بدون عنوان

للحصول على نسخ من هذا العدد والأعداد الأخرى من المجلة، زر المتجر الإلكتروني للمركز

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد السابع عشر (صيف 2016) من الدورية العلمية المحكّمة "عمران" للعلوم الاجتماعية والإنسانية. وشمل العدد ملفًا بحثيًا بعنوان "سوسيولوجيا إنتاج المعرفة الكولونيالية - حالة المغرب"، إضافةً إلى أوراق بحثية أخرى.

ضمّ محور العدد خمس دراسات تناولت العديد من الإشكاليات البحثية في المعرفة الكولوينالية، فضلًا عن مقدمة لخص فيها مُعدّ المحور الدكتور إيليا زريق أهمية الموضوع ومحتوى الأوراق البحثية.

شكّلت مقالة طوني بالانتاين "المعرفة الاستعمارية" مدخلًا نظريًا عامًّا لفهم سوسيولوجيا إنتاج المعرفة الكولونيالية قبل الدخول في الحالة المغربية. ويناقش بالانتاين في هذه المقالة، كيفية تحوّل الهمّ المعرفي الاستعماري، بعد أن كان حكرًا على علماء الاقتصاد والمؤرخين، إلى أعمال علماء الأنثروبولوجيا، وعلماء الاجتماع، وغيرهم من باحثي العلوم الإنسانية. وضمن هذا السياق، تتبوّأ الثقافة مكانةً متناميةً، ودورًا متعاظمًا في الدراسات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية. وكان أوّل من أشار إلى ضرورة دراسة التابع في الدراسات الاستعمارية كلّ من ميشيل فوكو وإدوارد سعيد. فلم يعُد باحثو الدراسات الاستعمارية يركّزون على دور النخب، بل أبدوا، على نحوٍ متنامٍ، اهتمامًا بتجارب المهمّشين من أجل فهم أشكال المقاومة أو السلطة من منظور آخر.

عملت الباحثة بشرى زكاغ في الدراسة الأولى من الحالة المغربية على ظاهرة "تدبير الشأن الثقافي بالمغرب خلال مرحلة الاستعمار". وانطلاقًا من هذه الزاوية التاريخية والمعرفية، تناول البحث التحولات الكبرى التي شهدتها المنظومة الثقافية المغربية أثناء مرحلة الاستعمار، من خلال التعرض للمظاهر الثقافية والاجتماعية والمعرفية التي أفرزتها صدمة الحداثة واللقاء مع الآخر المختلف والغريب، على أساس أنّ تدبير الشأن الثقافي - بالمعنى الحديث - لم يتأتَّ للمغرب إلا من خلال اطلاعه على الآخر المختلف ونهج أساليبه في العصرنة والتحديث.

أمّا محمد فاوبار، فقد اهتم بتحليل شروط إنتاج المعرفة الاستعمارية في المغرب بشأن تكوين نظام التعليم، منذ انطلاق عهد الحماية سنة 1912؛ وذلك من خلال دراسته "سوسيولوجيا الإنتاج المعرفي الاستعماري حول التربية والتعليم بالمغرب"؛ إذ قام الباحث بدراسة نقدية للخطاب الاستعماري على مستوى تطور مفاهيمه الأساسية، وذلك عبر تقسيم الإنتاج الاستعماري إلى ثلاثة أنواع من الخطابات. فالخطاب الأول هو الخطاب الإثنوغرافي الوصفي. والخطاب الثاني هو التحليل الاجتماعي التاريخي الذي يستخدمه جاك بيرك لدراسة التعليم المغربي وتطوراته التاريخية، وخصوصًا فئة العلماء. وأمّا الخطاب الثالث، فهو السوسيولوجي، وهو خطاب تبلور بعد انتظام المعرفة الاستعمارية وتحكُّم الاستعمار في السياق التعليمي. ومن خلال ذلك حاولت الدراسة تبيُّن البراديغم المعرفي الاستعماري ومنطق إنتاجه، وكيفية بناء سوسيولوجيا ناقدة للاستعمار تضَع الأسس لبناء سوسيولوجيا تحريرية منفتحة عن أسئلة العصر الراهن.

قام الباحث عبد الرحمن المالكي في دراسته "السوسيولوجيا الكولونيالية أمام ظاهرة الهجرة القروية في المغرب" بإعادة قراءةٍ وفحصٍ للأدبيات السوسيولوجية الغربية حول الهجرة الريفية إلى المدن في المغرب. وأوضح أنّ كثيرًا من الباحثين يعتقدون أنّ السوسيولوجيا أدّت دورًا كبيرًا في تسهيل استعمار المغرب. فبعد انتقال الثقل الاجتماعي والسياسي تدريجيًا من البادية (القبيلة) إلى المدينة، بسبب الهجرة من البوادي إلى المدن، شرع روبير مونتاني، أحد رواد السوسيولوجيا الكولونيالية في المغرب، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرةً، في إنجاز أول دراسة سوسيولوجية عن ظاهرة الهجرة القروية. وقد كان الهدف منها، أساسًا، محاولة فهم الطبقة الاجتماعية الجديدة التي أنتجها التصنيع والتحديث الاستعماريان (البروليتاريا)، وذلك لهدف أيديولوجي واضح هو: البحث عن كيفية تحويل هذه القوة الاجتماعية الجديدة إلى حليف للمستعمر في مواجهة التطلعات التحررية التي بدأت تظهر في الأوساط الحضرية الجديدة وفي الأوساط المدينية التقليدية على حدّ سواء.

وبيّن الباحث محمد مزيان من خلال دراسته "المغرب في الأدبيات الكولونيالية الفرنسية ومشروعية الغزو والإلحاق" ظاهرةً مفادها أنّ "الغزو السلمي" و"التغلغل المعرفي" للبنى المغربية بدآ بعد احتلال الجزائر، وانفتاح الباب حينئذ على مصراعيه أمام البعثات العلمية الاستكشافية الفرنسية لتحقيق هدف "احتلال المغرب بأقلّ التكاليف الممكنة". وهكذا، اقتحمت الأدبيات الفرنسية البلد من أجل فهم ذهنية المجال وتركيبته الإثنية والدينية، واتخذت هذه الأعمال بُعدًا مؤسساتيًا منذ عام 1904 عندما أُسست البعثة العلمية للمغرب، لتتضح العلاقة بين المعرفة والأجندة الاستعمارية أكثر فأكثر. فقد ظهرت كتابات جمعت بين الغرائبية والبحث الممنهج، وركزت على تبيان أنّ المغرب يسبح في فوضى مزمنة، وبذلك تحولت البعثة العلمية إلى مختبر من أجل دراسة البنى المغربية وتفكيكها، كما شكّلت مركزًا لتكوين رجالات الحماية بوصفهم مراقبين مدنيين.

كما تضمّن العدد دراستين من خارج محوره المذكور؛ إذ أعدّ صبر درويش بحثًا ميدانيًا عن "واقع العمالة السورية الذكور في لبنان"، سعى فيه لإلقاء الضوء على أوضاع تشغيل العمالة السورية في لبنان، والأطر القانونية التي تعمل هذه العمالة في إطارها. وقد اشتملت الدراسة على ثلاثة أقسام رئيسة. ففي القسم الأول منها، جرى تناول أوضاع تشغيل العمالة السورية في لبنان. وفي قسمها الثاني، تعرض البحث للإطار القانوني الذي تخضع له هذه العمالة في لبنان أيضًا. أمّا القسم الثالث، فقد جرى فيه عرضٌ لنتائج الدراسة وتوصياتها، مع التركيز على ضرورة إنصاف أولئك العمال، عبر سَنّ القوانين والتشريعات الكفيلة بحمايتهم وحماية حقوقهم، وهو أمرٌ رأى الباحث أنه مدخل رئيس يضمن بناء علاقات سليمة بين الفئتين، ويضمن كذلك عدم هدر الحقوق.

وأوضح الباحث عمر الرواندزي في دراسته "توظيف تقنيات نظم المعلومات والاستشعار عن بُعد في تحديد أفضل المواقع للمؤسسات التعليمية في مدينة أربيل" أنّ مدينة أربيل العراقية شهدت بعد عام 2003 تطورات كبيرةً، من ناحيتَي التوسع المساحي والنمو السكاني، على نحوٍ لم يُسبق من قبلُ، رافقتها تطورات في مجالات الحياة كلّها، منها مجال الخدمات التعليمية. إلا أنّ مواكبة هذه التطورات من الناحية المكانية لا تزال تشكّل تحدّيًا حتى الوقت الحاضر. وقد سعت الدراسة إلى إعطاء صورة مفصَّلة عن واقع التوزيع المكاني لمؤسسات الخدمات التعليمة، وإبراز نمط انتشارها، ومدى توافقها مع توزيع السكان بحسب الأحياء، وصولًا الى تحديد النماذج الملائمة لإقامة مؤسسات للخدمات التعليمية على مختلف المستويات.

وفي باب المراجعات وعروض الكتب، تضمّن العدد ورقةً بعنوان "الكتابات الاستعمارية الإسبانية بشأن الصحراء الأطلسية"، وهي مناقشة للباحث محمد سبي لأربع كتب إسبانية، في فترات زمنية مختلفة، توضح الرؤى والسياسات الاستعمارية في المغرب. إضافةً إلى مراجعة محمد طيفوري لكتاب "إسلام السوق: الثورة المحافظة الأخرى" للمؤلف باتريك هايني.


* للحصول على نسخ من هذا العدد والأعداد الأخرى من المجلة، زر المتجر الإلكتروني للمركز