مقدمة
تعاني المعارضة المسلحة السورية منذ نشأتها حال انقسام وتشرذم، لم تتمكن سنوات الصراع الماضية من إنهائها أو التخفيف منها. وقد كان لظروف نشأة هذه الفصائل وعوامل التنافس الخارجي دور كبير في تكريس الانقسام بينها، ما ترك أثرًا كبيرًا في الأداء العسكري والسياسي للمعارضة السورية، اتضح هذا بجلاء بعد التدخل العسكري الروسي المباشر لمصلحة النظام وتركز الاهتمام الدولي على محاربة تنظيم الدولة "داعش".
يسلط هذا التقرير الضوء على واقع المعارضة المسلحة السورية بعد أكثر من أربع سنوات على انتقال الثورة إلى الطور المسلح، وتحول الجبهة الشمالية إلى المسرح الرئيس للمواجهات العسكرية في ظل سباق السيطرة على الأراضي التي يمتلكها "داعش"، بعد أن غدت "الحرب على الإرهاب" عنوان الصراع الدائر في الشمال السوري.
وفي محاولةٍ لتلمّس الأسباب الموضوعية والذاتية التي لا تزال تعزّز واقع الانقسام والتشرذم الذي يعتري أداء المعارضة المسلحة السورية، ويمنع امتلاكها الأسباب والقدرة على تحقيق أهدافها في دفع النظام للقبول بحل سياسي ينهي الصراع، ويحاسب المتسببين فيه، ويؤدي إلى انتقال ديمقراطي، يعرض هذا التقرير في جزئه الأول التطورات الميدانية التي شهدتها مختلف الجبهات في سورية خلال الشهور الأخيرة، وأداء المعارضة المسلحة فيها، ثمّ يقدّم في جزئه الثاني بطاقات تعريفية بأهم الفصائل العسكرية وأثر تشتتها في أدائها وقدرتها على إنشاء جسم عسكري موحّد يضم كل فصائل المعارضة، وبما يحقق الانسجام والتناغم بين العملين السياسي والعسكري، الأمر الذي يترك تداعيات خطيرة على قدرة السوريين على تحقيق الأهداف التي ثاروا من أجلها.