بدون عنوان

يرى الدكتور بهلول أن علينا التساؤل: هل يجب أن نعتقد أن للإنسان حقوقا؟ ولماذا؟

قدّم الدكتور رجا بهلول، أستاذ الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا، يوم الخميس 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 محاضرة بعنوان "خطاب الكرامة وحقوق الإنسان: من العقلنة إلى التطبيع" ضمن السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كل خميس في قاعة مكتبة المركز.

الدكتور رجا بهلول

وقد انطلق الدكتور رجا بهلول في عرضه من ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تفيد بأنّ "البشر يولدون أحرارًا متساوين في الكرامة"، ليوضّح أن مفهوم الكرامة مفهومٌ شديد التعقيد، وليبيّن التكافؤ المنطقي الذي يربطها بحقوق الإنسان. ومن ثمّ، عكف الباحث على درس وتحليل الأسس التي تتأسّس عليها كرامة الإنسان وحقوقه، مستهلًّا هذا العمل التحليلي بالحديث عن ماهية الكرامة، والتي يحدّدها انطلاقًا من نفيها، أي انتهاكها، بمعنى الإكراه أو الإجبار الذي يمنع الإنسان أن يعيش بطريقة معينة، وهو نوعٌ من "الجبر" مصدره الإنسان لا الطبيعة وينتهك كرامة إنسان آخر؛ ومن ذلك تمييز الدكتور بهلول بين الجوع (الذي تتسبّب به الظروف الطبيعية البحتة) والتجويع (الجوع الذي يتسبّب به الآخر قسرًا وإكراها).

ومن خلال هذا التمييز انتقل الباحث إلى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان بوصفها مركزية في تبيان مفهوم الكرامة، تلك العلاقة التي يروي هيجل قصّتها في "دياليكتيك السيد والعبد" في كتابه: فينومينولوجيا الروح، وهي ذلك اللّقاء الأول بين إنسانين والمرتبط بنشوء الوعي بالذات، حيث "الصراع" متأصّل، وحيث المعركة معركةٌ من أجل نيل الاعتراف.

وحاول الدكتور رجا بهلول الإجابة عن سؤال التأسيس للكرامة والحقوق، مستعرضا أولًا التأسيس العقلاني للأخلاق والحقوق، من منطلق إمكانية (بل وضرورة) السعي لـتأسيس الأخلاق والحقوق (بما فيها حقوق الإنسان بالطبع) على أساسٍ عقلاني، مثلما دافع على ذلك فلاسفة عديدون من قبيل جون رولز. وهو بذلك يؤكّد على أنّ الحقوق عموما، وحقوق الإنسان في نهاية المطاف، تجد تبريرها في حقيقة أنّ العقل لا يدرك سببا منطقيا كافيا للتمييز بين فلان وعلان من الناس، وأنّ هذه الحقيقة الفلسفية الأساسية قد وجدت تعبيرات مختلفة في ثقافات متباينة رأت في الإنسان نوعا واحدا من المخلوقات، متميزا عن غيره من الكائنات، ولكن دون مفاضلة بين هذا الفرد أو ذاك في القيمة الإنسانية. وقدّم المحاضر النقد الذي واجهته نظرية العقل أساسًا للحقوق وفي مقدمته مسألة تحديد العقلانية ذاتها والتي تختلف في جوهرها تبعا للسياق الثقافي القيمي المكاني والزماني.

د. عبد العزيز لبيب

واستعرض المحاضر في المقابل الأساس الوجداني الشعوري للأخلاق والحقوق سواء من منطلق مبدأ التعاطف بين البشر  أو مبدأ الاحترام، وهذا المبدأ الثاني هو الأقوى في التأسيس للحقوق والكرامة الإنسانية في نظر الدكتور رجا بهلول.

وقد أعقب هذا العرض الغني تعقيب مهمّ للدكتور عبد العزيز لبيب، أستاذ الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، ثمّ مناقشة عامّة أسهم فيها عددٌ من الباحثين الحضارين.

يذكر أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات يفتح المجال أمام الباحثين والطلبة والمهتمين المقيمين في قطر والمتواجدين بها لحضور السيمنار الأسبوعي الذي يعقده كلّ يوم خميس، بدايةً من الساعة الثانية والنصف بعد الظهر في قاعة مكتبة المركز العربي. ويمكن للجمهور من خارج المركز العربي التسجيل لحضور السيمنار بإرسال رسالة إلكترونية تضمّ بيانات: الاسم، الوظيفة، رقم الهاتف، والعنوان الإلكتروني؛ إلى البريد الإلكتروني التالي: seminar@dohainstitute.org

سيمنار المركز العربي للأبحاث هو جلسة علمية دأب المركز على عقدها لباحثيه وموظفيه والمدعوين من خارجه (وقد أصبح مفتوحًا لكلّ من يريد التسجيل لحضوره)، يقدّم خلالها أحد الباحثين عرضًا عن مشروعٍ بحثي أتمّه أو هو بصدد إنجازه، ويشارك الحاضرون في مناقشة البحث وأفكاره ومنهجيته.