بدون عنوان

صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتابان جديدان، أولهما للمؤرّخ والمفكّر اللبناني رئيف خوري بعنوان "معالم الوعي القومي" حيث يعيد المركز نشره من جديد بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على صدوره للمرة الأولى، وثانيهما ترجمة عربية لكتاب دارن بارني "The Network Society " بعنوان "المجتمع الشبكي".


معالم الوعي القومي


يمكنك شراء نسخة من هذا الكتاب ومعرفة أقرب موزع بالضغط هنا

ينشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب معالم الوعي القومي للمؤرّخ والمفكّر اللبناني رئيف خوري، من جديد، بعد مرور أكثر من سبعين عامًا على صدوره للمرة الأولى. ويقع الكتاب في 184 صفحة من القطع الكبير. وتكمن أهمية هذا الكتاب في إعادة اكتشاف النقاش والسجال الفكري اللذَين شهدتهما المنطقة العربية في أربعينيات القرن الماضي، حين كانت أوروبا تعيش في فضاءات الحرب العالمية الثانية وانقساماتها الأيديولوجية؛ إذ كان رئيف خوري حاضرًا في تلك الانعطافة التاريخية حين قرّر مناهضة الفاشيّة والنازيّة، ومواجهة الأفكار المتطرفة التي حذّر من خطرها على وحدة المنطقة وحريتها واستقلالها.

ورئيف خوري كاتب وناقد وأديب لبناني، درس ودرّس في كلٍّ من لبنان وسورية وفلسطين. وناضل ضدّ المستوطنين الصهاينة وضدّ الانتداب البريطاني في فلسطين في ثورة 1936، قبل أن تقوم السلطات البريطانية بطرده إلى لبنان. عُرف عنه موقفه المعادي لقرار تقسيم فلسطين 1947. وله نحو عشرين كتابًا.

في الكتاب قسمان: تضمّن القسم الأوّل مناقشة رئيف خوري كتاب الوعي القومي لقسطنطين زريق الذي صدر لأوّل مرة في عام 1939، بينما صدر كتاب خوري للمرّة الأولى في عام 1941. أمّا القسم الثاني ففيه محاضرات ألقاها الكاتب ودراسات نشرها في صحفٍ ومجلات كانت تصدر في بيروت ودمشق، وقد ارتأى المركز إضافتها إلى الكتاب، لأنّها تتعلّق بالموضوع ذاته الذي يناقشه القسم الأوّل، وهو الوعي القومي.

في القسم الأوّل من الكتاب يقوم رئيف خوري بالردّ على زريق، موضحًا عثراته وأخطاءَه التي وقع فيها، منتقدًا "الوعظ المملّ" الذي وقع فيه في مقدمة كتابه، ومنتقدًا أيضًا تحيّز زريق إلى روحانية الشرق؛ إذ نجده عندما يتحدّث عن الفلسفة في البلدان العربية يؤكد أسماء كبيرة في الفلسفة الغربية أمثال أفلاطون وديكارت وإيمانويل كانط، وينسى، كما يقول خوري، الفلاسفة الماديين أمثال بيكون وفيورباخ ولوك.

ويعرض لنا الكتاب رؤيتين متغايرتين للوعي القومي؛ الأولى مثالية وطوباوية عند قسطنطين زريق، والثانية واقعية جدلية عند رئيف خوري الذي اختار أن يختم كتابه باقتباسٍ من جبران خليل جبران يقول فيه: "لبناني هو الفلاحون... والرعاة... والكرامون... والبناؤون... والحائكون وصانعو الأجراس والنواقيس..."؛ أي إنّ الوعي القومي يرتكز على العمل لا على التنظير فحسب. ويستند إلى القوى العاملة في المجتمع وإلى أبناء الشعب الناشطين لا إلى من آثروا العيش في أبراجهم العاجيّة.

وفي القسم الثاني من الكتاب، والذي اشتمل على تسع محاضرات ومقالات لرئيف خوري، يعالج المؤلف التطوّر الذي حصل في مفهوم القومية العربية. ويوضح أنّها قومية تحررية. في حين يتكلّم في عددٍ من النصوص عن مسألة الاتحاد العربي والقومية العربية الجامعة. ويرى أنّه لا استقلال للعرب إلّا باتحادهم، وبتجاوز العصبيات السامّة التي تحرّك خيوطها الدول الاستعمارية.

وتتنزّل إعادة نشر هذا الكتاب ضمن مشروع "طيّ الذاكرة" الذي اعتمده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويهدف هذا المشروع إلى البحث عن المنسيّ والمفيد من الكتب القديمة، وإعادة نشر المتميز منها؛ بغية ترميم الجسور المعرفية، وردم الهوّة بين عوالم الأفكار ومراحلها، وإعادة الوعي والاعتبار لما نُسي أو كاد يُنسى منها.


المجتمع الشبكي


يمكنك شراء نسخة من هذا الكتاب ومعرفة أقرب موزع بالضغط هنا

كما صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الترجمة العربية لكتابThe Network Society لدارن بارني. قام بترجمته أنور الجمعاوي (268 من القطع الكبير، 2015). ويتناول الكتاب قضايا "اقتصاد المعرفة"، ومعنى العمالة والبطالة في العصر الرقمي، والعولمة وحال الدولة القومية، والحركات الاجتماعية الجديدة، والثقافة والجماعة والهويّة في عصر الإعلام الجديد؛ وذلك بلغة يسيرة واضحة وتتبّع دقيق لا يكاد يفوته أيّ جديد.

ويحاول هذا الكتاب الذي لا غنى للباحثين في العلوم الإنسانية عنه، إثارة أسئلة من قبيل ما الذي فعلته الثورة الرقمية بعالمنا؟ هل ولّدت تقانات المعلومات والاتصال الجديدة مجتمعًا جديدًا؟ أم أنّها اكتفت بتعزيز الأنساق والعلاقات القائمة وتوسيعها؟ ما هي النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ترتّبت على التقانات الشبكية وتطبيقاتها في مجالٍ واسع من الممارسات والمؤسسات؟ ويحاول الكتاب أيضًا الإجابة عن هذه التساؤلات؛ مستخدمًا نموذجًا متقَنًا ومعقّدًا للعلاقة بين التقانة والمجتمع.

ورد الكتاب في خمسة فصول. الفصل الأوّل بعنوان المجتمع الشبكي. وفيه يقوم الكاتب بتحديد موقع أطروحة المجتمع الشبكي في علاقته بعددٍ من المقاربات والنظريات التي برزت على الساحة في العقود الأخيرة من القرن العشرين. ويعرض أيضًا تحليلًا معمّقًا لطبيعة الشكل الشبكي. ويقدّم العناصر الرئيسة لأطروحة المجتمع الشبكي، فضلًا عن تقديمه عرضًا موجزًا للكيفية التي تتفرّع بها تلك العناصر في الهويّة والاقتصاد والسياسة؛ وذلك في إطار مقاربة شمولية للمجتمع المعاصر.

ويتطرّق الكتاب في الفصل الثاني التقانة الشبكية إلى طبيعة العلاقة بين التشكيلة الاجتماعية والتقانة عمومًا؛ مناقشًا مختلف نظريات التقانة، خاتمًا الفصل بعرض سمات التقانة الشبكية المعاصرة التي ظهرت في السياق الراهن، بوصفها الأهمّ بين الآثار الاجتماعية للتقانة والفرص التي تتيحها.

وفي الفصل الثالث الاقتصاد الشبكي، يوضح المؤلف مفهوم الاقتصاد الشبكي. ويتحدّث باستفاضة عن العلاقة بين الرأسمالية والمجتمع الشبكي؛ مشيرًا إلى أنّ المجتمع الشبكي مَهْما تكن طبيعته هو مجتمع رأسمالي، موضحًا أنّه لا يمكن فصل التنظيم الاقتصادي للمجتمع الشبكي عن دينامية العولمة الاقتصادية.

أمّا الفصل الرابع السياسات الشبكية، فيناقش العلاقة بين السياسة والمجتمع الشبكي عبر ثلاث طرائق: تتمثّل الأولى في فحص الأفول المزعوم للدولة القومية بتأثير من ديناميات العولمة، بوصف الدولة القومية الوعاء الأوّل للقوة السياسية والتنظيم والتطبيق العملي في الحقبة الراهنة، وتتمثّل الثانية في التدقيق في "السياسات الجديدة" التي تقدَّم على أنّها الحالة الدائمة للأوضاع السياسية في المجتمع الشبكي. أمّا الطريقة الثالثة، فهي تقويم التوقّعات الديمقراطية للحياة السياسية في خضمّ المجتمع الشبكي.

ويختتم الكتاب بالفصل الخامس الهوية الشبكية، متحدّثًا عن أثر التقانة الشبكية في هويّة كلٍّ من الفرد والجماعة، وعن نزع مادة الهويّة والجماعة من مناطقها لتأخذ في التدفّق عبر الحدود الجيوسياسية بيسرٍ متزايد، موضحًا أنّ دور الدولة القومية لم يتراجع فقط في ما يتعلق بالنشاط السياسي والاقتصادي، وإنّما كذلك في قدرتها على استيعاب الهوية والثقافة والجماعة، لنصل إلى وضعية "ما بعد القومية".