بدون عنوان

شفيق الغبرا

قدّم الدكتور شفيق الغبرا، ضمن برنامج السيمنار الأسبوعي الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات للعام 2016/2017، في يوم الأربعاء الموافق 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، محاضرةً حملت عنوان "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني الأول في الكويت".

جاءت المحاضرة جزءًا من مشروع كتابٍ للدكتور الغبرا، والذي يعمل حاليًا باحثًا زائرًا في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت منذ عام 1987، وله العديد من الكتابات والأبحاث العلمية، منها كتابه الكويت: دراسة في آليات الدولة والسلطة، كما صدرت له في عام 2012 سيرة ذاتية تعكس تجربته الشخصية والسياسية المرتبطة بأوضاع العالم العربي والقضية الفلسطينية في خمسينيات القرن الماضي، تحت عنوان حياة غير آمنة: جيل الأحلام والإخفاقات.

تناول الدكتور الغبرا في محاضرته عرضًا لرحلة الشتات الفلسطيني بكل تفاصيلها القاسية إلى الكويت وكيفية تشكّل مجتمع من الشتات الفلسطيني في خمسينيات القرن الماضي كان له دور اجتماعي وسياسي. كما تطرق لآليات الصمود والبقاء والحنين والعودة المعنوية والجسدية التي اعتمدها الفلسطينيون منذ نكبتهم الواقعة في عام 1948؛ فالشتات الفلسطيني، في الكويت، حمى الوجود الفلسطيني وهوية الفلسطينيين بعد اقتلاعهم من أرضهم؛ إذ كان لتجربتهم في الكويت، على اعتبارها دولة بعيدة عن فلسطين وليست من دول الطوق، أهمية في تكوين إطار للتفاعل والبناء الاقتصادي والوعي. كما قاد نشوء طبقة وسطى فلسطينية منجزة في كل من الكويت ودول الخليج العربية إلى لملمة جراح النكبة وبناء الوطنية الفلسطينية، واستمرت تلك المراكز تقدم العمق والمكانة الاقتصادية والثقافية والإنسانية للحركة الفلسطينية لغاية 1990.

وقد استعرض الدكتور الغبرا عددًا كبيرًا من المقابلات مع الجيل الأول من الشتات الفلسطيني الذي هاجر إلى الكويت والصعوبات الجمة التي واجهتم في رحلة الهجرة من خلال مسيرتهم من الأردن إلى شمال شرق سورية مرورًا بالعراق حتى الانتقال إلى البصرة؛ وهي المحطة ما قبل الأخيرة من الوصول إلى الكويت حيث إن الفئة العمرية لأغلبية المهاجرين الفلسطينيين كانت دون سن 20 عامًا وأغلبيتهم من سكان الريف الفلسطيني وأبناء الفقراء من سكان المدن، وكان انتقال خبر وصولهم بسلامة إلى الكويت بمنزلة فرحة في قراهم في فلسطين، لا سيما أن هناك عددًا كبيرًا منهم قضى نحبه غرقًا أو عطشًا في رحلة الهجرة إلى الكويت. ويحلل الدكتور الغبرا الآلية التي بدأت تتشكل فيها شبكة اجتماعية للشتات الفلسطيني كان لها دور اقتصادي فاعل في الكويت، ونشوء جيل ثاني من الشتات الفلسطيني. ويرى أنه من خلال تجربة الفلسطينيين الذين جاؤوا إلى الكويت في السنوات التي تلت النكبة، نستطيع فهم التعرجات المعقدة التي أدت إلى إعادة بناء اللحمة الاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين؛ فالتجربة واحدة، وإن تنوعت معالمها وتفاصيلها، وذلك منذ أن سعت الحركة الصهيونية لإقامة كيان قومي لليهود في بلاد لم تكن بلادهم وفي أرض لم تكن أرضهم مما أنتج حروبًا مفتوحة ومقاومة دائمة وحالة تهجير قسري لملايين الفلسطينيين منذ عام 1948.

وفي الختام قام الدكتور محمد الحزماوي، الأستاذ في قسم التاريخ في جامعة قطر، بالتعقيب على ما قدمه الدكتور شفيق الغبرا، فقد ذهب الحزماوي إلى أن تجربة الشتات الفلسطيني في الكويت تستحق الدراسة والتحليل ولا سيما في الفترة التي تلت احتلال العراق للكويت والتحولات الكبرى التي طرأت على مجتمع الشتات الفلسطيني في الكويت. وتلا ذلك نقاش عام ساهم فيه جمهور الحاضرين.