العنوان هنا
تحليل سياسات 12 أبريل ، 2020

وباء كورونا المستجد في إيران: واقع القطاع الصحي واستجابة الحكومة

مهران كامرافا

يرأس وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وهو أستاذ في جامعة جورجتاون، قطر. نشر عددًا من الدراسات المحكّمة والكتب بما في ذلك كتابيه الصادرين حديثًا: تاريخ موجز للثورة (2020) وداخل الدولة العربية (2018).

مقدمة

في 12 شباط/ فبراير 2020، أحيت إيران الذكرى السنوية الحادية والأربعين لثورة 1978-1979 وإقامة الجمهورية الإسلامية. وفي 21 شباط/ فبراير، نظمت، كما هو مقرر، الانتخابات البرلمانية الحادية عشرة لمجلس الشورى. ثم بعدها بشهر، شهدت بداية عام جديد في التقويم الفارسي واحتفالات نوروز المرافقة له. وبما أنّ ذكرى الثورة والانتخابات تحظيان بأهمية أيديولوجية وسياسية كبيرة بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية، فهما تتيحان لقادة الدولة فرصة استعراض إنجازات الثورة، والحفاظ على المظهر الأيديولوجي للنظام، وصياغة سياسات وأولويات جديدة، لضمان استمراره وسلامته على المدى الطويل عبر توظيف كوادر جديدة في المناصب العادية والقيادية.

خيّم على انتخابات مجلس الشورى واحتفالات نوروز لعام 2020 ظهور فيروس ليس معروفًا من قبل، ظهر أول مرة في ووهان في الصين. وأُبلغ رسميًا في إيران عن أول حالة لما أصبح يدعى كوفيد-19 في مدينة قُم في 18 شباط/ فبراير 2020. وسرعان ما انتشر الفيروس كالنار في الهشيم إلى مدن أخرى، وإلى خارج حدود إيران، حيث أصبحت قم مركزًا للعدوى في البلاد وإيران مركزًا للعدوى في منطقة الشرق الأوسط. وتزايدت الإصابات المسجلة بسرعة؛ في البداية بالعشرات ثم بالمئات ثم بالآلاف. وارتفعت أعداد الموتى، وسرعان ما أصبحت إيران من الدول ذات الإصابات الأكثر في العالم. فوفق الأرقام الرسمية على الأقل، عانت بلدان مثل الولايات المتحدة الأميركية وإيطاليا وإسبانيا والصين من عدد أكبر من الإصابات والوفيات بسبب هذا الوباء، لكن يسود اعتقاد أن أعداد المصابين في إيران لا يتم الإبلاغ عنها رسميًا، وأن الحالات الفعلية أعلى بكثير. وهناك أيضًا حالات لم تكتشف أو لم يتم إبلاغ الطاقم الطبي عنها.

لم يستثن تأثير الوباء أيّ فئة من المجتمع، بل شمل أعلى المستويات الحكومية. وحتى كتابة هذه السطور أصيب 23 برلمانيًا على الأقل، بمن فيهم رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، وعدد من كبار أعضاء السلطة التنفيذية، مثل نائبة الرئيس معصومة ابتكار. وحتى أوائل نيسان/ أبريل 2020، لقي 12 مسؤولًا حكوميًا حاليًا أو سابقًا على الأقل حتفهم بسبب هذا الوباء[1].

تبحث هذه الورقة في بعض الأسباب الرئيسة للانتشار السريع في إيران للوباء الناجم عن فيروس كورونا المستجد؛ فتفاقُم انتشاره في إيران نتج من عوامل عدة متشابكة ومتعاضدة، وهي:

  1. رغم التحسينات الكبيرة التي طرأت على نظام الرعاية الصحية الأولية في البلاد منذ ثورة 1978-1979، فقد بقيت جودة الرعاية الثانوية والثالثية ضعيفة جدًا لأسباب عديدة. ومنذ وقوع أولى الإصابات، لم يكن النظام الطبي في البلاد مجهزًا للتعامل مع طوفان المصابين.
  2. تعامل صانعو السياسة في البلاد ببطء في إدراك ضخامة الأزمة التي تواجههم، وضاعفت استجابتهم العشوائية والمنكرة أحيانًا للوباء في الأيام الأولى الحاسمة انتشاره. كانت بعض الاستجابات الأولية، على الأخص من جانب المرشد الأعلى علي خامنئي، سياسية وأيديولوجية. أما الرئيس حسن روحاني فقد سعى أيضًا إلى طمأنة الجمهور في البداية وأفاد بأن الوضع سيعود سريعًا إلى طبيعته وأن الإيرانيين سيستأنفون قريبًا نمط حياتهم المعتاد.
  3. عزّز العامل الثاني في حد ذاته سببًا ثالثًا لانتشار الفيروس السريع، وهو تحديدًا التقاء الأحداث على تقويم زمني جعل من التباعد الاجتماعي، وهو أحد أشد السبل فاعلية للحد من انتشار الفيروس، أمرًا شديد الصعوبة، إن لم يكن مستحيلًا. ومن هذه الأحداث، كما سبق ذكره، الاحتفالات بالذكرى السنوية للثورة، والانتخابات البرلمانية، ثم احتفالات نوروز والسنة الجديدة. والواقع أن المعايير الاجتماعية والثقافية السائدة تجعل من الصعب إجراء تباعد اجتماعي في إيران، هذا، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والضرورات في المناطق الريفية والحضرية ذات الدخل المنخفض. لقد سهَّل تصادف هذه الأحداث الكبرى معًا في الأيام والأسابيع الأولى تفشّي المرض واتساع انتشار الفيروس.

لمحة عامة عن نظام الرعاية الصحية في إيران

بذلت الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها، جهودًا منسقة وناجحة إلى حدٍ بعيد لتحسين الصحة العامة للإيرانيين العاديين في المناطق الريفية والحضرية، وكان التحسن الحاصل ملحوظًا بكل المقاييس. ومع ذلك، بقي النظام الصحي في البلاد يعاني أوجهَ قصورٍ بنيوية تجعله غير مؤهّل للتعامل مع الأزمات الصحية الكبرى، خاصة وباء بحجم كوفيد-19. تنجم هذه العيوب غالبًا عن محور تركيز النظام الصحي وطبيعته العامة التي تولي الرعاية الأولية جلّ الاهتمام على حساب الرعاية الثانوية والثالثية وهي التي يتطلبها الوباء. وإن الطبيعة البيروقراطية المعقدة لنظام الرعاية الصحية، والعقوبات الدولية الشاملة على إيران قبل عام 2015 ثم بعد عام 2018، زادت في تعقيد قدرة النظام على مواجهة الوباء.

خطت إيران، منذ ثورة 1978-1979، خطوات كبيرة نحو توفير خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد. ففي عام 1984، أنشأت الجمهورية الإسلامية أول مرة شبكة شاملة للرعاية الصحية، توسعت في عام 2005 لتشمل أطباء الأسرة. وتمثلت أهدافها الرئيسة بتعزيز توفير خدمات الرعاية الصحية، وزيادة فرص حصول السكان عليها وتحسين إنتاجيتها، والحدّ من أوجه التباين في جودتها، وإيصالها إلى المناطق الريفية والمناطق الأشد حرمانًا[2]. ونتج من هذا إقامة منشأة صحية واحدة على الأقل في كل قرية من قرى البلاد التي يتجاوز عددها 63 ألف قرية، تحت مسمى دار الصحة، ويعمل فيها عاملون صحيون مدربون وتخصص لخدمة 1200 نسمة. يتولى طبيب عام إدارة دُور الصحة في القرى الكبيرة، ويعمل فيها على الأقل عشرة عاملين صحيين يُفترض أن يخدموا 7 آلاف نسمة[3]. وبني في المدن مستشفيات جديدة، ووُسِّعت طاقة المستشفيات القائمة. وارتفع عدد أسرّة المستشفيات الجديدة من 72,321 سريرًا في عام 1986 إلى 113,244 سريرًا في عام 2005[4].

كان التحسن في الرعاية الصحية الأولية واضحًا على نحوٍ خاص في المدن. ولقد أدى توسع الدولة في مجال التعليم الطبي إلى انتشار أطباء وعاملين في مهن طبية أخرى في مختلف أنحاء البلاد. وزاد التأمين الصحي الذي توفره الدولة لمعظم الإيرانيين من تيسير تأمين الخدمات الصحية الأولية. ويوضح البنك الدولي أن "معدل الطلب الفردي لخدمات الإسعاف والعيادات الخارجية، في الرعاية الأولية أو المتخصصة معًا، في إيران يبلغ أكثر من ضعفي معدله في بلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". كما أن تواتر زيارات أطباء الرعاية الأولية للفرد أعلى من نظيره في العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي وبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل المرتفع[5]. وليس من المستغرب، كما تشير البيانات الواردة في الجدول (1)، التحسن الكبير في العقود الأخيرة في الوضع الصحي العام للبلاد وفي العديد من مؤشرات الصحة الأساسية؛ إذ تضاعف متوسط العمر المتوقع للإيرانيين (76.7 سنة في عام 2018، مقابل 64 سنة في عام 1990)، وعدد الأطباء لكل 1000 شخص (1.1 في عام 2015، مقابل 0.318 في عام 1993)، وزاد مؤشر التنمية البشرية (0,759 في عام 2018، مقابل 0,577 في عام 1990).

الجدول (1)

المؤشرات الصحية العامة في إيران

0.798 (2017)

0.577 (1990)

مؤشر التنمية البشرية

1.5 (2014)

1.43 (1990)

عدد أسرة المستشفيات (لكل 1000 شخص)

1.1 (2015)

0.318 (1993)

عدد الأطباء (لكل 1000 شخص)

14 (2018)

56 (1990)

معدلات وفيات الرضع (لكل 1000 مولود حي)

76 (2018)

64 (1990)

متوسط العمر المتوقع عند الولادة

المصدر: من إعداد الباحث اعتمادًا على بيانات البنك الدولي.


لكن، بقي النظام الصحي في إيران، بالرغم من هذه التحسينات الكبيرة، يعاني ثغراتٍ مهمةً تمثَّل أبرزها بأن التركيز على الرعاية الأولية أدى إلى إهمال التغيرات التدرجية في أنماط العديد من الأمراض، وفي احتياجات المجتمع، والبنى الوبائية التي تتطلب إدخال تعديلات على نظام الصحة العامة[6]. وفي عام 2014، أطلقت الدولة برنامجًا إضافيًا لتحسين الرعاية الصحية في البلاد. بيد أن التركيز لا يزال منصبًّا على العلاج وليس على الصحة الوقائية والنظافة الصحية[7].

تتعاظم ثغرات النظام غالبًا بفعل تغييرات اجتماعية وثقافية، وتوافر تكنولوجيات متقدمة جديدة وامتلاكها باستمرار، واعتبارات اقتصادية أو متعلقة بالموازنة وقضايا إدارة الموارد، وعوامل بيئية، وتطورات سياسية، وقضايا خاصة بالنظام الصحي نفسه، كالمشاكل البيروقراطية والإدارية، ودور القطاع الخاص، والتطور المتصاعد في التعليم الطبي[8]. وقد خلصت دراسة أجراها في عام 2019 مجموعة من المتخصصين في الرعاية الصحية الإيرانية إلى أن "البنية الحالية لنظام الرعاية الصحية الأولية في إيران تحتاج إلى مراجعة وإصلاح"[9].

وبالمثل، فإن توافر الرعاية الصحية الثانوية والثالثية، اللتين تتطلبان دائمًا تخصصات أعلى وعلاجات ومستلزمات طبية أكثر تقدمًا، لم يواكب الاحتياجات المتغيرة للمجتمع الإيراني[10]. فالزيادة في أسرّة المستشفيات لم تُساير نمو السكان عمومًا وكبار السن خصوصًا؛ ورغم ازدياد عدد المستشفيات في البلاد، فإن العديد منها لا يتوفر إلّا على عدد قليل من الأسرة. إضافةً إلى ذلك، فإن الدعم الحكومي يغطي الرعاية الأولية بينما لا يغطي أغلب علاجات الرعاية الثانوية والثالثية الأكثر تكلفة[11]. والأهم من ذلك أن الخدمات الصحية ليست متاحة بالقدر نفسه للجميع. ففي العقود الماضية تركزت جهود الدولة على توفير الرعاية الأولية للأرياف والمدن. لكن بعد نجاح الثورة شهدت الهجرة من الريف إلى المدينة زيادة كبيرة، وأضحى الحصول على الرعاية الصحية في المناطق العشوائية ذات الكثافة السكانية العالية على أطراف المدن نادرًا في أحسن الأحوال[12].

تتوافر، أيضًا، عوامل مؤسسية معقدة تقوض قدرة النظام الصحي على مواجهة الظروف المتغيرة وأداء الوظائف الأساسية بفاعلية. فالعامل نفسه الذي يفسر حتى الآن النجاح النسبي للرعاية الصحية الأولية في إيران، وهو السياسة المركزية التي تضع عبء الصحة العامة على عاتق الدولة، يعوق الآن تحسين الوصول إلى الرعاية الثانوية والثالثية وتوافرهما[13]. كما قادت البيروقراطية المعقدة والبطيئة في وزارة الصحة إلى خفض إنتاجيتها كثيرًا.

ومن المشاكل البنيوية الأخرى للنظام الصحي تعدد الهيئات والمنظمات الحكومية المسؤولة عن قضايا الصحة العامة والتدخل فيها، وجوانب الضعف والصعوبات المؤسسية في وزارة الصحة، وغياب الشفافية في أداء الوظائف وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية، وعدم الاهتمام بالعوامل الكلية التي تؤثر في الصحة العامة، وعدم وجود سياسات مدعمة بالأدلة، وعدم المتابعة لضمان تنفيذ السياسات الموضوعة[14]. ولذلك، فإن النظام الصحي يفتقر إلى سرعة الحركة والقدرة على التكيف، فضلًا عن سعة النطاق الضروري للتعامل بفاعلية وسرعة مع الأزمات الصحية الناشئة. وقد ترتب على هذا الجمود المؤسسي عواقب وخيمة على صعيد وباء كورونا المستجد.

وفاقمت العقوبات الدولية الشاملة المفروضة على إيران، منذ عام 2018، التقييدات البنيوية لنظام الرعاية الصحية. وتشمل هذه العقوبات، التي كانت سارية قبل عام 2015 أيضًا، جميع أشكال التجارة أو التعاملات مع إيران، وكان أثرها أشد تدميرًا للنظام الصحي. فقد واجهت الشركات الأجنبية والإيرانية التي تقدم خدمات الرعاية الصحية "صعوبات هائلة على كل المستويات" بدءًا من استيراد بعض مكونات العقاقير المنتجة محليًا أو التغليف اللازم لها، إلى إقناع البنوك الدولية وشركات التأمين والمؤسسات المالية بضمان المستوردات الطبية، مع أنها معفاة من نظام العقوبات[15]. وعلى الرغم من أن إيران تنتج العديد من الأدوية محليًا، فإنها كثيرًا ما تحتاج إلى استيراد بعض المركبات أو العبوات اللازمة لتصنيعها، ولا تستطيع تأمينها من الخارج. ويتردد الموردون كثيرًا في التعامل مع المستوردين الإيرانيين، رغم أن الأدوية والمعدات الطبية معفاة من نظام العقوبات، خشية مخالفة الولايات المتحدة، إضافة إلى أن البنوك الدولية وشركات التأمين أيضًا لا ترغب في التورط لأسباب مماثلة. ولذلك، فإن الأدوية المتوافرة داخل البلاد تكون غالبًا متدنية الجودة، وأسعارها باهظة عادةً.

لقد قرر بعض المهنيين الطبيين الإيرانيين أخذ زمام المبادرة وإطلاق عريضة على الإنترنت إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للضغط من أجل إلغاء العقوبات الأميركية. ويزعمون أنه في غضون شهر من تفشي المرض، ساهمت العقوبات بصورة مباشرة في وفاة 80 من العاملين الصحيين الذين يعالجون مرضى فيروس كورونا[16].

أدى نقص الأدوية والإمدادات الطبية الأخرى إلى تفاقم مشاكل بنيوية أخرى في النظام. فكما هو الحال مع أي بيروقراطية مستفحلة، فإن النظام الصحي الإيراني الواسع ليس محصنًا ضد الفساد والمحسوبية وعدم الكفاءة، والإجراءات البيروقراطية التي تبدو عصية على التخطي. ويقول أحد العاملين الطبيين في طهران، إن "الندرة فتحت الباب أمام الاكتناز والتربح، وغالبًا بالتواطؤ مع المسؤولين وواضعي اللوائح الذين يتعرضون لضغوط شديدة مثل أي شخص آخر. نحن نشهد نزع الشرعية عن النظام بأكمله حيث يعاني الناس العاديون شح الأدوية وارتفاع أسعارها"[17].

تتضافر العقوبات ونقص الأدوية والعوامل المؤسسية لتشكل عوائق كبيرة أمام مواجهة النظام لوباء كورونا المستجد. وترى مجموعة من العاملين الطبيين الإيرانيين أن العقبات الرئيسة أمام مواجهتهم الوباء تشمل التقييدات وعدم توافر مصادر التوريد نتيجة العقوبات الدولية، ونقص المعرفة بالفيروس والمرض الذي يسببه، ورفض السلطات استخدام تكنولوجيا المعلومات المتاحة لإعلام الرأي العام، وعدم اهتمامها الكافي بقضايا الصحة العامة عمومًا[18].

عامل السياسات

قد تؤدي المشاكل المتأصلة في النظام الصحي إلى خموله وبطئه في مواجهة الوباء. ولكن مسؤولية مواجهة الطوارئ والأزمات الصحية تقع أولًا على عاتق الزعماء السياسيين وصناع السياسات. والحقيقة أن الحكومة وهيئات الدولة المختلفة رفضت الاعتراف باتساع الوباء وحجمه حتى بعد عدة أيام من بداية الأزمة. ولم تبادر الحكومة بسرعة إلى منع انتشار الفيروس. بل إن بعض سياسات الحكومة، كإجراء انتخابات البرلمان في موعدها، ساهم مباشرةً في تفشي الفيروس بين السكان.

وتعرضت معالجة الحكومة للوباء عمومًا، وأداء الرئيس روحاني على وجه الخصوص، لانتقادات شديدة بسبب عدم شفافيته وتردده الشديدَين منذ البداية. فطوال الأزمة، عزف روحاني باستمرار عن تقديم أخبار مؤلمة وسلبية حتى عندما واصلت أعداد القتلى ومعدلات الإصابة في الارتفاع، محاولًا بدلًا من ذلك إعطاء الأمور أعلى قدر من الإيجابية. بل صرح أنّ إجراءات الحكومة لاحتواء الوباء كانت أشد فاعلية من تلك المطبَّقة في أوروبا والصين، وبأنّ معدل الإصابات "شهد تراجعًا في جميع المقاطعات، دون استثناء". ورغم الارتفاع المستمر في الإصابات والوفيات وتضارب أعدادها اليومية، أعلن روحاني بثقة في مطلع نيسان/ أبريل 2020 أن إيران "على الطريق الصحيح"[19]. لكن رأي العاملين الصحيين في البلاد كان مختلفًا تمامًا. فبينما واصل روحاني إصدار بيانات متفائلة، أطلق مسؤول في وزارة الصحة التصريح الواقعي التالي: "نظرًا إلى الإرهاق الذي لحق بالعاملين الصحيين، فإن الذروة الوشيكة قد يكون لها عواقب أكثر ضررًا من ذي قبل"[20].

إذا نحَّينا جانبًا التردد الشخصي والخصائص الفردية، تتوافر عوامل عدة داخل النظام السياسي تجعل من غير الممكن الدفاع عن قرار صعب، أو على الأقل تزيد صعوبة اتخاذه. فالنظام الإيراني بنيويًا عاجز عن وضع سياسات شاملة قابلة للتنفيذ تستطيع مواجهة الوباء بفاعلية، لأن الدولة تعاني نقص الموارد المادية والمالية اللازمة لتنفيذ العديد من سياساتها. واستعداد الشعب الإيراني للالتزام بتوجيهات الحكومة ضعيف، ورغبته في تقديم دعم مادي ومالي لها أضعف.

يعاني النظام، أيضًا، انقسامات داخلية عميقة[21]. فنظرًا إلى بقاء الأحزاب السياسية المنظمة في الظل، تطغى الفئوية على النظام السياسي، وكثيرًا ما تستخدم الفئات المختلفة أدوات مؤسسية وسياسات لتقويض خصومها. ومن الآثار الجانبية الصارخة للفئوية شللٌ في السياسات واختلال وظيفي سياسي[22]. لم يكن نهج التعامل مع فيروس كورونا استثناء. فالرئيس روحاني، ومعه وزير خارجيته جواد ظريف، يرى في الأزمة فرصة لرفع العقوبات الأميركية أو تخفيضها على الأقل، بل ربما إطلاق محادثات مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، ألقى خامنئي باللوم علنًا على الولايات المتحدة في تفشي كورونا واتهمها بشنّ حرب بيولوجية ضد إيران[23].

بعد تأجيلٍ وتردد، شكلت الحكومة الإيرانية لجنة وطنية لمكافحة الفيروس، تضم الأجهزة المعنية بما فيها الحرس الثوري الإيراني، وتعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، وتتولى وضع تدابير الحكومة لاحتواء الوباء، وتنفيذها. ويوضح الجدول (2) بعض أهم هذه السياسات.

الجدول (2)

سياسات مكافحة فيروس كورونا المستجد

إغلاق المؤسسات

جميع الأماكن العامة وتشمل المحال التجارية والشوارع والمدارس والمواقع الدينية والمرافق الرياضية ودور السينما. وتصنف الأعمال إلى نشاطات يُعد استمرارها ضروريًا، وأخرى يمكن إيقافها، ونشاطات يسمح لها بالعمل لتلبية احتياجات محلية. وباستثناء المرافق الصحية، لا يسمح لأي جهة حكومية بإبقاء أكثر من ثلث موظفيها على رأس عملهم في أي موقع.

قيود على التجمعاتالعامة

تغلق جميع المرافق العامة التي يمكن التجمع فيها.

قيود السفر الداخلي بين المدن وضمنها، والسفر الخارجي

تقييد الرحلات الجوية إلى إيران ووضع خطة لإقامة نقاط تفتيش لتقييد السفر المحلي المصرح به. ويواجه المسافرون الذين يغادرون إيران حجرًا صحيًا إلزاميًا لمدة تصل إلى 14 يومًا في معظم البلدان ويواجهون تقييدات على الرحلات الجوية لأن شركات الطيران توقف رحلات من إيران وإليها. ويخضع السفر الداخلي إلى تقييد شديد حيث الجميع مضطرون للعودة إلى مكان إقامتهم. وتواجه الطائرات والقطارات والحافلات "قيودًا قصوى" في رحلاتها بين المدن، ولا يُسمح للسيارات الخاصة على الطرق إلّا بإعادة المسافرين إلى منازلهم.

الحجر الصحي الإلزامي

نوقش لكن لم ينفَّذ.

إغلاق المدن

حجاج البحرين والهند تقطعت بهم السبل في مدينة قم بسبب القيود على السفر بين المدن الكبرى، والبلد بأكمله مغلق إغلاقًا كاملًا.

إنشاء مستشفيات ميدانية

الإفراج المؤقت عن 85 ألف سجين، وإنشاء 1000 عيادة فحص متنقلة، وإنشاء مستشفى ميداني يضم 2000 سرير من جانب الحرس الثوري الإيراني في طهران في غضون 24 ساعة، وإتاحة مستشفيات عسكرية لمعالجة الوباء.

إنتاج كمامات وغيرها من مستلزمات النظافة الصحية

زيادة إنتاج مؤسسات الجيش للكمامات والقفازات.

المصدر: وزارة الداخلية، التوجيهات 1 و2 و3 للجنة الوطنية لمكافحة كورونا، موقع قاعدة معلومات وزارة الداخلية، 26-30/3/2020، شوهد في 9/4/2020، في: https://bit.ly/3e9US7V؛https://bit.ly/2RoMAPG؛https://bit.ly/3aXyIn8


بعد تردد كبير، حظرت الحكومة السفر بين المدن (حتى 8 نيسان/ أبريل 2020)، وأغلقت أربعة من أهم المقامات الشيعية في البلاد، منها مقام الإمام رضا في مشهد ومرقد السيدة فاطمة المعصومة في مدينة قم، لأن الإبلاغ عن الإصابات الأولى في إيران جاء منها. ومن الجدير بالذكر أن المقامات اكتسبت في السنوات الأخيرة أهمية أيديولوجية ورمزية واقتصادية وسياسية كبيرة للدولة. كما أغلقت المدارس والجامعات، وألغيت صلاة الجمعة، وأغلق البرلمان مؤقتًا. وشنّت الحكومة حملة صارمة على محتكري الكمامات والمعقمات. وكلفت وزارة الصحة جميع الجهات الحكومية - من مؤسسات خدمة مدنية ووزارات وجامعات حكومية - بمراقبة التباعد الاجتماعي عبر السماح لثلث موظفيها فقط بالعمل في أي وقتٍ كان[24].

أقام آية الله خامنئي على مدار العقد الأخير، خاصةً بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2009 وفترة محمود أحمدي نجاد الرئاسية الثانية المثيرة للجدل، تحالفًا سياسيًا وأيديولوجيًا وثيقًا جدًا مع الحرس الثوري الإيراني وقادته الرئيسين. ولم يكن مستغربًا مع استفحال تفشي الوباء، أن يعهد خامنئي إلى اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، بقيادة خطة عسكرية لمواجهة الأزمة بالتوازي مع حملة الحكومة. كانت استجابة الحرس الثوري الإيراني سريعة وحاسمة. فبعد فترة وجيزة من تولي مسؤولياته الجديدة، أعلن باقري عن إنشاء مستشفى ميداني يضم 2000 سرير في طهران. كما قيل إن أحد المستشفيات العسكرية في العاصمة يعالج 1000 مصاب بوباء كورونا المستجد، وإن الحرس الثوري حشد مئات الآلاف من ميليشيا الباسيج لتعقيم شوارع جميع المدن الإيرانية. كما أنشأ مختبرًا متنقلًا لاختبار الإصابة بالفيروس، وبدأ في استخدام منشآت الإنتاج التابعة لوزارة الدفاع لإنتاج أجهزة اختبار ومعدات حماية شخصية بكميات كبيرة[25].

لقد أدرك القادة المدنيون والعسكريون بجلاء أنّ عزل مدن بأكملها في إيران أو حتى أحياء داخل المدن أمرٌ غير عملي وغير مُجدٍ. فالحجر الصحي، على غرار بعض دول أوروبا والصين، يتطلب إدارة قوية لشؤون البلاد في مجالات مثل صنع القرار والتنفيذ وتوفير السلع والخدمات اللازمة، والقبول النسبي من جانب الشعب. ولا وجود لأيٍ من هذه العناصر الضرورية في إيران، والدولة ليست في وضعٍ يسمح لها باقتراح الحجر الصحي أو تنفيذه في جزء أو أكثر من البلاد[26]. كما أن الحكومة غير راغبة في تقييد النشاطات الاقتصادية بطريقة تلحق مزيدًا من الضرر باقتصادٍ هشّ بالأساس.

لم تكن معظم التوترات بين إدارة روحاني والحرس الثوري الإيراني بخصوص التعامل مع الوباء نابعة من اختلافات جوهرية في السياسات، حيث تدور معظمها حول قضايا عملية دنيوية. فمثلًا عندما تدافعت الحشود حول نعش قائد الحرس الثوري الإيراني حسين أسد اللهي، الذي وافته المنية في 21 آذار/ مارس 2020، وجّهت وزارة الصحة انتقادًا مبطنًا عبر تويتر لمنظمي الجنازة، أي الحرس الثوري الإيراني الذي رفض ذلك بشدة[27]. وبالمثل، رفض قائد الحرس الميجر جنرال حسين سلامي عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإرسال مهنيين طبيين إلى إيران للمساعدة في معالجة الوباء، لأنه "خداع وأكاذيب". وبدلًا من ذلك عرض إرسال إمدادات طبية ومساعدة للشعب الأميركي[28]. ورغم أنه جرى في طهران بالفعل تجهيز مجموعة من المستلزمات الطبية بغية إرسالها إلى الولايات المتحدة، فإن المتحدث باسم وزارة الصحة سارع إلى رفض هذه اللفتة باعتبارها غير حكيمة. وقال: "لسنا على الإطلاق في وضعٍ يسمح لنا بإرسال معدات ومستلزمات طبية إلى أي دولة"[29].

حصل تناقض، أيضًا، في المعلومات المتعلقة بالحجر الصحي أو القيود المفروضة على الحركة في المناطق الأشدّ تضررًا. وحصلت أحيانًا خلافات بين جهات حكومية متنوعة ومسؤولين متعددين، بشأن الجهة المخولة بتنسيق سياسات مكافحة الوباء. ففي محافظة جيلان مثلًا، وهي من أشد المناطق تضررًا في البلاد، اعتبر ممثل وزارة الصحة أن اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا هي الجهة الرئيسة المسؤولة عن الحجر الصحي في المدن. في حين زعم أمير حسين غازي زاده هاشمي، عضو هيئة رئاسة مجلس الشورى وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا، أنّ تنفيذ جميع تدابير الحجر من مسؤولية الحرس الثوري الإيراني حصرًا[30].

خاتمة

اتخذت الحكومة الإيرانية، بعد ترددٍ في مواجهة الأزمة والاكتفاء بالأمنيات للخلاص منها، خطوات حاسمة لاحتواء الفيروس والقضاء عليه. وقد كان لإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا، تحت إشراف وزارة الداخلية، دورٌ كبير في ترشيد القرارات وتنسيقها بين مختلف أجهزة الدولة. ومع ذلك، فإن الحدود الفاصلة بين سلطة إدارة روحاني وسلطة الحرس الثوري الإيراني بشأن مكافحة الفيروس لم تكن واضحة تمامًا على الدوام.

لم تختلف مقاربة الحكومة الإيرانية للوباء في عدد من النواحي جوهريًا عن مقاربات العديد من البلدان الأخرى. فلقد قلّلت الحكومات في جميع أنحاء العالم في البداية نتيجةً لتخوفاتها المتعلقة بالشرعية السياسية والأداء الاقتصادي، من التداعيات السلبية المحتملة لانتشار الوباء بين مواطنيها. وحرص الزعماء الشعبويون على الخصوص، والرئيس الأميركي ترامب ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مثالان بارزان، على التأكيد على تطبيع الأوضاع حتى عندما كان الفيروس يفتك بشعوبهم. ولم يكن قادة الجمهورية الإسلامية استثناءً. فعندما أبلغ عن أول حالات رسمية في إيران في قُم، ادعى معظم المسؤولين الإيرانيين أن الوضع تحت السيطرة، وأصر الرئيس روحاني في البداية على أن الظروف ستعود قريبًا إلى وضعها الطبيعي وأنه يمكن الدولة أن تستأنف روتينها المعتاد قريبًا. وظلت المساجد والأضرحة والمباني الدينية الأخرى في قم والمدن الأخرى مفتوحة، وجرت الانتخابات البرلمانية في موعدها. ورفض خامنئي هذه الهستيريا باعتبارها حيلة أميركية ومنتجًا لحرب بيولوجية ضد إيران.

لكن، كما حصل في إنكلترا والولايات المتحدة، لا يمكن مواصلة تجاهل ما كان يحدث حقيقة في مختلف المدن الإيرانية. فسرعان ما انضم إلى قم وطهران مدينة رشت وبقية محافظة جيلان، ومن ثم بقية البلاد. ولم يمرّ وقت طويل حتى أعلنت المحافظات الإحدى والثلاثون عن إصابات ووفيات بسبب الفيروس. وفجأة، بدأ روحاني، الذي كان متفائلًا على الدوام، يؤكد على قتامة الوضع. فاعترف بأن "فيروس كورونا ليس من النوع الذي يمكن تحديد تاريخٍ معيّن للقضاء عليه". وحذّر الإيرانيين من أن الفيروس "قد يظل معنا في الأشهر المقبلة، أو حتى نهاية السنة الإيرانية الحالية"، في آذار/ مارس 2021[31].

على الرغم من جهود الدولة لمكافحة انتشار الوباء واحتوائه، من المرجح أن تستمر معركة إيران معه زمنًا طويلًا. ففي الشرق الأوسط، قليلة هي الدول التي تستطيع مطالبة شعوبها بالتضحيات اللازمة لوقف انتشار الفيروس. وإيران ببساطة لا تملك البنية الأساسية الضرورية لإتاحة العمل عن بعد لمعظم قوة العمل لديها، ولا لتحويل مدارسها وجامعاتها إلى التعليم عن بُعد. ولا يستطيع سوى قلة من الشركات والمتاجر في البلاد مواصلة الإغلاق فترات طويلة، خاصة المتاجر الصغيرة الكثيرة المنتشرة في المدن والبلدات والقرى. والتباعد الاجتماعي غير واقعي وغالبًا ما يكون مستحيلًا في ضواحي المدن، حيث تعتمد أفواج القادمين حديثًا من الريف على العمل اليومي وعلى أساليب عمل أخرى غير منظمة. أما في المناطق الحضرية الأكثر ثراء، حيث يكون العلاج الطبي متاحًا بسهولة أكبر، فقد تسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في إعاقة الوصول إلى المستلزمات الطبية الضرورية والأدوية المطلوبة بشدة.

لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية في الأزمات السابقة، مثل حرب الثماني سنوات مع العراق في ثمانينيات القرن العشرين أو التاريخ الطويل من التوترات مع الولايات المتحدة، براعة خاصة في التعامل مع الأبعاد السياسية لإدارة الأزمات. بيد أن الزمن هو وحده الكفيل بالإجابة عن السؤال: هل سيكون فيروس كورونا أشد إيذاءً وأكثر نجاحًا من صدام حسين أو الرؤساء الأميركيين المتعاقبين؟ لكن جميع المؤشرات الأولية تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية ستنجو من هذه الأزمة أيضًا. والاحتمال الأرجح أن يتواصل نهج الاستبداد الهجين، بل ربما يتسارع التوجه الراهن صوب تمترسٍ أشد للاستبداد. فعندما تواجه الدول الاستبدادية الهجينة أزمات، يُرجّح أن تعتمد على غرائزها في رفع سوية القمع، وإيران ليست استثناء.

يرى كريم سجّادبور أن الفيروس لن يعجّل بانهيار الجمهورية الإسلامية بل "من المرجح أن يسرّع في انتقالها من الحكم الديني إلى الحكم العسكري"[32]. ولا شك في أن الدور البارز جدًا للحرس الثوري الإيراني في مكافحة الفيروس كان مدفوعًا جزئيًا بالرغبة في إصلاح صورته بعد أن أسقط عن طريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية بالقرب من طهران في كانون الثاني/ يناير 2020. وقد يتبين أن تنبؤ سجّادبور صحيح في إيران بعد خامنئي. ولكن من غير المرجح أن يقرر هذا الوباء بمفرده المصائر النهائية للفئات السياسية ومجموعات الشركات في الجمهورية الإسلامية. إن ما فعله الوباء، وسيتواصل بلا شك بعض الوقت، هو زيادة تعقيد المشهد السياسي الذي هو شديد التعقيد، أصلًا، ولا يمكن التنبؤ بمآلاته.


 

[1] “Iran parliament speaker tests positive for COVID-19,” France 24, 2/4/2020, accessed on 9/4/2020, at:

https://bit.ly/2V9IBHO

[2] Reza Dehnavieh, et al., “Future Trends of the Primary Healthcare System in Iran: A Qualitative Study,” International Journal of Preventative Medicine, vol. 10 (2019), p. 158.

[3] Ibid.

[4] The World Bank, Islamic Republic of Iran Health Sector Review (Washington, DC: The World Bank, 2008), p. 92.

[5] Ibid., p. 106.

[6] Dehnavieh, et al., p. 159.

[7] Behzad Damari, “Naghshe-ye Rah-e Howzeh-e Behdasht dar Nezam-e Salamat-e Iran,” (Roadmap of Iran’s Health System), Social Welfare Quarterly, vol. 18, no. 70 (Fall 2018), p. 24. (Persian)

[8] Dehnavieh, et al., p. 162.

[9] Ibid., p. 164.

[10] Hassan Almaspoor Khangah, et al., “Comparing the Health Care System of Iran with Various Countries,” Health Scope (February 2017), p. 2.

[11] Ibid., p. 3.

[12] Ali Muhammad Mosadeghrad & Parisa Rahimitabar, “Olgo-ye Hakemiyat-e Nezam-e Salamat-e Iran: Yek Motale‘eh Tatbighi,” (Health System Governance in Iran: A Comparative Study), Razi Journal of Medical Science, (2019), vol. 26, no. 9, pp. 14, 24.

[13] Hassan Almaspoor Khangah, et al., p. 5.

[14] Mosadeghrad & Rahimitabar, pp. 14, 24.

[15] Kaveh Ehsani, “Voices from the Middle East: US Sanctions on Iran Devastate the Health Sector,” Middle East Report Online, 31/3/2020.

[16] “Iranian Officials Send Mixed Signals on Coronavirus Fight,” Al-Monitor, 1/4/2020, accessed on 9/4/2020, at:

https://bit.ly/2yFkl8K

[17] Ehsani.

[18] Leila Doshmangir et al., “Rahbord-haye Keshvar-haye Sharq-e Asia dar Movajehe-ye Mo‘aser ba COVID-19: Dars-e Amookhteh-hai Baraye Iran,” (Strategies of East Asian Countries in Dealing Effectively with COVID-19: Lessons for Iran), Rahbord-haye Salamat dar Nezam-e Salamat, vol. 4, no. 4 (Winter 2020), p. 371.

[19] “Iranian Officials Send Mixed Signals on Coronavirus Fight.”

[20] Ibid.

[21] Abbas Abdi: Rouhani Bekhater-e Barjam va Hall-e Masa‘el-e Tahrim-ha Mokhalef-e Gharntineh Ast,” (Abbas Abdi: Rouhani Opposes Quarantine Because of JCPOA and Solving the Issue of Sanctions), Aftab News, accessed on 9/4/2020, at: 

https://bit.ly/39SRGtJ

[22] Mehran Kamrava, “National Security Debates in Iran: Factionalism and Lost Opportunities,” Middle East Policy, vol. 24, no. 2 (Summer 2007), pp. 84-100.

[23] ألمح خامنئي أول مرة إلى هذه المسألة في خطاب رأس السنة الجديدة في 22 آذار/ مارس 2020، في:

“US officials are charlatans and terrorists,” Khamenei.ir, 22/3/2020, accessed on 9/4/2020, at: https://bit.ly/2JTGB0Z

[24] أُبطل هذا الإجراء الخاص بعد أن كان نافذًا مدة أسبوعين، من 26 آذار/ مارس إلى 11 نيسان/ أبريل 2020.

[25] Sune Engel Rasmussen, “Iran’s Hard-Liners Clash with Government in Struggle to Contain Coronavirus,” Wall Street Journal, 31/3/2020.

[26] “Abbas Abdi: Rouhani Bekhater-e Barjam va Hall-e Masa‘el-e Tahrim-ha Mokhalef-e Gharntineh Ast.”

[27] “Vakonesh-e Sepah-e Muhammad Rasollullah be Hashiye-ha va Enteghadat Nesbat beh Bargozari-ye Marasem-e Tashii’eh Peykar-e Sardar Asadollahi (Reaction of the Prophet Muhammad Battalion to Stories and Criticism Concerning the Funeral of General Assadollohi),” Khabar Online, 23/3/2020, accessed on 9/4/2020, at: https://bit.ly/2VeBVbn

[28] Rasmussen.

[29] Ibid.

[30] “Setad-e Melli-ye Moghabeleh ba Corona Mas‘oul-e Gharantineh Ast Ya Sepah-e Pasdaran? (Is the National Command for Combatting Corona Responsible for Quarantine or the Revoluitonary Guards?),” Etemad Online, 11/3/2020, accessed on 9/4/2020, at: https://bit.ly/2Vb6Zsy

[31]“Iran parliament speaker tests positive for COVID-19,” France 24, 2/4/2020, accessed on 9/4/2020, at:

https://bit.ly/2XmYz4b

[32] Karim Sadjadpour, “Iran’s Coronavirus Disaster,” Carnegie Endowment for International Peace, 25/3/2020.