تمهيدفاجأت الثّورة السّوريّة طهران وأنقرة، كما فاجأت المتابعين والمراقبين المعنيّين بالشّأن السوريّ، وفاجأت النّظام السوريّ قبل الجميع، إذ أكّد الرّئيس بشّار الأسد في مقابلةٍ مع صحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 31/01/2011 على الاستثناء السوريّ مقارنةً بالبلدان التي تحصل فيها ثورات، مبرّرًا عدم اندلاع انتفاضةٍ في سوريّة آنذاك بـ"قرب النّظام من النّاس وارتباطه الوثيق بمعتقداتهم"، مؤمنًا في الوقت نفسه بأنّ "ورقة الممانعة" ستوفّر حصانةً للنّظام، وأنّ ذلك كفيلٌ بتأمين الغطاء اللّازم له في الدّاخل السوريّ، وواثقًا من عدم حصول أيّ احتجاجاتٍ مستقبليّةٍ.لقد وضعت الثّورة السوريّة كلًّا من إيران وتركيا في مفترق طرق، كاشفةً تناقض الأجندات الإقليميّة للطّرفين، مؤكّدةً ما كان يروّج له البعض بأنّ وجود حلفٍ يضمّ إيران وسوريّة وتركيا وحزب الله في جبهةٍ واحدةٍ ما هو إلّا محاولة لاحتواء الصّعود التركيّ آنذاك ضمن المحور الإيرانيّ في المنطقة العربيّة، ولمنع الاستفادة من دور تركيا في الحدّ من النّفوذ الإيرانيّ، أو الاستعلاء الإسرائيليّ.
وتشير تطوّرات الأحداث إلى أنّ مثل هذا الطّرح لم يكن سوى "وهم"، وأنّ مثل هذه الرّؤية سرعان ما انتهت تمامًا مع اندلاع الثّورة السوريّة التي وضعت كلًّا من إيران وتركيا على طرفي نقيضٍ ورفع حدّة التوتّر في العلاقة بين الطّرفين، ويهدّد هذا المسار بإمكانيّة الصّدام بينهما استنادًا إلى ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في سوريّة، ومايُحتمل أن يكون عليه مصير النّظام السوريّ، الأمر الذي قد يكون على حساب أحد الطّرفين في حال انهيار النّظام أو بقائه.