العنوان هنا
تقييم حالة 26 ديسمبر ، 2011

السلفيّون في مصر والسّياسة

الكلمات المفتاحية

أميمة عبد اللطيف

شغلت وظيفة باحث مساعد ومنسّق تقرير مراكز الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حاصلة على ماجستير العلوم السياسية من كلية "الدراسات الشرقية والأفريقية" بـ"جامعة لندن"، وبكالوريوس صحافة من "جامعة القاهرة". شغلت منصب مدير المشاريع وباحث بـ"مركز كارنيغي للشرق الأوسط" في بيروت، من 2006 إلى 2009. وشغلت منصب مساعد رئيس تحرير "الأهرام ويكلي" منذ عام 2004. كتبت العديد من الأبحاث والدراسات المتعلقة بالشأن المصري وتابعت الحراك السياسي هناك منذ فترة.

أثارت النّتائج المفاجئة التي حقّقتها الأحزاب ذات المرجعيّة السلفيّة، وعلى رأسها "حزب النّور" في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانيّة في مصر، تساؤلاتٍ عديدةً عن ماهيّة هذه الأحزاب؟ وبرامجها السياسيّة ورؤيتها المجتمعيّة؟

وترصد هذه الورقة خريطة الأحزاب ذات المرجعيّة السلفيّة، وتحاول مقاربة تأثير دخول التيّار السلفيّ على المشهد السياسيّ في مستقبل عمليّة التّحوّل الدّيمقراطيّ في مصر.

وكان الظّهور القويّ للجماعات السلفيّة واحتلالها مساحةً من النّقاش العامّ، أحد التطوّرات اللافتة ما بعد ثورة 25 يناير. وبرزت مكوّنات التيّار السلفيّ بالحضور المتواتر لعدد من شيوخ السلفيّة ودعاتها ضيوفًا على برامج الفضائيّات المصريّة على اختلافها لإبداء الرّأي حيال قضايا الرّاهن المصريّ، بعد أن كان حضورهم التلفزيونيّ مقتصرًا على الفضائيّات التي يملكونها، أو المحسوبة على تيّارهم . كما برزت التّنظيمات المؤطّرة للتيّار ومنها "ائتلاف دعم المسلمين الجدد". وبرز بعض التّنظيمات ذات المرجعيّة السلفيّة حديثًا كردّة فعلٍ بعد وقوع عددٍ من الحوادث التي أعلنت فيها نساء مسيحيّات إسلامهنّ، فقامت الدّولة بتسليمهنّ للكنيسة (وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة مثلًا)، غير أنّ وجودهم تكثّف في موضوعين أساسيّين هما الاستفتاء على التّعديلات الدستوريّة، ومستقبل النّظام السياسيّ للبلاد.

اصطدم السلفيّون بأكثر من فصيلٍ سياسيٍّ ومجتمعيٍّ بعد ثورة 25 يناير، وأثار دخولُهم المشهد السياسيّ؛ وإبداؤُهم الرّأي في العديد من القضايا السياسيّة؛ جدلًا مجتمعيًّا وإعلاميًّا واسعًا، ولاسيّما بعد أن اتُّهموا بكونهم المحرّك والدّافع الأساسيّ لعددٍ من الحوادث ذات البعد الطائفيّ كمحاولة تطبيق الحدود؛ والتّحريض على التّظاهرات في قنا ضدّ تعيين محافظ قبطيّ؛ والاستيلاء على عددٍ من المساجد التّابعة لوزارة الأوقاف والخطابة فيها، غير أنّه لم يثبت بالدّليل القاطع صحّة ذلك.

ويرى السّلفيون أنّ عودتهم بعد تعرّضهم للقمع والتّهميش في ظلّ النظام السّابق هي "رجوع للحقّ"، ولاسيّما أنّهم -بحسب أحد قياداتهم- "شاركوا في الثّورة ولم ينفكّوا عنها منذ أوّل يوم، بل كانوا موجودين في مداخل ميدان التّحرير ومخارجه، لحماية الثورة والدّفاع عنها".

ويفسّر بعض المحلّلين هذا البروز بأنّ الحركات السلفيّة تعرّضت لقمعٍ شديد في عهد الرّئيس السّابق، وما عودتها للظّهور في السّاحة السّياسية سوى نتيجة لحالة السّيولة السياسيّة التي شهدتها البلاد بعد ثورة 25 يناير، ونتيجة "ضعف الدّولة وغيابها". ويفسّرون انعدام خبرتهم السياسيّة بعدم اشتغالهم بالشّأن العامّ بسبب القمع الذي مورس ضدّهم، وأنّهم سيمثّلون جماعة ضغطٍ سياسيّة كبيرةً، وقوّة تصويتيّةً مهمّةً، ولكن ليس لهم مستقبل سياسيّ. في المقابل يرى آخرون أنّ صعود السّلفيّين هو "ظاهرة مقلقة" نظرًا لإمكانيّة تأثيرهم في ثلث الشّعب المصريّ

.اعتبر أعضاء في ائتلاف شباب الثّورة أنّ السلفيّين هم "الخطر الحقيقيّ" على الثّورة، ودعوْا إلى عقد اجتماعٍ يناقش تأثير التّحرّكات السلفيّة الأخيرة، وكيفيّة مواجهتها، أو الحدّ من تأثيرها في المجتمع المصريّ. وتنطلق هذه النّظرة من أنّ مطالب السّلفيّين ليست في صميم القضيّة الوطنيّة، وأنّه على الرّغم من تفهّم القمع والظّلم اللّذيْن عانى منهما السّلفيّون إبّان حكم النّظام السّابق، إلا أنّ ما لا يمكن تفهّمه هو إصرارهم المستمرّ على زيادة التوتّر الطائفيّ في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ مصر.

وهناك فريق آخر في ائتلاف شباب الثّورة يعتبر أنّ السلفيّين هم "صناعة النّظام السّابق"، وأنّ الوجود السلفيّ في السّاحة السياسيّة يهدّد نجاح التّحوّل الدّيمقراطيّ، بسبب المرجعيّة المتشدّدة التي ينتمون إليها. واعتبر أحد ناشطي ائتلاف ثورة 25 يناير أنّ القلق حيال صعود السّلفيّين، يكمن في أنّ الحركة السلفيّة هي "مجموعات متفرّقة ليس لها رأس أو قائد واحد".