بدون عنوان

تابع المؤتمر السنوي الأول للعلوم الاجتماعية والإنسانية، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال الفترة 24-26 آذار/ مارس، أمس أعماله في الدوحة بعقد سلسلة جلسات في محوريه "اللغة والهوية في الوطن العربي"، و"سياسات التنمية العربية".

وشهد اليوم الثاني من المؤتمر ست جلسات في المحور الخاص بالتنمية تحت عنوان "من النمو المعاق إلى التنمية المستدامة تضاف إلى الجلسة الأولى التي عقدت في اليوم الأول بعد حفل الافتتاح. وشهد اليوم الثاني أيضا خمس جلسات في محور الهوية واللغة.

وقد أبرز المحاضرون في محور سياسات التنمية ضرورة أن تتسق السياسات التنموية القطرية مع إستراتيجية للتكامل العربي، مع الإشارة إلى الترابط بين الديمقراطية والتنمية وتمكين مختلف مكونات المجتمع العربي لتحقيق التنمية الشاملة ومن بينها المرأة التي يجب أن تزاح من أمام مشاركتها في التنمية الحواجز التشريعية والقانونية.


نحو نموذج عربي للتنمية

وفي استهلال أعمال اليوم الثاني من المؤتمر السنوي للعلوم الاجتماعية، قدم الدكتور طاهر كنعان محاضرة عامة عن "الفضاءات الثلاثة في دولة الإنتاج" تقديما لمحور سياسات التنمية، حيث حدد خلالها ثلاثة فضاءات في الاقتصاد هي القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني كفضاء ثالث.

ورأى كنعان أن النموذجين الاشتراكي والرأسمالي لا يتفقان كنموذجين مع احتياجات دول العالم الثالث التنموية، مشيرا إلى أن أغلبية دول العالم الثالث كانت تقوم على اقتصاد التخطيط المركزي وقيام القطاع العام بالعمليات الاقتصادية، إلا أنه مع نمو الحاجات الاستهلاكية المتنوعة لم يعد القطاع العام قادرا على إدارة عمليات الإنتاج لهذا النوع من التوسع في إنتاج السلع، الأمر الذي فسح المجال لنمو القطاع الخاص، منوها كنعان بأن انسحاب الدولة في بلدان العالم الثالث والبلدان العربية على وجه الخصوص، من الأنشطة الاقتصادية عبر عمليات الخصخصة أثر في سياسات التشغيل والإنتاج وأضعف التنمية على الرغم من ارتفاع النمو. مطالبا ببناء علاقات بين الفضاءات الثلاثة بالضرورة لمعالجة الخلل في الخصخصة، داعيا إلى اتباع نموذج لخصخصة الإدارة في المؤسسات الاقتصادية الاحتكارية.

وفي إطار الجلسة الأولى من اليوم الثاني التي تبحث في الفقر والتّنمية الريفية والجهوية، قدمت الدكتورة كريمة كريم - ورقة بعنوان "دراسة مقارنة للفقر في ثلاث دول عربية: اليمن، مصر، البحرين- أسبابه وسياسات مجابهته"، محللة أسباب الفقر، وقياس معدلاته في الوطن العربي؛ الذي قسمته الباحثة إلى مجموعتين: الأولى تشمل دول مجلس التّعاون الخليجي، والثانية وتشمل باقي الدّول العربيّة.

وتحت عنوان "الثورة التونسية: قراءة من خلال التباينات المجالية في مستويات التنمية"، أوضح الدكتور عبد الكريم داوود أحد أسباب اندلاع الثورة في تونس في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010 هو التّبايُنات المجاليّة الكبرى في تونس، وبصفة خاصّة بين المناطق السّاحليّة والمناطق الدّاخليّة، في مستويات التّنمية والتجهيزات الأساسية والبُنى التّحتية ونسب التّشغيل. وأشار إلى أن سياسات التنمية المُتّبعة في تونس منذ خمسة عقود تقريبًا، لم تحقق التوازن بين المناطق الساحليّة والمناطق الدّاخليّة داعيا إلى عقد اجتماعي مجالي جديد في تونس يحقق التنمية في المناطق الداخلية.

أما الدكتور حسن ضايض فقد قدم ورقة بعنوان "تعدد مؤشرات الفقر وألوانه بالريف المغربي"، موضحا أن المجتمع الريفي المغربي وبخاصة ذلك المعتمد على الزراعة المطرية لا يزال حبيس رواسب (سياسية، وعقارية) معرقلة للنمو الاقتصادي الاجتماعي وأن التنظيم الاجتماعي والاقتصادي لهذه المجالات لا يزال تابعًا في ظل بقاء المغرب تحت سيطرة الملكيات الزراعية الكبيرة، إذ لم تتم أي عمليات إصلاح أو استصلاح زراعي في المغرب واحتفاظ أنظمة الإنتاج الفلاحي، بشكل عام، بطابعها التقليدي. وأكد ضايض أن العامل الأساس في تخلف البوادي المغربية يتمثل في تدخل الدولة من خلال تطوير البنى الاقتصادية والاجتماعية الريفية وتحديثها.

وفي الجلسة الثانية التي كان عنوانها "التنمية والتبعية"، قدم الدكتور عبد الرحمن التميمي بحثا بعنوان "خصخصة الخدمات وتأثيرها على التنمية الاجتماعية: قطاع المياه نموذجا"، مركزا على النموذج الفلسطيني من خلال البحث في العلاقة الوثيقة بين ما يطرح من مشاريع مائية إقليمية (لها طابع سياسي أهمه إدماج القطاع الخاص الإسرائيلي في اقتصاديات الإقليم) وبين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودور الخصخصة في خلق طبقة من رجال الأعمال الذين يشكلون التنمية وفقا لمصالحهم ويضطلعون بدور أساسيّ في خلق نخب سياسية تتبنى الرؤى نفسها. 

ورأى التميمي أن موضوع المياه لا يمكن التعامل معه كموضوع فني واقتصادي فحسب، بل يجري وضعه في إطار سياسي يخدم التطبيع مع "الكيان الصهيوني" من جهة، ويسخر السياسات المائية لخدمة المشروع الدولي في تبريد الصراع العربي -الإسرائيلي وتحويل المواطنين الفلسطينيين من أصحاب سيادة على مصادر المياه إلى زبائن لشركات تحلية المياه الإسرائيلية من جهة أخرى. ودعا الباحث إلى إيجاد أجندة عربية متكاملة تضمن تعظيم المصالح العربية والقطرية، مع تفعيل دور القطاع الخاص الوطني وخلق آلية للمراقبة الشعبية.

ثم قدم الباحث إبراهيم سيف ورقة بعنوان "وهم خلق الوظائف للشباب في الشرق الأوسط"، أعدها الباحث بالاشتراك مع جولان عبد الخالق، وقد تطرقت الورقة إلى أن الاقتصادات العربية عالقة في مستوى توازن منخفض نتيجة تشوهات في نظام الحوافز. وأن معظم الشّبان في المنطقة يفضلون البقاء عاطلين عن العمل في انتظار الحصول على وظيفة في القطاع العام بحيث ترتبط الرواتب في القطاع العام بالدرجة التعليمية للباحثين عن العمل لا بمستوى مهاراتهم، الأمر الذي يرسل إشارة خاطئة إلى تدنّي مستوى جدارة كل من الباحثين عن العمل والنظام التعليمي الذي لا يركز على بناء المهارات التي تحتاج إليها سوق العمل.

واقترح سيف حلولا لكسر الحلقة الاقتصادية المفرغة التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة لدى فئة الشباب من خلال تشجيع نمو القطاع الخاص، وتعزيز التنويع الاقتصادي وحفز الصناعة، وخلق مناخ أفضل للاستثمار، وتحسين ظروف سوق العمل، والتركيز على مؤشرات اقتصادية أكثر شمولا، وتنسيق التخطيط الاقتصادي على المستوى الوطني، واللجوء إلى سياسات تنموية تعتمد على المبادرات الوطنية والذاتية وتحسين مخرجات النظام التعليمي.

ثم قدم الباحث أحمد أبو زيد ورقة بعنوان "الـتـنمـية والأمـن: ارتـبـاطات نـظـريــة"، مشيرا فيها إلى ارتباط بين الأمن والتنمية وبخاصة عندما ينظر إلى الأمن من مستوى التحليل الثاني (مستوى الوحدات) أي بوصفه جزءا لا يتجزأ من التركيب المجتمعي للدولة ومؤسساتها. ورأى الباحث أن التنمية هي التحرر من الحاجة، أي أنها تعني توفير جميع الحاجات الأساسية اللازمة لبناء الدولة. مؤكدًا وجود ارتباط شديد بين قدرة الدولة على إشباع الحاجات وتوفير المتطلبات الأساسية للأفراد والجماعات الوطنية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) وبين حجم الأمن الذي تنعم به، من دون إغفال تأثير الجوانب المادية-العسكرية التي قد تفرضها البيئة الدولية على الدول.

وفي إطار جلسة عنوانها "التنمية البشرية ومجتمع المعرفة ونوعية الحياة"، قدم الدكتور ضرضاري التهامي ورقة بعنوان "قوام مشروع التربص التنموي المستديم في المغرب"، أكد من خلالها أن نجاح المجتمعات في مشاريع التنمية المستدامة، يقتضي توافر موارد بشرية خبيرة ومتعلمة لها متأهبة لابتداع الحدث الحضاري، مشيرا إلى قوام الاستنباط العقلاني لعلل النهضة التنموية.

ثم قدم الدكتور مراد دياني ورقة بعنوان "أي نظـم وطنيـة للإبـداع فـي العـالم العربـي فـي ظل تفاقم تأثيــر متى؟" متناولا إشكالية بروز الاقتصاد القائم على المعرفة، وإشكالية بناء قدرات إنتاجية وتنافسية مبنية على المعرفة داعيا إلى ضرورة التمكن من عمليات الإنتاج المعرفية عبر بناء القدرات الاستيعابية أو التحكم في حقوق الملكية الفكرية. ولفت دياني إلى إشكالية التقسيم الدولي "المعرفي" للعمل، مشيرا إلى أن التفوق العلمي والتكنولوجي للدول الصناعية الكبرى في الشمال يؤدي على نحو متزايد إلى استقطابها لأنشطة البحث والتطوير والإبداع.

وفي ورقة "شروط الجهوزية لإقامة أنظمة تربوية بانية لمجتمعات المعرفة في الأقطار العربية"، أشار الدكتور السعيد سليمان عواشرية إلى أن ضمان الشروط المادية للجهوزية لبناء أنظمة تربوية إنتاجية غير كاف لإقامة ذلك، بل إن الأمر يتطلب معايير أخرى معنوية؛ مثل القابلية العاطفية لها، مع العلم أن تغييرها لا يحتاج إلى قوة خشنة بقدر ما يحتاج إلى قوة ناعمة، و لتكوين القابلية العاطفية للنظام التربوي الإنتاجي لدى المعنيين بالأمر يتعين جعلهم يحملون كل مبادئهم وأهدافهم على منظومته المعرفية، من دون إرغامهم. تجسيدا لاستخدام القوة الناعمة في ذلك، وأهم سبل ذلك تبني الثورة الفكرية الإرشادية العقل انفعالية. ورأى أن هذه الثورة الفكرية ضرورة لتحقيق التنمية الاقتصادية، لأنها تكون عبر الوسائل التقنية الحديثة قادرة على تغيير أنماط السلوك والإنتاج.


التنمية بلا مسؤولية
ستخفق على المدى البعيد

وفي جلسة خصصت لمناقشة "التنمية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية"، طرح الباحث عمر حبيب جهلول مسألة "المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات ودورها في تحقيق التنمية المستدامة: دراسة في الإطار القانوني المقارن". وقد أبرز أثر المنافسة غير المشروعة على استدامة التنمية وعلى التجارة الخارجيّة، ووقف عند الأضرار الناتجة عنها. كما أكّد على ضرورة وجود إطار قانونيّ للاستثمار؛ من شأنه أن يحمي مصالح المستثمر الخارجي من تلك المنافسة غير المشروعة وغيرها من الممارسات.

أما الباحث خالد غازي التمّي، فقد قدم ورقة بعنوان "أهمّية الوعي التّكاليفي البيئي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة"، ورأى أنّ التنمية المستدامة هي تلبية حاجيات الأجيال الحاليّة من دون الإضرار بحاجيات الأجيال الآتية. وبيّن أبعاد التنمية المستدامة على البيئة الاقتصاديّة والاجتماعيّة وعلى بيئة الشركة. ورأى ضرورة تبنّي السّياسات الطّوعيّة في الإدارة، وإستراتيجيّة الإنتاج النّظيف، ووجوب تطوير فاعليّة نظام المحاسبة على الأداء البيئي.

وفي الورقة التي كان عنوانها "تجربة المنشأة الصّناعيّة الجزائريّة بقطاعيها العامّ والخاصّ"، تحدث الباحث حسان مراني عن أسباب فشل المنشأة الصّناعيّة في المجتمعات العربيّة وفي الجزائر بالخصوص. ومن أهمّها: تردّي الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وتفاقم البطالة، وقيام الجزائر إلى حدّ الآن على الاقتصاد الرّيعي، وضعف الإنتاج الصّناعي.

وقارن الباحث وضع المنشأة في الجزائر، بوضعها في الغرب. ففي ظلّ الوضع الاحتكاري، الذي لا وجود فيه للتنافس؛ تميّزت المنشأة الجزائريّة على العموم بنمطها البيروقراطي المعقّد، وبغياب الانضباط والتنظيم العقلاني. ورأى أنّ المشكلة ثقافيّة وسياسيّة، ويجب أن يكون حلّها مستمدّا كذلك من الجانبين الثّقافي والسياسي؛ وذلك من خلال خلق قيم جديدة تثمّن العمل الجماعي، مع الحثّ على الإصلاح السياسي القائم على مؤسّسات تمثّل قيم المجتمع. 

وفي جلسة خصصت لموضوع "التنمية والديمقراطية والمشاركة"، قدم الدكتور أحمد بعلبكي مقاربة لمفهوم المجتمع المدني المروّج في الأدبيّات الدّولية عن التّنمية. وأوضح أن اعتماد المنظمات الدولية في سياساتها الإنمائية الموجهة نحو الدول العربية على براديغم غربي يشير إلى التحول إلى المجتمع المدني إلا أنها تعاملت مع منظمات غير مهيكلة للمجتمع وسمتها تجاوزا بالمجتمع المدنــي. وبهذا يكون هذا المفهوم قد انقطع عن الظّروف التّاريخية التي وفّرت المقوّمات الأساسيّة لتبلوره في الغرب. فاختُزلت تاريخية مفهوم المجتمع المدني وإحالاته المتبلورة في الغرب، على امتداد ما يزيد على قرنين من الزمن،  وذلك حتّى يدخل المفهوم إلى المجتمعات العربيّة، مع إخوته من المفاهيم الكبيرة المختزلة هي الأخرى (كالديمقراطية، والجمهورية، والمشاركة، والحكم الصالح) في خطاب العمل الاجتماعي المُروَّج في أوساط نخب البلدان الفقيرة.

وتحدث الدكتور سمير عميش عن العلاقة بين الديمقراطيّة والتّنمية، ولاحظ أنّ المجتمعات الدّيمقراطيّة هي أكثر المجتمعات تقدّمًا وغنًى وتطوّرًا واستقرارًا، كما يتمتّع أفرادها بمستويات معاشيّة أعلى وأكثر رفاهية. وتملك هذه المجتمعات الدّيمقراطية مقدرةً على تطوير قدراتها وكفاءة نظمها العلميّة والدّراسية والتّعليمية والابتكاريّة، وعلى تأهيل ثروتها البشريّة المتواصل، وتعزيز دور مؤسّساتها الصّناعية والإدارية والخدميّة والخبراتية في المشاركة في مختلف أوجه النّشاطات التنمويّة.

وقدمت الدكتورة صباح الحلاق ورقة بعنوان "آثار التمييز في قوانين الأحوال الشخصية على مشاركة النساء في عملية التنمية المستدامة"، وخلصت فيها إلى أن مصير المرأة ودورها في عملية التنمية متوقفان على وضع وتنفيذ سياسات تضمن المساواة للنساء، وتمكين المرأة في عملية التنمية يتطلب إلغاء جميع أشكال التمييز القانوني ضدها.


التكامل مفتاح التنمية

في جلسة بعنوان "دور التكامل العربي في الأداء التنموي"،  تدخل الباحث أحمد الشّولي بمحاضرة كان عنوانها "البيئة الإقليميّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، فأشار إلى فكرة الإقليميّة والعمل المشترك هي ظاهرة تاريخيّة في الوطن العربي.

وأشار الباحث إلى أنّ التكامل الاقتصادي العربي لا يمكن أن يتم ضمن مفهوم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يتلاءم مع طبيعة المنطقة الموصوفة وهويّتها، كما أن مفهوم "المنطقة العربية" يستبعد الأقليات غير العربية في المنطقة والعلاقات التي يجب أن تربطها بالجوار الاقتصادي والاقتصاد العالمي عموما، ولذلك تعامل الباحث في بحثه مع الدول العربيّة، انطلاقا من العوامل المشتركة فقط.

ووجد الباحث أنّ النيوليبيراليّة تتناقض مع التنمية؛ ولذلك لابدّ للدولة التنمويّة في المنطقة، من العمل في إطار إقليمي لتحقيق أهدافها. وأكد على ضرورة أن تخضع الطبقة الرأسماليّة لسيطرة الدولة التنمويّة ضمن سياق عملها المحلّي والإقليمي؛ لأنّ المشروع الإقليمي للدولة التنمويّة يتناقض مع المشاريع الإقليميّة التوسّعيّة التي يقوم بها رأس المال في سبيل تحرير الأسواق، وإزالة العوائق، وتعظيم الربح.

وطرح الباحث محمّد أوضبجي في مداخلته التي كان عنوانها "توسيع عضويّة مجلس التعاون الخليجي إلى الأردن والمغرب كخطوة نحو تأسيس اندماج إقليمي عربي مستقبلا" تحليلا لأهمّ مميزات ما يسمى "الوضع المتقدّم" في علاقة التكتلات الإقليمية مع دول من خارجها، وذلك بغية استخلاص بعض الحلول لتوسيع مجلس التعاون الخليجي، حتى يضمّ دولا عربية أخرى. كما ناقش البحث مسألة الهدف الرئيس للبلدان النامية في الحصول على التكنولوجيا المتقدّمة، ثم رفع مستوى معيشة غالبية المواطنين، وخلق مناخ مناسب للاستثمارات الأجنبية والوطنيّة.

وخلص الباحث إلى أنّ الدول العربيّة لا تزال دولا نامية؛ وهي تواجه مشكلات وتحدّيات تنموية اقتصاديّة وبيئيّة واجتماعيّة كبيرة؛ تعيق نجاحها في تحقيق التنمية المستدامة. ورأى الباحث أن الحل يكمن في تكوين تجمع إقليمي قومي عربي يسمح بالاستفادة من إيجابيات العولمة.

بدأ الباحث أحمد سيد أحمد بحثه المعنون "معوقات نجاح التكامل الاقتصادي العربي ومتطلباته بعد ثورات الربيع العربي" بالتأكيد على أن تجارب التعاون العربي السابقة لم يكتب لها النجاح بسبب غياب المؤسسات والشروط اللازمة لذلك وطغيان السياسات القطرية للدول العربية. ويرى أنّها في حاجة إلى تحقيق تكامل عربي لأنها تمتلك الموارد البشرية والطبيعية التي تؤهلها لذلك، ولأن عصر العولمة يفرض ضرورة التكامل العربي في ظل التكتلات الاقتصادية العالمية. وأوضح الباحث أن التكامل الاقتصادي العربي قد واجه عقبات اقتصادية عديدة ترتبط ببنية الاقتصاديات العربية وعملية التنمية فيها، وعقبات سياسية ترتبط باختلاف الأنظمة السياسية العربية وغياب الإرادة السياسية، ومن ثم انتقل الباحث إلى الربط بين ضرورة التكامل العربي والثورات العربية، ورأى أن العلاقة بينهما تبادلية، إذ ستدفع الثورات نحو ترسيخ الديمقراطية، أما نجاح التكامل العربي فتحققه الديمقراطية والتنمية في الوطن العربي. وتوصل أحمد سيد إلى أن التكامل الاقتصادي العربي أصبح مطلبا أساسيا لإخراج البلدان العربية من مأزق التحديات التي تواجهها في الألفية الثالثة. كما أكد على أن النّخبة التي ستفرزها ثورات الربيع العربي من شأنها أن تحكم بمفاهيم جديدة ترتكز على الديمقراطية وعلى ثقافة التنمية المستدامة وعلى التخلص من ثقافة الاستبداد.