بدون عنوان

غلاف العدد 15 من دورية أسطور للدراسات التاريخيةصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا، العدد الخامس عشر من الدورية نصف السنوية المحكّمة أسطور. وقد اشتمل العدد على دراسات مختلفة في مواضيعها وإشكالياتها البحثية؛ إذ تناولت مدرسة الحوليات، وتاريخ الأوبئة في العصر القديم، وإشكالية الذاكرة والكتابة التاريخية، وتاريخ الماء في العصر الروماني، وملمَحًا من تطور القوانين في العصر الوسيط، وتاريخ الإسلام في أميركا الشمالية. واشتمل العدد، أيضًا، على ثلاث مراجعات كتب ودراسة مترجمة، إضافة إلى مجموعة من أوراق ندوة أسطور "تجربة الكتابة التاريخية في مصر: نظرة إلى المسار ومراجعة الحصيلة".

افتُتِح العدد بالجزء الثاني من دراسة المؤرخ الجزائري ناصر الدين سعيدوني "الطريق إلى التجديد: مدرسة الحوليات الفرنسية من الانفتاح إلى التفتت (2)"، التي كانت أسطور قد نشرت الجزء الأول منها في العدد الرابع عشر. وبعد تقديم المؤسسين الأوائل لمدرسة الحوليات في الجزء السابق، ينتقل سعيدوني إلى الحديث عن مقاربة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي عند أبرز أبناء الجيل الأول والثاني من المدرسة أمثال: فرنان برودال، وإرنست لابروس، وبيار فيلار. ويختتم الباحث دراسته بالحديث عن الجيل الثالث لتلك المدرسة وتطور "التاريخ الجديد" في مطلع الثمانينات.

أمّا دراسة أنيس عبد الخالق محمود، أستاذ التاريخ العثماني في جامعة المستنصرية في بغداد، وهي بعنوان "نشوء تدوين التاريخ العثماني وتطوّره حتى أواخر القرن الخامس عشر"، فقد بحثت في موضوع تطور الكتابة التاريخية العثمانية؛ إذ حاولت تتبّع تطور الكتابة التاريخية العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية القرن الخامس عشر، مُركّزةً على إشكالية غياب الكتابة التاريخية العثمانية عن القرن الرابع عشر، وهي قضية لطالما أرَّقت العلماء والباحثين المختصين في التاريخ العثماني.

في حين اهتمّت دراسة محمد مرقطن، الباحث في جامعة مونستر وأكاديمية برلين في ألمانيا، "الأوبئة والجوائح في الشرق الأدنى القديم، منذ أقدم العصور حتى طاعون عمواس: دراسة في تأثيراتها في العمران البشري"، في شقّها الأوّل، بتفاعل المجتمعات ودول الشرق القديمة مع الجوائح، من حيث كيفية النظرة إليها وتفسيرها. أمّا في شقّها الثاني فقد اهتمّت بالطاعون في الزمن الوسيط الإسلامي، موليةً طاعونَ جستنيان – وهو طاعون عرف امتداده التاريخي باسم "طاعون عمواس" - اهتمامًا خاصًّا.

أما الدراسة الرابعة، فهي "الماء والمقدّس في شمال أفريقيا خلال المرحلة الرومانية" لسمير أيت أومغار، أستاذ التاريخ القديم في جامعة القاضي عياض في مراكش. وتتّبع هذه الدراسة تاريخ تقديس المياه في الحقبة القديمة، وتسلّط الضوء على ديناميكيات الصراع بين الآلهة الرومانية والآلهة المحلية، وتَخلُص إلى أن عملية التوفيق الرومانية interpretatio romana، التي تقضي باستبدال الآلهة المحلية بأخرى رومانية، قد فشلت فشلًا ذريعًا في منطقة شمال أفريقيًا.

واشتمل العدد، أيضًا، على دراسة "الأمويّون: أشكال النسيان ومواطن الذاكرة" للمعزّ العمري، أستاذ التاريخ في المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بسبيطلة في جامعة القيروان بتونس. وقد حاولت هذه الدراسة إعادة قراءة التاريخ الأموي من منظور سوسيولوجيا الذاكرة؛ فهي تعرض لتطور مبحث الذاكرة في الدراسات التاريخية الحديثة، وتوضّح الصور والآليات التي واجهت من خلالها الذاكرة الأموية أشكال النسيان، لتُقدّم قراءةً للباحث بشأن قوانين الذاكرة الضابطة للرواية التاريخية الأموية.

من ناحية أخرى، تُعنى "وثيقة الاثني عشر: خطاطة في تنظيم العلاقة بين الدين والقانون في ألمانيا اللوثرية" لطلال الجسار، ببحث وثيقة دستورية قامت بتنظيم العلاقة بين مجالي الدين والمجتمع المدني في ألمانيا خلال القرن السادس عشر، وقد ضعت هذه الخطاطة في أعقاب ثورة الفلاحين (1524-1526)، وقدّمت تأويلًا جديدًا لـ "الحق الإلهي"؛ إذ استخدمته من أجل مصادرة مجموعة من الحقوق غير قابلة للنقض. ويناقش الباحث في دراسته الإضافة القانونية التي قدمتها الوثيقة داخل سياقها التاريخي.

اختُتم باب "دراسات" بدراسة للباحثة نغم طالب عبد الله، أستاذة التاريخ الحديث في كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية في جامعة بغداد، بعنوان "الإسلام والمؤسّسون الأوائل في المستعمرات الإنكليزية في أميركا الشمالية 1607–1789"، وقد اهتمّت هذه الدراسة بتأثير الثقافة والفلسفة الإسلامية في تطور التجربة الأمريكية أثناء لحظة التأسيس، وذلك من خلال مناقشة نصوص الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وموقع المسلمين والإسلام من خطابهم السياسي.

من جهة أخرى، نشرت الدورية في باب "ترجمات" القسمَ الثاني من دراسة سوزان باك-مورس "التاريخ العالمي"، وكانت أسطور قد نشرت الجزء الأول من هذه الدراسة في العدد الرابع عشر. في حين اشتمل باب "مراجعات الكتب" على ثلاث مراجعات للكتب التالية التعريف والإيجاز ببعض ما تدعو الضرورة إليه في طريق الحجاز لأبي سالم العياشي (من إعداد مصطفى الغاشي)، وكتاب الفكر التاريخي وتعلم التاريخ لمصطفى حسني إدريسي (أعدّها عبد العزيز الطاهري)، وكتاب تاريخ العالم في القرن التاسع عشر لمجموعة من الباحثين (أعدّها محمد غاشي).

وتضمَّن باب "وثائق ونصوص" "ترجمة ودراسة لأربع رسائل باللغة العثمانية بشأن الحصار الفرنسي للسواحل الجزائرية سنة 1827" لخير الدين سعيدي؛ إذ ترجم أربع مراسلات من الأرشيف العثمانية تتناول ردة فعل الدولة العثمانية تجاه الحصار الذي فرضته الدولة الفرنسية على الجزائر. وتُشكّل هذه المراسلات محطةً مهمة في فهم المسألة الجزائرية وتطورها، فقد جرت بين الأطراف الرسمية الثلاث المعنية بشأن الحصار، هي الدولة العثمانية وأوجاق الجزائر وفرنسا.

يختتم العدد أبوابه بـ "ندوة أسطور"، وقد نُشر فيها مجموعة من مواد ندوة "تجربة الكتابة التاريخية في مصر: نظرة إلى المسار ومراجعة الحصيلة" التي عقدت في الفترة 1-2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. ويشتمل هذا الباب على أربع دراسات. فالدراسة الأولى بعنوان "جهود المؤرخين المصريين في دراسة تاريخ الحركة الصليبية: المسارات والتطورات" لحاتم الطحاوي. أما الدراسة الثانية، فهي بعنوان "المدرسة الأكاديمية وتطور الكتابة التاريخية في مصر في النصف الأول من القرن العشرين" لأحمد زكريا الشلق. في حين وردت الدراسة الثالثة بعنوان "مجهولٌ، منسيٌّ، مهملٌ: إشكاليات وملاحظات متعلقة بتأريخ الفن المصري الحديث في القرن العشرين" لياسر منجي. واختتم هذا الباب بدراسة "أزمة الكتابة التاريخية في فكر جيل الستينيات: قراءة مكثفة في كتابات رءوف عباس" لناصر أحمد إبراهيم.