقول إن هذه العوامل لا تصب في مصلحة إسرائيل، لعدة اعتبارات، أهمها: تنامي النفوذ الإيراني في العراق، واحتمال تحوّل العراق إلى دولة مصدّرة للإرهاب، إضافة إلى تراجع مكانة الولايات المتحدة الدولية والإقليمية.