بدون عنوان

حضور رسمي وأكاديمي كبير في حفل افتتاح المؤتمر
سمو نائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني خلال حضوره حفل الافتتاح

افتتح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مساء يوم السبت (6 كانون الأول / ديسمبر 2014) المؤتمر السنوي الثالث لمراكز الأبحاث تحت عنوان "دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظلّ المتغيرات الإقليمية والدولية"،  وشرف الحفل بحضوره سمو الشيخ عبد الله بن حمد آل ثاني نائب سمو أمير دولة قطر.


إنجازات وتحديات

تخلّل حفل الافتتاح الذي حضره أيضًا رئيس مجلس الوزراء القطري وجمع من المسؤولين في دولة قطر والشخصيات من دول مجلس التعاون الخليجي، كلمة للأمين العامّ السابق لمجلس التعاون سعادة السيد عبد الرحمن العطية، قدّم فيها خلاصة تجربته على رأس الأمانة العامّة للمجلس لسنوات عديدة.  وأكّد أن مجلس التعاون لدول الخليج العربي قد حقق خلال ثلاثة عقود من نشأته العديد من الإنجازات، ويعمل على تحقيق أخرى في قائمة الانتظار، ولكنه آثر أن يخصص مداخلته للحديث عن التحديات والرهانات التي يواجهها المجلس بدل إحصاء الإنجازات التي يشهد الواقع عليها.

عبد الرحمن العطية يلخص دروس سنوات من تجربته على رأس الأمانة العامة

ورأى العطية أن ظاهرة الإرهاب التي اتسعت رقعتها في المحيط الخليجي ولا تفتأ تحاول المساس بدول المجلس من الداخل، تعد التحدي الأول الماثل أمام مسيرة المجلس، وهو ما يتطلب تعزيز الدعم الشعبي والرسمي للمنظومة الأمنية الخليجية. وأضاف أنه لا توجد دولة خليجية في منأى عن المخاطر الأمنية التي أفرزتها الأوضاع المضطربة في بعض الدول العربية. وأوضح أنه ينبغي الاستعانة بأصحاب الرأي والاختصاص للبحث في كيفيات تحصين فئة الشباب من ظاهرة الغلوّ والتطرف.

وعلى المستوى نفسه من  الأهمية والخطورة تقع مشكلة الهوية في سلّم التحديات، خصوصًا مع استمرار الاختلالات السكانية الناتجة من تزايد أعداد العمالة الوافدة لتغطية احتياجات البرامج التنموية لدول الخليج العربية.

وتحدّث الأمين العام السابق أيضًا عن تحديات اجتماعية تشمل تزايد نسب البطالة لدى فئة الشباب في دول مجلس التعاون الخليجية، وهو ما يتطلب تشخيص هذه المشكلة ومعالجتها بحلول وطنية وداخل مجلس التعاون، ومواءمة مخرجات العملية التعليمية مع احتياجات سوق العمل.

وفي الشق الاقتصادي، يرى العطية أن ما تحقق يعد إنجازات فعلية لدول مجلس التعاون الخليجي، ذاكرًا الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والاتحاد النقدي الذي ينتظر إصدار العملة الموحدة، وكذا مشروع الربط الكهربائي الذي يعدّ أحد أهم مشاريع التكامل بين دول المجلس منذ قيامه، إلى جانب البدء في إنجاز مشروع الربط بالسكك الحديدية. واستطرد قائلًا: "والأهم في هذا السياق أن تتحقق متطلبات المواطنة ليلمسها مواطنو دول مجلس التعاون في انسيابية تتجلّى في عمليات التنقل والعمل والتجارة والاستثمار والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية من دون أيّ عقبات، مع تعزيز مشاركة المرأة في التنمية الشاملة تحقيقًا لمتطلبات المواطنة الخليجية".

وذكر في هذا السياق أن المقارنة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي لا تستقيم لأن لهما منهجين مختلفين؛ فمؤسسات الاتحاد الأوروبي تتمتع بصلاحيات فوق وطنية تصدر منها قرارات ملزمة ترقى إلى مستوى القوانين وتلتزم كل الدول الأعضاء بتطبيقها.

وهنا يرى العطية أن التحدي الخامس متعلق بتطوير الهياكل والأنظمة، إذ آن الأوان أن يخضع النظام الأساسي لمجلس التعاون، والذي مضى على صدوره أكثر من ثلاثة عقود، للمراجعة والتحديث لكي يتجاوب مع التطورات والمستجدات التي شهدها مجلس التعاون بما في ذلك منح الأمانة العامة صلاحيات أكثر تمكّنها من المبادرة والتحرك بفاعلية أكبر بغية الإسهام في تسريع وتيرة العمل المشترك وصولًا إلى التكامل المنشود.

ويتعلق التحدي السادس في نظر العطية بآلية اتخاذ القرارات الصادرة عن القمم الخليجية من زاوية عملية اتخاذ القرارات، وكذا خطوات التنفيذ التي تلي صدور القرارات، إذ إنّ الكثير من القرارات في حاجة إلى ترجمة عملية وبرامج عمل زمنية للتنفيذ.

وتمثّل قضايا الإصلاح والتنمية السياسية التحدي السابع، إذ إن دول مجلس التعاون أدركت منذ سنوات عدة أن عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا بد أن تواكبها عملية تحديث سياسي يستوجب إيجاد صيغ للتشاور والتواصل والانفتاح بين القيادة والمواطن، لكن يبدو أن زخم الاهتمام قد تراجع بسبب تحديات متسارعة شهدتها المنطقة أو بسبب عدم إعطاء أولوية لهذا الجانب.

ودعا في هذا السياق إلى إتاحة فرص المشاركة الفاعلة للمثقفين والمفكرين، ويشمل ذلك فئة الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني لبلورة رؤى تسهم في تقديم مقترحات لحلحلة إشكاليات البيت الخليجي بهدف تعزيز التلاحم ليكون القرار الخليجي نابعًا من نبض المواطن ومنسجمًا مع تطلعات القادة، أي أن هناك ضرورة لشراكة مجتمعية واسعة النطاق.

والتحدي الثامن بالنسبة إلى الأمين العام السابق هو تطوير البناء المؤسسي لمجلس التعاون، وهذه قضية جوهرية، فقد كشفت أحداث الفترة الماضية ضرورات تعزيز ركائز المجلس بنهج المؤسسات التي تضبط إيقاع الخلافات وتباين الرؤى. صحيح أن حكمة القادة جنّبت المنطقة الكثير من المزالق في مراحل مختلفة عندما حدثت بعض الخلافات البينية، وهذه الحكمة كانت وستبقى ضرورية في ضوء الترابط الاجتماعي ونبض الأسرة الخليجية الواحدة، وأحدث مثال تجسّد في وحدة الصف الخليجي في لقاء القادة الأخير في الرياض، لكن منطق العصر يتطلب النهج المؤسسي، ويرى أن تجسيد ذلك يعدّ ضرورة ملحة كي لا تكون مسيرة العمل المشترك عرضة لرياح الأزمات، فالأزمة شيء والخلاف والتباين في وجهات النظر شيء آخر، والمهم أن تتّسع الرؤى لتسمح بتباين الاجتهادات والأفكار في إطار المصالح الجماعية.

وتطرّق العطية في الأخير إلى التحديات الإقليمية والدولية الماثلة أمام مجلس التعاون الخليجي، بداية بالعلاقات الخليجية الإيرانية التي تحتاج إلى المزيد من التفاهم وتدابير بناء الثقة تحقيقًا للمصالح المشتركة، أي أن الرؤية الإستراتيجية البعيدة المدى تعني الاحتكام إلى لغة الحوار والاحترام المتبادل سبيلًا لحلّ  المشكلات، وعلى إيران أن تقابل ذلك بخطوات ملموسة تشمل حل قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة سواء عن طريق المفاوضات أو باللجوء إلى التحكيم الدولي.

جمال بن عمر يلقي كلمة خلال حفل الافتتاح

ودعا إلى أن تعمل دول مجلس التعاون على بلورة مشروع يلتف حوله العرب جميعًا لانتزاع حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف عبر تضامن دولي في الأمم المتحدة.


مجلس التعاون فاعلا إقليميًّا للوساطة وحل النزاعات

ألقى سعادة الدكتور جمال بن عمر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، كلمة تحت عنوان: "دور مجلس التعاون الخليجي في مقاربة الأزمات الإقليمية: دروس من التجربة اليمنية". وأكد فيها على أن لمجلس التعاون الخليجي من الإمكانيات والخبرات والشراكات والعلاقات ما يؤهّله للقيام بدور فعّال في الوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية. وأضاف قائلا: "ربما حان الوقت للتفكير في نوع من التعاون المؤسس بين الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي في هذا المجال".

وسرد المبعوث الأممي إلى اليمن سلسلة من القضايا والنزاعات التي كان لمجلس التعاون الخليجي دور حاسم في حلّها، سواء ما كان منها محليًّا مثل النزاع الحدودي بين سلطنة عمان واليمن الجنوبي سنة 1982، والنزاع بين قطر والبحرين (1986/1987) ، أو ما كان منها إقليميًّا وخارج المنطقة أيضًا، مثل دور المجلس في حرب الخليج الأولى (1992) واتفاقية الطائف التي أنهت الحرب الأهلية اللبنانية (1989)، وقيام قطر نيابة عن الخليج بالوساطة في الملف النووي الإيراني (2005/2006)، وجهود إنهاء الأزمة الرئاسية في لبنان (2007/2008)، والدور الذي يضطلع به المجلس حاليًّا في اليمن من خلال المبادرة الخليجية.

وشمل برنامج حفل الافتتاح أيضًا جلسة نقاشية تحت عنوان "آفاق تطوير مجلس التعاون ودوره في ظل الظروف الراهنة"، تحدّث فيها كلٌّ من الدكتور  محمد غانم الرميحي، والدكتور  أنور ماجد عشقي، والدكتور باقر النجار، والدكتورة  فاطمة الصايغ. وأدارها الدكتور عبد الله باعبود.
نقاش ثري حول آفاق تطوير مجلس التعاون الخليجي