بدون عنوان

المتحدثون في ندوة
المتحدثون في ندوة "العدوان على غزة في وسائل الإعلام الغربية والعربية"
مزنة شهابي
مزنة شهابي
يارا هواري
يارا هواري
بن وايت
بن وايت
يوسف منير
يوسف منير
وائل عبد العال
وائل عبد العال
جانب من الحضور
جانب من الحضور

تواصلت، يوم الأحد 11 شباط/ فبراير 2024، أعمال الدورة الثانية للمنتدى السنوي لفلسطين التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية خلال الفترة 10-12 شباط/ فبراير 2024. وانتظمت أعمال اليوم الثاني من المنتدى في جلستين انعقدتا في أربعة مسارات فرعية متوازية، وندوتين، عقدت الأولى بعنوان "العدوان على غزة في وسائل الإعلام الغربية والعربية"، ترأستها مزنة الشهابي، خبيرة التنمية والاتصالات في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات - فرع باريس. وفيها عرض كل من يارا هواري، وبن وايت، ويوسف منير، ووائل عبد العال، أفكارهم عن طريقة تناول وسائل الإعلام العربية والغربية للحرب على غزة.

أشارت يارا هواري، المديرة المشاركة لشبكة السياسات الفلسطينية، في مداخلتها، إلى تواطؤ وسائل الإعلام الغربية في جريمة الإبادة الجماعية في الحرب، من حيث شيطنة الفلسطينيين من ناحية، وهي من أهم عناصر تسويغ الاستعمار والإبادة، وأشارت من ناحية أخرى إلى مساعي هذه الوسائل الإعلامية لحماية مشروع الاستيطان الاستعماري الصهيوني. ففي وقت، يعّرض الصحافيون الغزّيون حياتهم للخطر لتغطية جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، ونشر الحقيقة كما تحدث على أرض الواقع، تتجاهل وسائل الإعلام الغربية، في طريقة تغطيتها، الأسس الأخلاقية لمهنة الإعلام والصحافة، وتعمد إلى نشر المعلومات المغلوطة ونزع الشرعية عن الأصوات الفلسطينية، ونسبة كل ما يحدث في غزّة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، والتي صنفتها غالبية الحكومات الغربية حركةً إرهابية، إضافة إلى أكثر التكتيكات خطورةً، عبر نزع الطفولة عن أطفال غزّة، ومعاملتهم بوصفهم مقاتلين وإرهابيين محتملين. وإنّ لذلك عواقب لا تقتصر على مجال المعرفة، وإنّما له أيضًا تأثيرات مادّية خطيرة تلحق الفلسطينيين في غزّة وخارجها.

وفي سياق متّصل، عرض يوسف منير، رئيس برنامج فلسطين/ إسرائيل وزميل أوّل في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات - فرع واشنطن، أداء وسائل الإعلام الغربية دورًا مهمًا في تمكين الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزّة عبر مختلف المنصّات؛ فقد كشف ملامح الانحياز الإعلامي وتطوّرها على مدار فترة الحرب، متخذًا أمثلةً من تغطية الإعلام الغربي لمنعطفات حرجة أخرى، ووضع التغطية الصحافية للحدث الحالي في سياق تاريخي للتغطية الغربية لفلسطين عالةً. وجادل الباحث بأنّ أحد أهم أشكال الدعم الأميركي المقدّم في هذه الحرب هو توفير المعلومات، التي ربّما أدت دورًا أهم من الدعم الأميركي الآخر بالأموال أو الأسلحة؛ إذ ساهمت في خلق أكبر فضاء سياسي ممكن لاستكمال إسرائيل عدوانها. ولذا فإنّها خلقت أكبر انقسامٍ في الآراء بين الغرب والشرق في التاريخ المعاصر، وأضرت بالمصالح الأميركية في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل. وبذلك، فإنّ عملية التأطير، واختيار الموضوعات، وأنماط التغطية التي قامت بها وسائل الإعلام الغربية، مكّنت من إنجاز الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

أمّا بن وايت، الكاتب والمحلل والمؤسس والمدير التنفيذي للمركز الإعلامي البريطاني - الفلسطيني، فبيَّن أنّ تغطية وسائل الإعلام، باللغة الإنكليزية، للعدوان الإسرائيلي غير المسبوق على قطاع غزّة واجهت انتقادات كبيرة من الفلسطينيين وغيرهم، طارحًا أسئلةً متعلقة بالأخطاء التي وقعت فيها هذه الوسائل الإعلامية، وأسبابها، وماهية التغطية "الجيّدة" للحدث. وشدَّد الباحث على أنّ بعض التحديات الراهنة معروفة ومستمرة منذ وقت، وهي في الوقت نفسه متّصلة بسياق التحديات التي تفرضها الحرب؛ ولذا وجبت الاستفادة من الفرص المُتاحة على هذه الصُعُد.

وفي الختام، قدّم وائل عبد العال، الأستاذ بقسم الإعلام في جامعة قطر، التباين والاختلاف في اتجاهات التغطية في الإعلام العربي لحرب غزة. فبينما كان الإعلام العربي يناصر القضية الفلسطينية، إلى درجة أن وسائل الإعلام كانت تتنافس على التغطية وجودتها، فإنّ هذا التوافق على العدوان الإسرائيلي الراهن غاب، وأخذت التغطية اتجاهين: يتمثّل أوّلهما في وسائل الإعلام العربية التي ركّزت بقوة على الحدث، وأفردت كل المساحات تقريبًا لتغطية الحدث وتداعياته على مدار الساعة؛ وهو الاتجاه الأقرب إلى الموضوعية المهنية بالنسبة إلى الباحث. أمّا ثانيهما، فيتبنّى موقفًا غير محايد في تغطيته، بل حملت خطاباته لجهةً مشككة، ومعادية أحيانًا، في محاولة لإدانة الطرف الفلسطيني؛ ما يُعدّ سقطةً مهنية وأخلاقية كبيرة. وعرج الباحث على غياب التحليل السياسي والميداني الموضوعي وغياب المعلومات أو نقصها، في تغطية وسائل الإعلام العربية. واختتم مداخلته بالحديث عن ظاهرة القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، وأهم ما ميّز الإعلامَين السياسي والعسكري للمقاومة الفلسطينية.

تستمر أعمال اليوم الثاني بندوة بعنوان "تحديات إعادة الإعمار في غزة بعد العدوان"، وتُختتم أعمال منتدى فلسطين في 12 شباط/ فبراير، على نحو ما هو مُبيَّن في جدول أعماله في اليوم المقبل، بنسقٍ موازٍ مشابه؛ حيث تنعقد ثلاثة مسارات في الجلسة الأولى، وأربعة مسارات في الجلسة الثانية. وتناقش هذه المسارات التضامن العالمي مع فلسطين، واللاجئين والمهجرين الفلسطينيين، والانتماء في المجتمع الفلسطيني، وأنظمة السيطرة الاستعمارية في الضفة الغربية وقطاع غزّة، والصحة والبيئة في سياق الاستعمار الاستيطاني، وصراع الذاكرة، وبناء الاقتصاد. ويتبع الجلستين في اليوم الثالث والأخير ندوتان عامتان، مخصصتان لتناول حركة حماس بعد العدوان على غزة، ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.