بدون عنوان

Imageنظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن فعاليات معرض بيروت للكتاب ندوة عن كتاب زمن المذلولين: باثولوجيا العلاقات الدولية للكاتب الفرنسي برتران بديع (أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية في باريس)، الصادر ضمن سلسلة "ترجمان" التي تعدها وحدة ترجمة الكتب في المركز العربي. قدم للندوة خالد كموني، وأدارها الدكتور سعود المولى، مدير وحدة ترجمة الكتب، وشارك فيها إضافة إلى المؤلف نفسه الباحث اللبناني الدكتور جان جبور الذي نقل الكتاب إلى العربية. وكان الحضور الذي ضم كوكبة من الباحثين وأساتذة الجامعات وطلاب العلم لافتًا في تفاعله وتأثره بعرض الكاتب..

بداية بيّن الدكتور سعود المولى أسباب اختيار المركز العربي ترجمة هذا الكتاب القيّم إلى العربية، فأكد أهميته في بحث العلاقات الدولية، ونجاح الكاتب الرائع في تشخيص الاختلال في العلاقات الدولية الذي ردّه إلى تمرّس القوى الغربية في إذلال دول العالم الثالث التي تحاول مجتمعاتها العمل على إعادة توازن القوى، وإنشاء نظام دولي جديد قائم على المساواة والعدالة. وأشار سعود إلى أننا أمام كتاب غني بالمعلومات والتحاليل، يفتح عيون القراء على إشكاليات حقيقية تعاني منها تركيبة النظام الدولي الحالي الذي لا يقيم وزنًا لإرادة الشعوب المستضعفة التي تجهد لتكون شركاء فاعلة في تقرير مصائر دولها.

أما الدكتور جان جبور، فذكّر الحضور في عرضه الكتاب أن خلاصات الكاتب أثارت جدلًا واسعًا حين صدرت في فرنسا في ربيع عام 2014، لأن موضوع الكتاب حمل عنصر مفاجأة؛ فالعلاقات الدولية تختلط إلى حد كبير بـ "فن بسط النفوذ"، ولذلك بدت الإضاءة على مسألة الإذلال كأنها إبحار عكس التيار. وأشار جبور إلى أن الدول الصاعدة في آسيا وأميركا اللاتينية تشعر أن ما عانته من إذلال وقهر يشكّلان الأساس الذي يربط بينها لتكوّن مجموعة يمكنها أن تؤكد مكانتها في الساحة الدولية. كما أكد جبور أنه ما عاد في الإمكان حاليًا اعتبار "سائر أنحاء العالم" كأنها دولًا ملحقة بالغرب فحسب، بل لا بد من الاقتناع أن الضعيف في العالم بات يدرك أن بإمكانه أن يؤثر في التوازنات الكبرى وفي القوى القديمة.

من ناحيته أكد البروفيسور برتران بديع أن مجتمعات العالم التي يبلغ تعدادها سبعة مليارات لا بد من أن يكون لها دور وكلمة مؤثرة في ميدان العولمة، فإن ما يحصل من صراعات وإرهاب، إنما مرده إلى الشعور بالإهانة والإذلال. لذلك أصبح الإذلال ميدان درس وبحث نسعى من خلاله رؤية الكيفية التي تُفرض فيها على الآخرين مكانة لا تليق بهم ولا يرضونها. فالحرب في الزمن الحاضر ما عادت هزيمة إفرادية لأمير أو قائد في ميدان المعركة – كما كان يحصل في العصور الغابرة – بل هي لشعوب وأمم باتت معنية مباشرة بما يحصل. علاوة على ذلك، أكد برتران أن القوى الغربية تخطئ في تصنيفها الدول الأخرى في مرتبة دنيا. وعرض الكاتب أمثلة تاريخية تتلخص في الفكرة الأساسية القائمة على إذلال الشعوب وإشعارها به. فالإذلال في رأي بديع هم المنظم الأبرز للعلاقات الدولية في العصر الحالي... فمهما تماهى "المذلول" مع المستعمر، فإنه يبقى مرفوضًا. وطالب قادة القوى الغربية بالكف عن حل النزاعات في العالم كأنها مشكلتهم الخاصة من دون العودة إلى المقررين المحليين.. فالقوى الكبرى ليست وحدها في هذا العالم الذي جاوز سكانه السبعة مليارات نسمة.