باحث يمني، عضو هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية في جامعة صنعاء، وباحث غير مقيم في عدد من مراكز الدراسات الإقليمية. شارك في إعداد تقارير إستراتيجية محلية عدة، وقدم عددًا من أوراق العمل في ندوات ومؤتمرات محلية وإقليمية. شارك في تأليف كتابين: "الربيع العربي والذوبان العربي: الثورة التي لم تكتمل وسؤال الديمقراطية" (2013)؛ "إصلاح المؤسسات في المنطقة العربية" (2015).
مقدّمة
إنّ الثّقافة والجغرافيا والاجتماع؛ ومدى تفاقم الأوضاع السّياسيّة؛ ودرجة إلحاح الحاجة للتّغيير؛ أبعادٌ تجعل المشهد الربيعيّ يبدو متميّزًا ومختلفًا في كلّ محطّة. ولا يسع المراقب والباحث والسّياسيّ المحترف إلّا الاعتراف بأنّ ثمّة اختلافًا في كلّ حالة ربيعيّة يميّزها، ناجزةً كانت أو متفاعلةً حتّى اللّحظة. ومعرفة الأسباب الكامنة وراء تميّز كلّ حالة عن مثيلاتها ستكون ضروريّةً لتفسير طريقةِ تطوّرها، وتفاعلها، ولفهمٍ حقيقيٍّ لما يجري، ولرسم توقّعاتٍ واقعيّةٍ لما ستؤول إليه الأمور. وللحالة اليمنيّة اختلافاتٌ تميّزها عن بقيّة حالات "الرّبيع" العربيّة. فمنذ الوهلة الأولى، يمكننا ملاحظة ما يميّز الحالة اليمنيّة، من قبيل المراوحة، واستهلاك الزّمن، وكثافة المساومات، والتّحركات السّياسيّة؛ عدا عن موقفٍ إقليميٍّ ودوليٍّ يبدو متردّدًا ولم يحسم أمره ولم يرتق إلى مستوى المواقف الّتي اتُّخذت في بقيّة الحالات.
تحاول هذه الورقة في ما يلي، الوقوف على خلفيّات الحالة اليمنيّة من خلال تقديم رؤية راصدةٍ وتحليليّةٍ -في الوقت نفسه - لأهمّ الملامح الاجتماعيّة والسّياسيّة الّتي تقبع خلف الصّورة الرّاهنة للمشهد اليمنيّ وتجعله مختلفًا.