العنوان هنا
تقييم حالة 20 فبراير ، 2011

تفجيرات الإسكندرية

الكلمات المفتاحية

هشام سليمان

مدرس مساعد في ـ"قسم العلوم السياسية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة". وهو حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية والاقتصاد كتخصص فرعي عام 2005 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة القاهرة. وحاصل على درجة الماجستير في حل النزاعات وبناء السلام من "جامعة نوتردام بالولايات المتحدة الأميركية" عام 2008. له – منفردا وبالتعاون مع آخرين – عدد من الدراسات والترجمات والكتابات المنشورة في دوريات مطبوعة وإلكترونية في مجالات العلوم السياسية وحقوق الإنسان ودراسات السلام وحل النزاعات والاقتصاد. عمل مساعدا لعدد من كبار الأكاديميين والباحثين في جامعتي القاهرة ونوتردام ولدى عدد من المراكز البحثية المرموقة. وتلقى تدريبا عمليا على طريقة عمل "الكونغرس" في العاصمة الأمريكية، وعلى آليات حل النزاعات لدى بعض المنظمات الدولية غير الحكومية في الفلبين. وشارك في عدد من المؤتمرات والحلقات النقاشية والبرامج الحوارية بمصر والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.

على الرغم من بشاعة التفجيرات التي استهدفت المصلين الأقباط وكنيستهم في الإسكندرية، فإن ما تبع هذه الحادثة من ردَّات فعل كان أهم وأخطر من التفجير ات نفسها. فالهبّة القبطية أتت لتعبر عن شعور بالظلم والاستضعاف. وهذا الشعور الكامن في الصدور وجد فرصة للتنفيس. فتداعي الشعور بالهوية الوطنية، وسوء إدارة مؤسسات الدولة لمطالب الأقباط، والتضييق الديني والاجتماعي، عوامل جعلت غضبة الأقباط أكبر من مجرد احتجاج على حادث تفجيري. وهو ما يفرض ضرورة الإسراع في التعامل الجدي مع هذه المشكلات والمطالب في إطار المواطنة المؤسسة على المساواة في الحقوق والواجبات، والتي لن تجد فرصة لتحققها أفضل من انتصار ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الشعبية.

اندلعت تظاهرات واحتجاجات واسعة في مصر بعد التفجيرات التي استهدفت المصلين خلال مغادرتهم كنيسة القديسين في الإسكندرية بعد انتهاء قداس رأس السنة، أي في 1/1/2001. وقد أودت التفجيرات بنحو 24 مواطنا مصرياً قبطياً فضلا عن نحو مئة جريح. لم تكن المرة الأولى التي يخرج فيها الأقباط ليعبروا عن غضبهم في احتجاجات سلمية ترفع شعارات دينية، والصليب معاً. لكن الاحتجاجات هذه المرة تميزت بانتشارها على نطاق واسع شمل مدينة الإسكندرية التي شهدت الواقعة الدامية، وعدداً من المدن الأخرى، في حين حظيت العاصمة القاهرة بأكبر الاحتجاجات التي نظمها الأقباط الغاضبون الذين عرفوا مؤخراً طريقهم إن التظاهر في الشارع، بعيداً عن البطريركية وساحات الكنائس. وحتى اليوم لم يتم التأكد من هوية مرتكبي الحادث على الرغم من إلقاء وزارة الداخلية المصرية باللائمة على "جيش الإسلام" الفلسطيني التابع لتنظيم القاعدة، وتوجيه اتهام رسمي لوزير الداخلية حبيب العادلي بأنه وراء الهجوم [1]

على الرغم من تأكيد المسؤولين أن التفجيرات لا تحمل أبعاداً طائفية، إلا أن ردات الأفعال أظهرت عدم اقتناع قطاعات واسعة من الأقباط بهذه التصريحات. وهو ما ظهر بعد الحادث مباشرة حين قام عدد من الأقباط بمهاجمة مسجد قريب من كنيسة القديسين التي استهدفها الهجوم، كما تواترت أخبار عن تعرض عدد من المسؤولين والوزراء لهتافات معادية لهم خلال زيارتهم الكاتدرائية الكبرى في العباسية لتقديم التعازي لقداسة "البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية". بل إن قداس تشييع الضحايا شهد صيحات وهتافات أطلقها الشبان الأقباط الغاضبون ضد رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي تكرر في أكثر من تظاهرة احتجاجية سلمية للشبان الأقباط، والتي شاركهم فيها عدد كبير من المسلمين، ولا سيما الشبان المنتمين إلى تيارات سياسية وفكرية مختلفة، تعبيراً عن تضامنهم مع الأقباط ضد التطرف الديني والتمييز الذي تمارسه الدولة، وعن دعمهم لمطالب الأقباط ومنحهم حقوق المواطنة كلها, علاوة على مطالبة المتظاهرين بإقالة وزير الداخلية لأن وزارته أخفقت في توفير الحماية للكنائس، مع أن القاصي والداني كان يعلم أن الكنائس مستهدفة، ولا سيما أن تنظيم القاعدة كان وجه قبل فترة وجيزة تهديدات باستهداف الكنائس المصرية، بعد تفجير كنيسة النجاة في العراق. وفي سياق تهديداته، طالب التنظيم بأن يقوم البابا شنودة بإطلاق سراح من وصفهن بــِ"الأسيرات المسلمات"، في إشارة إلى زوجات ثلاثة كهنة مسيحيين أشيع أنهن اعتنقن الإسلام من دون وجود دليل قاطع على صحة هذه المعلومات. إلا أن الشكوك تزايدت في شأن صحة الوقائع عندما احتجزت الكنيسة المصرية السيدات في أماكن تابعة لها بعيداً عن الإعلام، ولم تسمح لهن بالظهور وهن:وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وماري زكي عبد الله. كما يجب عدم إغفال الإدانات الدولية التي صدرت عن الفاتيكان وعدد من الحكومات الأوروبية وبعض جماعات أقباط المهجر، وإن كان التصريح الأكثر حدة جاء على لسان بابا الفاتيكان الذي طالب بضرورة توفير الحماية لمسيحيي الشرق [2].


[1] جريدة "اليوم السابع"، "جيش الإسلام" الفلسطيني يقف خلف تفجير "القديسين"، 11 /2/2011. http://youm7.com/News.asp?NewsID=341987؛ وقد ظهرت اتهامات بحق وزير الداخلية المقال حبيب العادلي بأنه هو المدبر الحقيقي لهذه التفجيرات. ويجري التحقيق حالياً للتأكد من صحة هذه الاتهامات. http://youm7.com/News.asp?NewsID=348041

[2] أثار هذا التصريح حفيظة الحكومة المصرية وأسفر عن توتر شديد في العلاقات مع الفاتيكان وُسحبت السفيرة المصرية لدى الفاتيكان. كما أعلن شيخ الأزهر تعليق الاجتماعات الدورية للجنة الحوار بين الأديان مع الفاتيكان. لمزيد من التفصيلات راجع: الموقع العربي لهيئة الإذاعة البريطانية. "مصر تستدعي سفيرها لدى الفاتيكان"، 11/1/2011.http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast
/2011/01/110111_egypt
_vatican_envoy.shtml، وجريدة الأهرام، شيخ الأزهر: حديث بابا الفاتيكان عن اضطهاد المسلمين للأقباط غير صحيح، 22/1/2011. http://gate.ahram.org.eg/News/34546.aspx في حين حاولت بعض جماعات أقباط المهجر استثمار هذه الحادثة ونجحت في عقد جلسة استماع في الكونغرس الأميركي على أمل توقيع المزيد من الضغط على الحكومة المصرية لتحسين ظروف الأقباط. انظر: جريدة "اليوم السابع"،"الكونغرس الأميركي يعقد جلسة استماع لمناقشة قضايا أقباط مصر"، 17/1/2011.
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=338526&