العنوان هنا
تقييم حالة 02 يونيو ، 2016

الجزائر: التأسيس لجمهورية ثانية أم إعادة إنتاج النظام السياسي؟

الكلمات المفتاحية

​ماهر قنديل

باحث سوري-جزائري حاصل على درجة الماجستير في الحقوق والعلوم السياسية، من جامعة "نيس صوفيا أنتيبوليس" سنة 2015 له مساهمات في العديد من المواقع الإعلامية، مشارك في مشروع تطوير محتوى "ويكيبيديا" باللغة العربية منذ سنة 2011

مقدمة

تشهد الجزائر حراكًا سياسيًا مهمًّا؛ تؤدي فيه السلطة، والأحزاب، والمجتمع المدني، والإعلام دورًا مؤثرًا، وقد يقود في نهاية المطاف إلى العبور من السيطرة العسكرية إلى سيادة المجتمع المدني، إذ تسعى المؤسستان التمثيلية والحزبية إلى تنفيذ - ما يمكن عَدُّه - انقلابًا ناعمًا على المؤسسة العسكرية. وتمثلت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه بتحييد المؤسسة الأمنية العسكرية (ذراع المؤسسة العسكرية القوية) من المشهد السياسي الذي احتكرته بدرجات متفاوتة، منذ استقلال البلاد سنة 1962.

وتمثّل الحدث المهمّ الآخر، بالقرار الذي تقدّم به رئيس الجمهورية لتعديل الدستور، والذي وافق عليه ثُلثَا أعضاء البرلمان بغرفتيه مع بداية السنة الحالية (2016). وتمّيز هذا التعديل الدستوري، بإعطاء سلطة أكبر للسلطات الثلاث والمؤسستين الحزبية والمدنية، ويعَدّ هذا التعديل أهمّ تعديلٍ منذ تعديل الدستور سنة 1989 الذي أقرّ التعددية الحزبية والانفتاح الإعلامي.

وقد جعلت هذه التحولات الأخيرة، المتمثلة بتحييد العسكر وتعديل الدستور، الساحةَ الحزبية والمدنية تنتعش من جديد. وبدأت المؤسستان (الحزبية والمدنية) محاولة إعادةَ ترتيب الأوراق لمواكبة التغيرات. ونتج من ذلك تبلور جبهتين براغماتيتين بارزتين من خلال إطلاق مبادرتين؛ إحداهما مبادرة "هيئة التشاور والمتابعة"، وهي تجمع معظم أطياف المعارضة للسلطة المكونة من أحزاب، وجمعيات، وشخصيات مستقلة، في تكتل واحد مُوازٍ للسلطة، وشعارها المنشود هو الانتقال السلمي الديمقراطي، ووضع أسس جمهورية ثانية، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في حال استمر مرض الرئيس. أمّا المبادرة الأخرى، فهي مبادرة "الجدار الوطني" التي أقامتها الأحزاب السياسية، وجمعيات المجتمع المدني، والنقابات، لِلَملمة أطياف الموالاة والأغلبية التمثيلية في تكتل آخر، مبادئه الأساسية صدّ أيّ محاولات للمساس بأمن الجزائر، ومساندة الرئيس حتى إتمامه فترته الرئاسية سنة 2019. وفي الوقت نفسه، ينبغي عدم إغفال وجود اتجاهات وتيارات سياسية أخرى خارج هاتين الجبهتين في الساحة الجزائرية. وتضمّ هذه الاتجاهات بعض الأحزاب التي كان لها نفوذ قوي وبعض الشخصيات المهمة.